براعة إيلي روث... رعب الأطفال في فيلم عائليّ

براعة إيلي روث... رعب الأطفال في فيلم عائليّ

22 أكتوبر 2018
"المنزل ذو الساعة المعلّقة على الجدار" لإيلي روث (فيسبوك)
+ الخط -
كان غريبًا، قبل نحو عام، الإعلان عن اختيار إيلي روث لإخراج فيلم فانتازيا عائلية موجّه إلى الأطفال، كـ"المنزل ذو الساعة المعلّقة على الجدار" (The House with a Clock in Its Walls)، المقتبس عن رواية بالعنوان نفسه (1973) للكاتب الأميركي جون بلّيرز. الغرابة كامنةٌ في أن روث، المخرج والكاتب والممثل والمنتج، مشهورٌ بصناعه أفلام رعب "درجة ثانية" (B Movies)، التي تسعى إلى جمهور يميل إلى العنف والدموية المفرطين. حتى أنه كممثل أو كاتب يتعاون مع كوينتن تارانتينو وروبرت رودريغز، في أفلام يجمعها شيءٌ واحد فقط: "غير صالحة للأطفال". 

لكن، رغم هذا كلّه، فإن الاختيار الغريب بحد ذاته لهذا المخرج منح "المنزل ذو الساعة المعلّقة على الجدار" درجة كبيرة من التميّز والاختلاف عن أي عمل آخر.

القصة متشابهة للغاية مع عوالم المخرج المكسيكي غيّيرمو دل تورو. لذا، كان منطقيًا ترشيحه هو لإخراج الرواية سينمائيًا. فالطفل اليتيم الذي يذهب إلى مكانٍ غريب وغامض، تيمة أساسية لفيلميه "العمود الفقري للشيطان" (2001) و"متاهة بان" (2006). لكن الفرق الأساسي أن هذين الفيلمين ينتميان إلى فئة الأعمال الحادة والعنيفة، التي تحمل تقييم مشاهد R (غير مسموح أن يُشاهده من تقلّ أعمارهم عن الـ17 عامًا من دون وصاية عائلية)، بينما رغب منتجو "المنزل ذو الساعة المعلّقة على الجدار" في جعله عائليًا بتصنيف PG (موجّه إلى الأطفال)، فبحثوا عن بديل هو ايلي روث، لسرد حكاية الطفل لويس، الذي يُرسل إلى عمّه للعيش معه في قصر غريب، فيكتشف أن العم ساحر، ولديه صراعاتٍ مع سحرة آخرين، وأن البيت الذي يسكنون فيه يحمل في جدرانه ساعة يمكن أن تؤدّي إلى فناء البشرية.

ايلي روث، ذو المزاج السوداوي، يغلّف الفيلم العائلي بحالة غير مريحة من الرعب القوطي. ما هو هادئ، وأحيانًا ملون ويبدو طفوليًا، يمتلك في جوهره غموضًا ومساحات فارغة تُثير شعورًا بالخطر طوال الوقت، وتحديدًا مع أصوات الهواء والأبواب نصف المفتوحة والموسيقى القاتمة ذات النغمة الثابتة (للفيلم شريط صوت رائع أنجزه ناثان بارّ). ثم أن طبيعة الفيلم تجعل مشاهده يُدرك أن الطفل لن يُصيبه سوء، وأنه لا دماء وجثث، وأن لا خروج لكائن مسحور أو مخيف من أحد الأمكنة. رغم هذا، يُثير ايلي روث توترًا دائمًا لدى المُشاهد. وعندما تظهر كائنات غير حيّة وهي تتحرّك (التأثّر واضح بتيم بورتون في بعض أفلامه)، يحدث شعور بالفزع لا يشبه نوع الفيلم كـ"فانتازيا عائلية".



هذا التناقض والموازنة واللعبة الذكية لايلي روث جعلته يُجاري الشركة في التصنيف العائلي الذي أرادته، محتفظًا في الوقت نفسه بالأجواء والعوالم المُقبضة التي قدّمها في أفلامه السابقة كلّها. هذا تحديدًا ما جعل "المنزل ذو الساعة المعلّقة على الجدار" مميّزًا ومختلفًا، علمًا أن النقاش حاصلٌ حول ما إذا كان يجب تسويق نسخته النهائية كـ"فيلم عائلي" أم لا، وهو نقاش بدأ بعد حوادث عديدة جرت في دور عرض أميركية، تتمثّل ببكاء أطفال صغار أثناء مشاهدته.
لكن، بعيدًا عن هذا السياق، فإن الفيلم مختلفٌ وممتع، خصوصًا مع الأداء الجميل لجاك بلاك، والأداء اللافت للانتباه والممتع لكايت بلانشيت، والأداء الرائع للغاية للطفل أوُوِين فاكارو، الذي مثّل دور البطولة.

المساهمون