أمير تاتالو... تذكرة باتجاه واحد من تركيا إلى إيران

أمير تاتالو... تذكرة باتجاه واحد من تركيا إلى إيران

30 يناير 2020
يواجه اتّهامات بترويجه لنشر الفساد والمخدرات (فيسبوك)
+ الخط -
في سبتمبر/ أيلول من عام 2018، نشر المغني الإيراني المعروف بـ تاتالو، على حسابه في إنستغرام، نصّاً ينتقد فيه مراسم وشخصيات دينية، مشيراً إلى أنه لم يعد مسلماً. لاحقاً، حذف تاتالو المنشور، ونشر آخر أكّد فيه إسلامه، وأشار إلى أنّ اسمه أمير حسين. لكن السلطات الإيرانية لم يرق لها الأمر، وواظبت على مطاردة الفنان، ليُعتقل، قبل يومين، في تركيا، بعد طلب رفعته إيران للشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول".
نقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن المتحدث باسم الشرطة الإيرانية، أحمد نوريان، قوله إن الشرطة بعد تلقيها طلباً من المراجع القضائية الإيرانية لاعتقال تاتالو، خاطبت الإنتربول وتم إصدار الإشعار الأحمر بحقه، إلى أن تم اعتقاله في تركيا.
وقبل ساعة من نشر نبأ اعتقاله، تحدث تاتالو على صفحته في إنستغرام عن اعتقاله، وقال إن الشرطة التركية تعتزم تسليمه لإيران. كما كتب قبل أيام أنه بصدد مغادرة تركيا متجهاً إلى لندن.
بحسب الشرطة الإيرانية، ليس ذلك المنشور هو السبب الوحيد لاعتقاله، وإنما أيضاً بسبب "تشجيع المغني للشباب الإيرانيين على تعاطي المخدرات، وخصوصاً حبوب الهلوسة، ونشر الفساد". لكن مواقع إلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي عزت سبب الاعتقال إلى إهانته "المقدسات الدينية".
تاتالو مغني راب معروف في إيران، اسمه الحقيقي هو أمير حسين مقصود لو، وله أكثر من مليونين و400 ألف متابع على إنستغرام، وأحياناً يصل عدد التعليقات على منشوراته في صفحته إلى قرابة 16 مليوناً.
بدأ تاتالو مشواره الفني عام 2004، بعد تأسيس مدونة نشر أغانيه فيها، لكن بعدما أصبح له موقع بين المغنين الشباب، أصدر عام 2012 أول ألبوم بعنوان "تحت الطابق الأرضي". ثم أصدر ألبوم "تليتي" عام 2013 يضم 15 أغنية.
إلا أنه بعد ذلك، ودّع عالم الغناء والموسيقى لفترة بسيطة، ثم عاد إليه، واعتقل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 من قبل شرطة الآداب بطهران، لكن تم الإفراج عنه بعد يومين.
شخصية تاتالو ليست مثيرة للجدل فقط بسبب مظهره الغريب أو أغانيه أو كتاباته الافتراضية، بل إنه أثار عام 2013 جدلا سياسيا واسعا بين الإصلاحيين والمحافظين بعد ظهوره بجانب المرشح الرئاسي المحافظ إبراهيم رئيسي، وهو رئيس السلطة القضائية حاليا، ودعمه له، ولاحقاً تم تكريمه في مقر وكالة "فارس" المحافظة من قبل شخصيات محافظة.
حينها، وجّه الناشطون الإصلاحيون انتقادات شديدة للمحافظين، متهمين إياهم بالاقتراب من شخصية فنية غريبة الأطوار لكسب أصوات مؤيديه، إلا أنهم ردوا قائلين إن تاتالو قد تاب عن تصرفاته الغريبة "غير الأخلاقية"، وأنه أصبح "شابا ملتزما".

وبعدما نشر تاتالو، العام الماضي، كتابة تضمنت "إهانات لشخصيات إسلامية"، وظّف الإصلاحيون ذلك في صراعهم السياسي مع المحافظين، واستدعوا دعمه لمرشحهم إبان الانتخابات الرئاسية عام 2013. إلا أن المحافظين تبرأوا منه بعد هذه الإهانات، وبعضهم تحدث عن "ردة" هذا المغني وطالبوا بإعدامه، لكنه كان خارج البلاد، ولم تتمكن السلطات من اعتقاله.
كان النائب الأصولي السابق، حميد رسائي، الذي شارك في تكريم تاتالو بوكالة "فارس"، مسلّما إياه "لوحة تقديرية"، من المحافظين الذين تبرأوا منه، حيث قال حينها في تغريدة تعقيبا على إعادة نشر صور تقديمه لوحة لـ تاتالو في شبكات التواصل بعد إهانته للمقدسات الدينية: "في الأيام الأخيرة وبعد إهانات تاتالو الوقحة للإمام الحسين عليه السلام، تتم إعادة نشر صور لي خلال تكريمه في وكالة فارس"، مبررا تكريمه بأنه في "ذلك اليوم الذي تم تكريمه، لم تصدر منه أي إهانات للمقدسات الدينية".
كما أرفق رسائي تغريدته بهشتاغ #تاتالو_مرتد_است (تاتالو أصبح مرتدا) و#حكم_مرتد_إعدام_است (أي حكم المرتد هو الإعدام).
وأثار الإعلان عن نبأ اعتقال تاتالو ردود فعل متفاوتة ومختلفة على شبكات التواصل الإيرانية، بين من أعلن دعمه للخطة بسبب "إهانته المقدسات"، معربا عن ترحيبه بها، ومن تعامل مع الحادث بسخرية قائلا إنه على ما يبدو يتم توظيف تاتالو مرة أخرى في الانتخابات، في إشارة إلى الانتخابات التشريعية المقبلة، في فبراير/ شباط.

وهناك من تساءل عن اعتقال تاتالو بهذه السرعة، وعدم اعتقال هاربين من إيران بسبب قضايا فساد مالي بعد سنوات من هروبهم، ومنهم من انتقد ذلك قائلا إن الأمر لا يشكل لإيران أولوية في ظل المشاكل الراهنة، بل قد يثير قضية ضد البلاد في الرأي العام العالمي، ويعمل "الأعداء" على "بروباغندا"، وخصوصا حول موضوع "الردة".

دلالات

المساهمون