سوبرماريو السوري تمكّن من اللجوء وسونغا باقٍ يقارع النظام

سوبرماريو السوري تمكّن من اللجوء وسونغا باقٍ يقارع النظام

16 سبتمبر 2015
لا تبتعدوا كثيراً فهناك هجرة معاكسة (اليوتيوب)
+ الخط -

مبكراً أدرك سونغا يونغا أن الطريق الذي اختاره وأصدقاؤه سيكون مفروشاً بالدماء، وأن السلاح الوحيد الذي سيكون متاحاً أمام السوريين، لا سيما من اختاروا الخروج عن طاعة النظام، هو الصبر على ما لا يطاق.

سونغا يونغا الذي تحدث لموقع "العربي الجديد"، اختار منذ البداية، السخرية أداة لتدعيم ركائز هذا الصبر، سخرية ربما تنبع من روح المدينة التي وُلد ونشأ فيها، حمص، أم النكات الساخرة، ومن إيمانه بأن السخرية وحدها هي القادرة على كسر هالة النظام التي عمل على فرضها طوال خمسة عقود، لإخراجه من قداسته وأنسنته.


نرشّ على الموت.. سكّراً

يقول سونغا يونغا، وهو الاسم الوهمي لشاب سوري لم يتجاوز العشرينيات: "أشبه ما أقوم به، بمساعد العدائين أثناء السباق، أجفف عرقهم، وأزودهم بالماء، حتى يتمكنوا من المضي في سباقهم الوحشي هذا... نحن نرشّ على الموت سكّراً.. حتى نتمكن من ابتلاعه بمرارة أقل".

انطلق مشروع سونغا الساخر مع بداية الثورة السورية، فأنشأ صفحته الخاصة على "فيسبوك" بعنوان "الثورة الصينية ضد طاغية الصين"، والتي استطاعت في فترة زمنية قصيرة أن تحظى بمئات الآلاف من المعجبين. عمل من خلالها على تحويل كل كارثة تلمّ بالسوريين إلى جرعة سخرية تبعث على الضحك، اصطاد فيها بخفة وذكاء أكاذيب النظام وإعلامه، وتخبط المجتمع الدولي إزاء ما يحدث في سورية.









سياسة نُص كمّ
لم يتخيل سمير المطفي، وهو الاسم الوهمي الآخر الذي اختاره بدلا عن اسم سونغا يونغا بعد أن أجبره "فيسبوك" على تغييره، أن الثورة السورية ستتعرض إلى كل هذا الخذلان العالمي، وأنها ستطول لأعوام من دون أن يتبين دنوٌّ لنهايتها.

من منفاه القريب جداً من سورية، يجلس رفقة 4 أصدقاء آخرين، يواكبون الحدث، يكملون ما يجيدون صناعته، "الضحك"، والذي صار اليوم بالنسبة لهم، ليس تحلية للموت فحسب، وإنما أسلوباً يوصلون من خلاله رسالتهم في البحث عن الكرامة والحرية وصوت أهلهم المكتوم في البلاد.

اختار سمير تطوير السخرية عبر برنامج كوميدي سياسي، يحمل اسم "سياسة نُص كم" يعتمد أسلوب "الأنيميشن"، يستغرقهم إنجاز كل حلقة منه 3 أيام من العمل الدؤوب، في عملية معقدة من وضع الفكرة والسيناريو والرسم والتحريك والإخراج والدوبلاج، ويؤدي فيها دور البطولة بشار الأسد، لؤي حسين، خالد الخوجا، وحسن نصر الله وغيرهم من الشخصيات السياسية الفاعلة في المشهد السوري المعاصر، ويناقش من خلالها الأحداث الساخنة.





