لانا ديل راي: إذا عدتُ إلى كاليفورنيا

لانا ديل راي: إذا عدتُ إلى كاليفورنيا

10 سبتمبر 2019
تسخر من الرجال المتسلطين(Getty)
+ الخط -
قبل أيام، أصدرت المغنية الأميركية، لانا ديل راي، عملاً غنائياً جديداً، حمل اسم "Norman Fucking Rockwell"، وهو الألبوم الرسمي السادس لـ ديل راي في رحلتها الفنية الممتدة لعشرة أعوام. في الألبوم الجديد، تبتعد ديل راي خطوة أخرى عن موسيقى البوب التي ابتدأت منها. تنقلت الفنانة الأميركية، في الأعوام الماضية، ما بين العديد من الأنماط الموسيقية المختلفة، كـ"التريب هوب" و"السايكاداليك روك" و"الإندي بوب"، لتعتمد بألبومها الجديد بشكل رئيسي على موسيقى "السوفت روك" و"الفولك روك". 

يحيلنا عنوان الألبوم وصورة الغلاف الخاصة به إلى زمنٍ مضى؛ فصورة الغلاف التي تجمع لانا ديل راي بـ ديوك نيكلسون (حفيد الممثل جاك نيكلسون) على متن سفينة شراعية، تبدو شديدة الشبه بملصقات الأفلام الأميركية في منتصف القرن الماضي، أي عندما كان الرسام الأميركي الشهير نورمان روكويل (الذي يعود إليه اسم الألبوم) يصمّم ملصقات الأفلام والألبومات التجارية؛ ليبدو واضحاً أن ديل راي تقودنا بألبومها الجديد نحو ثقافة "الكيتش" في تلك الحقبة. تدعم هذا الخيار باستغنائها عن معظم المكونات الموسيقية الأكثر حداثة، ولا سيما الموسيقى الإلكترونية، لصالح البيانو والغيتارات الكلاسيكية، لتساهم الموسيقى بضبط ملامح الصورة.

كذلك، فإن إقحام ديل راي لكلمة "فاكينغ" كاسم أوسط في الألبوم، وكتابة العنوان ضمن إطار يوحي بالهزلية، يُبين أن سبب عودة ديل راي إلى تلك الحقبة ليس نابعاً من دوافع نوستالجية، وليس بغرض الإشادة بالقيم السائدة بتلك المرحلة؛ بل على العكس من ذلك تماماً، هو بغرض انتقادها، ولا سيما أن العديد من الأفكار الذكورية التي روجت لها السينما الأميركية في تلك الحقبة، لا يزال المجتمع يعاني من انعكاساتها حتى اليوم.

في أغاني الإصدار، تبدو هناك العديد من الإشارات إلى الأفكار التي كانت سائدة في السينما الأميركية منتصف القرن الماضي، كالتعاطي مع كاليفورنيا كأرض الأحلام، وتجسيد العلاقة بين الرجل والمرأة كعلاقة بين مسيطِر ومُسيطَر عليه، فالتغني بالرجولة والعنف يبدو من سمات الألبوم. في أغنية "California" تردد: "إذا عدت إلى كاليفورنيا، عليك أن تضربني، لأنه هكذا يكون الحب المجنون، سنسافر أينما تريد ونفعل ما تريد لنستمتع". وفي أغنية "Venice bitch"، تربط ديل راي ما بين العنف والحب مجدداً، من خلال ما تردده في لازمة الأغنية: "bang bang, kiss kiss"، وكأن أصوات الطلقات النارية لها مفعول القبلة بالنسبة إليها، لتجسد صورة مازوخية، تشبه إلى حد بعيد الصورة النمطية التي رسمتها السينما الأميركية للمرأة في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

الخضوع والطاعة هما السمتان الرئيسيتان للمرأة العاشقة، كما تبين ديل راي في أغاني الألبوم، فمثلاً في أغنية "Love Song" تقول ديل راي: "في السيارة، في المقعد الخلفي، أنا حبيبتك، نحن نذهب بسرعة ولا نتحرك، إنني أثق في المكان الذي تأخذني إليه".


تسخر ديل راي من الصورة التي تكونها في الألبوم في بعض المقاطع، ففي أغنية "Mariners Apartment Complex" تقول: "أنا رجلك"، وكأنها جملة رومانسية في علاقتها مع رجل، عندما يكون الرجل ضائعاً في عرض البحر وغير قادر على تحديد المسار الصحيح.

لعلّ تقمص ديل راي للشخصية المازوخية المفترضة بالعلاقة ما بين الرجل والمرأة، لا يمكن قراءته إلا كضرب من السخرية في لعبة تبادل الأدوار التي تتقنها الفنانة، لتبدو من خلال تقمص هذا الدور وكأنها تسخر من الرجال الذين لا يزالون يحاولون إثبات ذاتهم من خلال لعب دور المتحكم والمسيطر، وتوضح من خلاله الأفكار والعبارات الساخرة التي تقحمها كصوت داخلي غير مصرح به في العلاقة يعكس استخفاف المرأة الراضخة بالعقلية الذكورية، وتسخر من رغبة الرجل بأن يكون أقوى وحاجته المستمرة لإثبات الذات.



المساهمون