آثار غزّة: حملة شبابية لإنقاذها من الإهمال

آثار غزّة: حملة شبابية لإنقاذها من الإهمال

22 اغسطس 2015
الآثار لم تسلم من تدمير الاحتلال (عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
تبددت حالة الإعجاب التي أصابت الشابة الفلسطينية أمل حماد، عندما وطأت قدماها لأول مرة أرض تلة أم عامر الأثرية، وسط قطاع غزة، إلى حالة من الذهول الممزوجة بالحسرة، بعدما رأت علامات الإهمال والتهالك بارزة على الموقع الأثري، الذي يعود تاريخه إلى العصر البيزنطي القديم.

وتمكنت حماد (20 عاماً) برفقة عشرات الشبان من زيارة بعض المواقع والمباني الأثرية المنتشرة في مختلف أنحاء القطاع، ضمن رحلة سياحية، نظمها فريق "ديرنا الشبابي"، في إطار حملة تسعى للتعريف والحفاظ على الآثار، التي هي جزء لا يتجزأ من الموروث الثقافي الفلسطيني.

وتهدف الحملة إلى استنهاض همم الشباب، وحثهم على زيارة المواقع الأثرية بشكل دوري، وكذلك دعوة الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام المختلفة، إلى تركيز صورهم وكتاباتهم عن الآثار، التي تعاني من ضعف اهتمام السلطات المحلية بجانب الاعتداءات الإسرائيلية عليها بطرق مختلفة ولأهداف خبيثة.

اقرأ أيضاً: غزّة: مهرجان فنيّ لدعم حقّ الأسرى بالإضراب عن الطعام

وبينت الشابة أمل لـ "العربي الجديد" أن الظروف الحياتية الصعبة التي يمر بها القطاع منذ فرض الحصار الإسرائيلي الظالم عليه قبل نحو تسع سنوات، ساهمت بشكل غير مباشر بإهمال المواقع الأثرية، سواء من قبل المواطنين أو الجهات المسؤولة، رغم أن أرض غزة غنية بالمعالم العريقة الضاربة في أعماق التاريخ.

ويوجد في غزة عشرات المباني الأثرية والمواقع التاريخية، المسجّل بعضها على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي، كمسجد المحكمة البردبكية، المبني على الطراز المملوكي، ومسجد الظفردمري، وتل العجور، وكذلك أرضية موقع الكنيسة البيزنطية المكسوة بالفسيفساء، وكنيسة القديس برفيريوس، التي بدأ تشييدها عام 407 ميلادية.

وقال منسق فريق ديرنا الشبابي، حسان أبو صفر، إن الجولات الميدانية تسعى إلى توعية الجمهور الفلسطيني بأهمية الآثار ورصد الانتهاكات الجارية بحقها دون رقابة، وكذلك تعريف الصحافيين الجدد بالمعالم الأثرية، الأمر الذي يساهم في إيجاد حالة ربط بين الإعلام المحلي في القطاع والمقدرات الفلسطينية الأصيلة.

وأوضح أبو صفر لـ "العربي الجديد" أن الفريق ينفذ بشكل دوري حملات مجتمعية تحث على حماية الآثار، وتستهدف في غالبيتها فئة الشباب بجانب الأطفال، مشيراً إلى أنّ إحدى مبادرات الفريق تمكنت خلال العام الماضي من إعادة افتتاح مقام الخضر، أمام الزوار، والذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث الميلادي.

وتشمل الجولة الشبابية الواحدة، عشرة مواقع، مثل: قلعة برقوق في مدينة خانيونس، جنوب القطاع، ومقام الخضر وتلة أم عامر وسط القطاع، وقصر الباشا، بجانب زيارة مدينة غزة القديمة والتعرف إلى العديد من الأماكن التي تشير إلى عراقة المدينة، وقدرتها على احتضان مختلف الطوائف الدينية على مر العصور، دون تمييز.

اقرأ أيضاً: فرق المدائح النبوية تزدهر في غزّة

وتكفل العديد من الأمم والشعوب التي عاشت على أرض فلسطين لقرون طويلة، بإعطاء الشعب الفلسطيني عمقا في سجلات التاريخ ومورثا حضاريا قيما، وبمقابل ذلك دأب الاحتلال الإسرائيلي منذ نكبة عام 1948 على سرقة المقدرات والمعالم التراثية أو تزويرها بما يتوافق مع سياساته الاستيطانية.

وأكدّ رئيس قسم التاريخ والآثار في الجامعة الإسلامية في غزة، الدكتور غسان وشاح، أهمية تعريف الأجيال الصاعدة بمعالم الحضارة، في ظل محاولات الاحتلال تدمير الشواهد الحية التي تبث هوية الإنسان الفلسطيني في هذه الأرض وأحقيته التاريخية والدينية بها.

وأضاف وشاح لـ "العربي الجديد": "يعد قطاع غزة بمثابة سفينة ترسو على كنز أثري ثمين مدفون في باطن الأرض، ورغم ذلك لا يوجد حتى الآن متحف وطني يعرف بالمعالم التاريخية الموجودة في القطاع، ويضم في ذات الوقت كافة المقدرات الأثرية والقطع القديمة التي اكتشفت طوال العقود الماضية في غزة ومحيطها".

اقرأ أيضاً: منتجع للحياة.. على شاطىء الموت في غزّة

ولفت إلى أهمية وجود حالة ربط بين الدراسة الأكاديمية للتاريخ وبين تنظيم الزيارات الميدانية للمعالم القديمة، الأمر الذي يزيد مستوى المعرفة لدى الطلبة، مبيناً أنّ الاحتلال استهدف خلال حروبه الثلاث على القطاع في السنوات القليلة الماضية، غالبية المواقع الأثرية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وقدرت وزارة السياحة والآثار في غزة، مجمل الخسائر المباشرة التي لحقت بالمباني الأثرية والتاريخية، نتيجة الحرب الأخيرة على القطاع، صيف عام 2014، بما يزيد على 650 ألف دولار، مشيرة إلى أن معالم الخراب التي أصابت بعض المواقع والمباني في حربي عامي 2009 و2012 ما زالت باقية على حالها دون ترميم.

اقرأ أيضاً: عطّلته الإصابة.. فرسم فلسطين بحروقه

المساهمون