تقاطع 5 /6 في الدوحة: معلم معماري لتأريخ الحصار

تقاطع 5 /6 في الدوحة: معلم معماري لتأريخ حصار قطر

09 ابريل 2018
تنوّع معماري يجمع بين التراث والحداثة(معتصم الناصر)
+ الخط -
يرمز تقاطع 5/ 6، الذي أصبح أحد أشهر معالم العاصمة القطرية الدوحة منذ افتتاحه منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، إلى الحصار المفروض على قطر، الذي اقترب من عامه الأول، مسجلاً عاماً فارقاً في تاريخ شعوب المنطقة التي ترتبط بأواصر الدم والدين والتاريخ المشترك.

عام ترك جرحا غائرا في قلوب الملايين من أبناء الخليج، الذين عصفت بهم أسوأ أزمة سياسية، وصلت آثارها إلى كل بيت في الخليج، بل في المنطقة العربية، وتسببت بحرمان القطريين ومعهم المقيمون من أداء الحج والعمرة، وطرد المئات منهم من الأراضي المقدسة، في شهر رمضان الماضي، حيث طلبت دول الحصار من القطريين مغادرة أراضيها، ومن رعاياها مغادرة قطر، تحت طائلة عقوبة السجن والغرامة.

حين وضعت اللبنات الأولى للتقاطع الذي يربط قلب الدوحة، بمدينة لوسيل، قبل ثلاثة أعوام، لم يكن يدور في خلد أحد، أن هذا التقاطع الحيوي، الذي كان يسمى "تقاطع القوس"، سيكون شاهدا على مرحلة وتاريخ جديدين في قطر، تاريخ يجسد الإنجاز والتحدي والانتصار على الحصار، رغم الألم، وظلم ذوي القربى.

أصبح تقاطع "5/ 6"، من المعالم المعمارية المهمة في الدوحة، ويمثل القوسان المبنيان عليه مزيجاً فريداً من الحداثة والتراث، وتعتبر أقواس تقاطع 5/ 6، أضخم وأطول معلم في قطر بارتفاع 100 متر وعرض 147 متراً، ويصل وزنها إلى أكثر من 9300 طن من الحديد، بخلاف المواد الأخرى وشارك في إنجازه أكثر من 4 آلاف عامل.

ويشتمل التقاطع على 5 أنفاق و3 جسور، منها جسر الحي الثقافي الذي ينقل الحركة المرورية إلى خارج الدوحة، وتقاطع اللؤلؤة -لوسيل الذي يضم طريقاً للمترو، المقرر انطلاقه خلال عامين، ونفقان وجسر، وقد ساهم في تخفيف الزحام المروري في المنطقة.



ويمثل طريق لوسيل السريع المرتبط بتقاطع 5 /6، طابعا معماريا مستوحى من التراث البحري القطري ومزيجا بين ماضي قطر ومستقبلها، فالجداريات التي تزين الأنفاق في المشروع بلونها الأزرق مستوحاة من تموجات شباك الصيد تحت الماء، كما تم اختيار جميع العناصر الأخرى في التصميم بعناية، فأعمدة الإنارة ستنير باللون الأزرق أيضاً على الطريق الممتد على الساحل الشمالي للدوحة وواجهته البحرية.

وتفرض كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، حصارًا جوياً وبرياً وبحرياً على قطر، منذ الخامس من يونيو/حزيران 2017، بحجة تمويل الإرهاب، وهي الحجة التي رفضتها الدوحة، مؤكدة أن إجراءات دول الحصار تستهدف سيادتها واستقلالها.

ونجحت قطر على مدى أشهر الحصار الطويلة، في إحباط مخططات دول الحصار، التي حاولت من خلال إجراءاتها ضرب الاقتصاد القطري، وإسقاط الدولة، فنجحت خلال أيام قليلة في إنشاء طرق تجارية بديلة ومباشرة مع عدد من المناطق الاستراتيجية في جميع أنحاء العالم، وتغلبت على تأثير إغلاق المعبر الحدودي البري الوحيد "معبر سلوى" الذي يربطها بالسعودية، من خلال ميناء حمد البحري، الذي يعد واحدا من أكبر الموانئ في المنطقة، ومن خلال مطار حمد الدولي والخطوط الجوية القطرية، التي تصل طائراتها إلى أكثر من 150 وجهة في العالم.

وتمثّل التحدي الأبرز الذي واجهته قطر في عدم تأثر مشاريع كأس العالم 2022، التي ستقام في قطر، وتبلغ ميزانيتها 200 مليار دولار، بسبب الحصار، إذ أكد الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث، حسن الذوادي، في تصريحات صحافية، أن التحضيرات بالنسبة لكأس العالم 2022 قائمة على أكمل وجه وحسب الجدول الزمني، وأن الحلول المتبعة في ظل الأزمة الخليجية الراهنة فعالة، وأن بلاده كانت قد وضعت خططا بديلة، وهذه الخطط البديلة، أوجدت حلولا أفضل من ناحية الجودة والسعر.



وأظهر تقرير لصندوق النقد الدولي نشر مطلع شهر مارس/آذار الماضي أن الأثر الاقتصادي والمالي المباشر على قطر نتيجة للمقاطعة الدبلوماسية المفروضة عليها من بعض الدول العربية الأخرى آخذ في التلاشي، وقال الصندوق في تقرير استند فيه إلى مشاورات رسمية مع قطر إن النظام المصرفي القطري تعافى من نزوح الأموال الذي حدث في بداية القطيعة الدبلوماسية، وإن الاقتصاد من المتوقع أن ينمو 2.6 في المائة هذا العام.

وزاد احتياطي النقد الأجنبي لقطر 2.9 مليار دولار إلى 17.7 مليار وفق ما ذكره بنك "إتش.إس.بي.سي" في تقرير لعملائه، مضيفاً أن تحسن وضع الاحتياطي الأجنبي يرجع جزئيا إلى استمرار تحسن الميزان التجاري القطري.

المساهمون