نجدة أنزور في "وحدن": تجييش طائفي في خدمة العسكر

نجدة أنزور بمسلسل "وحدن": تجييش طائفي في خدمة العسكر

19 مايو 2018
من المسلسل (يوتيوب)
+ الخط -

رغم أن الموسم الرمضاني لا يزال في بدايته، ومن المبكر الحديث عن محتوى المسلسلات التي تعرض فيه، إلا أن بعض المسلسلات تمكنت منذ الحلقة الأولى من البوح بكل أسرارها، ومنها مسلسل "وحدن" للمخرج السوري نجدة أنزور، الذي يعرض على قناتي "سما" و"سوريا دراما"، إذ بدا واضحاً منذ الحلقة الأولى من المسلسل أن أنزور يلعب على أوتار الطائفية للترويج للعسكرة.

تدور أحداث المسلسل في إحدى الضيع السورية، التي يعيش فيها مجموعة من المسلمين والمسيحيين بحب وسلام، حتى تقوم جماعة إرهابية باستهداف أمن الضيعة وإثارة النعرات الطائفية. إذ يبدأ المسلسل بحادثة تعرّض مجموعة من الإرهابيين لشاب مسيحي كان يسير رفقة صديقه المسلم خارج الضيعة، ثم يقوم "الإرهابيون" باختطاف الشاب المسيحي، بينما تركوا صديقه المسلم يعود إلى الضيعة، واكتفوا بضربه على رأسه فقط، وهو الأمر الذي يزرع الشك لدى والد الشاب المسيحي بأن يكون رفيقه المسلم متورطا في عملية الاختطاف، ضمن محادثة تتم بحضور رجال الضيعة.

وتكشف المحادثة أنه سبق وأن اختطف من قبل 12 شابا مسيحيا من الضيعة، في حين لم يتعرض الشباب المسلمون للأذية.

تسير في خط متوازٍ مع هذه القصة، مشاهد لعلاقة حب غريبة الأطوار، تجمع شابا مسيحيا في مقتبل العمر بفتاة تكبره بعشرة أعوام. قبيل نهاية الحلقة، يلتقي هذا الشاب بالقسيس أمام كنيسة الضيعة، ويخبره برغبته في الزواج من تلك الفتاة، فيحاوره القسيس ويناقشه في مفاهيم الحب والارتباط والوطن، وينتهي الحوار بإقناع القسيس للشاب بأن عليه في هذه المرحلة من العمر الذهاب إلى الجيش، وتأجيل فكرة الزواج حتى ينضج مفهوم الحب لديه!

هذه الدعوة المباشرة لمناصرة العسكرة، ترد على لسان شخصية ذات مكانة دينية في المسلسل، لدى الطائفة الدينية التي يستهدفها "الإرهابيون"، مما يشير إلى محاولة أنزور استثمار الخوف الموجود لدى المسيحيين السوريين من الإسلاميين المتشددين، والذي زرعه النظام لديهم، في محاولة منه لكسب الأقليات، وذلك في سبيل تجنيدهم لصالحه.




لا يعتبر هذا العمل أول المسلسلات السورية التي تدعو بشكل صريح إلى التجنيد، لكن تبدو هذه النسخة هي الأسوأ أخلاقياً والأكثر رداءة فنياً؛ فعادةً ما يتم التحدث في الدراما السورية التابعة للنظام عن أهمية التضحيات التي يقدمها الجنود ويتغنون بها، ويشجعون الشباب على التطوع في الجيش لخدمة الوطن، لكن تلك الأحاديث لا تحدد طائفة بعينها لتجندها، ولم يسبق أن استثمرت الطائفية والإسلاموفوبيا لتجنيد الأقليات ضمن الأعمال الدرامية.

وليس غريباً أن يكون صاحب هذه المبادرة هو مخرج النظام الأبرز، نجدة أنزور، الذي شغل مناصب سياسية اعتبارية لدى النظام السوري، وتسلم منصب نائب رئيس مجلس الشعب في الدورة الأخيرة. وذلك بعد جهوده الغفيرة في الدراما السورية، إذ قدم منذ انطلاقة الثورة السورية وحتى اليوم العديد من الأعمال التي تروج لمفاهيم النظام بشكل مباشر، وأسفر عمله "الوطني" في الدراما السورية إلى ترفيعه السياسي.

المساهمون