ماريو السوري.. اللاجئ الذي نجا

يقدم سمير في حلقة من برنامجه الكوميدي، نسخة من لعبة "سوبر ماريو" العالمية، حيث استخدم في تصميمها لغة اللجوء السوري ومصطلحاته، من خلال القصص والتجارب الواقعية التي مر بها أصدقاؤه وأقاربه في رحلاتهم التي خاضوها إلى أوروبا، حيث كُتب الوصول لبعضهم، بينما خسر آخرون أموالهم وأحلامهم، وفي أحيان أخرى أرواحهم، كما حدث لأحد أصدقائه المقربين.

حقيبة سفر و2000 دولار هو المبلغ الذي يحتاجه "سوبر ماريو السوري" ليبدأ رحلته، فيتعاقد مع المهرّب الذي سيؤمن وصوله من تركيا إلى اليونان، فإن لم يغرق بالبحر سيعبرها إلى الحدود المجرية، حيث سيواجه خطر السجن والاعتقال.

تأتي بعدها مرحلة "البصمة" التي يخشاها السوريون، لأنه في حال أجبرتهم الحكومة المجرية عليها، خسروا اللعبة وما عاد بإمكانهم الوصول إلى ألمانيا أو السويد، الأرض المبتغاة لمعظمهم، إلا أن سمير يقرر أن يكون مصير ماريو اللاجئ أفضل من مصير الآلاف على أرض الواقع، فيوصله إلى بر الأمان، "مخيم اللجوء" لتنتهي الحلقة بعبارة "أهلا بالناجين".

 





لغة عالمية.. وإعلام انتهازي

لم يطمح سمير، حسب ما قاله لـ"العربي الجديد"، من خلال كل ما يفعله، إلى شهرة خاصة، مقولة يؤكدها أنه لا يزال حتى اليوم يعمل كجندي مجهول خلف اسم وهمي، ويخبرنا أن التغطية الإعلامية الواسعة التي نالتها حلقة "ماريو اللاجئ" قد أزعجته قليلاً، إذ شعر بأن الإعلام الغربي اهتم بها لأنها جاءت منسجمة مع سياساته واللحظة الراهنة لما يطلبه الجمهور من تسليط الضوء على اللاجئين، والتركيز على هذا الجانب الإنساني فحسب للمأساة السورية، نادماً أن فاته إظهار السبب الرئيسي للجوء ماريو، ألا وهو ممارسات النظام الهمجية بحق السوريين، حسب قوله.

الإدانة للإعلام لم تنحصر في الغربي منه فحسب، بل في العربي أيضاً، إذ شعر بأن الأخير  اهتم أيضاً متأثراً باهتمام الإعلام الغربي، مستنكراً أن تكون جهوده السابقة وحلقات البرنامج التي قاربت الـ15 حلقة، قد مرت من دون أن تنال أي اهتمام من كليهما.

لكن سمير (طالب جامعي) في الوقت نفسه، يدرك أن الاهتمام لم يكن لأسباب انتهازية فحسب، وإنما لأن "لعبة ماريو" هي كالموسيقى، لغة عالمية، وقد أسعده كثيراً أن الفيديو الذي حظي بمتابعة مئات الآلاف، جزء كبير منهم كان من الأوروبيين، حيث ينبغي شرح الوضع السوري لهم بوضوح أكثر.

ماريو نجح في اللجوء... لكن سونغا سيبقى يقارع النظام 

يؤكد سمير (سونغا يونغا سابقاً) أنه باق في إسطنبول، لأنها قريبة من سورية، وأن مسألة اللجوء لم ولن تخطر في باله مطلقاً، وبعتب يوجه نداءه إلى الشباب حصرياً: "لا تبتعدوا كثيراً"، حالماً بهجرة معاكسة، هي مشروعه القادم الذي يمضي وبعض أصدقائه في العمل عليه.

اقرأ أيضاً:  ما هي قصة باسم ياخور ورغيف الخبز؟

إقرأ أيضاً: ديالا برصلي..أطفال سورية يطيرون خارج المخيمات

المساهمون