"فيم جام"... ارتجال جماعيّ موسيقيّ للنساء في برلين

"فيم جام"... ارتجال جماعيّ موسيقيّ للنساء في برلين

17 مارس 2018
رشا نحّاس (فيسبوك)
+ الخط -


في استوديو "أرتيستانيا" في برلين، أقيم، في العاشر من آذار/مارس، جام موسيقيّ نسائيّ، يحمل الاسم "فيم جام Fem Jam"، وفيم هي اختصار "Female"، أي أنثى بالإنجليزيّة، وهو بمثابة أوّل جام موسيقيّ يخصص للموسيقيّات النساء، ويمنح مساحة وأفضلية لهن.

بداية، الجام الموسيقيّ هو بمثابة لقاء غير رسميّ بين موسيقيّين يعزفون على آلات متنوعة، وفي كثير من الأحيان تكون اللقاءات تلقائيّة، لكن مؤخرًا تُنظم الجامات الموسيقيّة في فضاءات ومقاه وبارات ومهرجانات عديدة في العالم، ويكون العزف الموسيقيّ الجماعيّ مبنياً على بناء موسيقيّ ارتجاليّ مشترك، فيه آلات موسيقيّة وأصوات بشريّة، وفي كثير من الأحيان تُستخدم تقنيّة الجام الموسيقيّ من قبل فرق موسيقيّة للعمل على مقطوعات موسيقيّة أو أغان. 

في برلين، كما في مدن عديدة بالعالم، تنظّم جامات موسيقيّة، مما يميّزها هو المشهد الفنيّ والثّقافيّ في المدينة المبني على حضور ثقافات متنوعة فيها، هذا يضيف على الجام الموسيقيّ أنواعا موسيقيّة كثيرة. لكن، وفقًا للمجموعة "فيم جام"، فإن مشهد الجام الموسيقيّ البرلينيّ، يطغى عليه حضور الرجال من موسيقيّين مع غياب الموسيقيّات النساء.

عن هذا تقول الموسيقيّة، دومينيكا، والمعروفة باسم Zaby، وهي عازفة ترومبيت وإحدى مؤسّسات مجموعة "فيم جام": "كنت أجد نفسي دائمًا المرأة الوحيدة التي تعزف في العديد من الجامات الموسيقيّة، وهذا غريب، لأنّ الجامات مفتوحة ويمكن لأي موسيقيّ المشاركة، وفي كثير من الأحيان، العزف ضمن منظومة الجام يحتاج إلى شجاعة كثيرة، سواء للرجل أو المرأة، ونظرتي هي أن مجتمعا مهيمنا من قبل الرجل، يرغب فيه الموسيقيّون أيضًا بإظهار قوتهم الموسيقيّة، والكثير من النساء لا يرغبن في أن يكنّ جزءًا من هذه اللعبة، كما أن الكثير لا يملكن الشجاعة للعزف ضمن منظومة الجام الموسيقيّ، وهذا شرعيّ تمامًا، على أمل أن منح منصة للنساء فقط، سوف يعمل على تشجيع أكثر للموسيقيّات بالانضمام للعزف الجماعيّ".

أقيم أوّل "فيم جام"، في كانون الثاني/يناير الماضيّ، بمبادرة من دومينيكا، ومن ثم، قدّمت المجموعة عرضًا موسيقيًا في حفل تكريم المغنية الجنوب أفريقيّة، ميريام ماكيبا (1932-2008) في برلين، فقد أعلنت الموسيقيّات عن موعد الجام الموسيقيّ الثاني، حيث تفاجأت المجموعة من ردود الفعل الإيجابيّة إزاء الفكرة، كما الحضور المتنوع للنساء الموسيقيّات في اللقاء الثانيّ.



بدأ "فيم جام" الثاني بعروض موسيقيّة لمجموعة الموسيقيّات المؤسسات؛ والمكوّنة من: دومينيكا (ترومبيت)، ميريام دير (ساكسفون)، فراو يوديث (باص)، كارولين فيبر (درامز) ورشا نحّاس (غناء وغيتار)، وبعد استراحة قصيرة، اعتلت المنصة موسيقيّات عديدات، من أماكن وثقافات في العالم، قدّمن موسيقى وأغاني متنوعة، من جاز، بلوز، برازيليّة، روك وغيرها، مع مشاركة من قبل بعض الموسيقيّين الرجال، لكن كان عددهم قليلاً أمام المشاركة النسائيّة، حيث أشارت دومينيكا، في بداية الجام، إلى أنه من المهم الحفاظ على عدد متساوٍ من الموسيقيّين والموسيقيّات على المنصة خلال الفقرات المتنوعة، مع الأفضلية للنساء.

عن هذا تقول دومينيكا: "لا أرى أن الحلّ هو بخلق مساحات متفرقة للرجال والنساء، لكن من المهم بداية منح مساحات خاصّة للنساء كي يشعرن بالاحترام والقبول فيها والثقة بالنفس، وهذا يحتاج إلى سيرورة بناء، على أمل أن يمنح هذا الفضاء المزيد من الشجاعة للنساء للمشاركة في كلّ جام موسيقيّ".

خلال الأمسية، تمت الإشارة إلى أن في معظم الجامات الموسيقيّة، يكون الحضور النسائيّ هو بالأساس من خلال الغناء، ظاهرة موجودة في أغلب الفرق الموسيقيّة، حيث يوظف الغناء للنساء والعزف للرجال، فتأتي هذه المبادرة لتشير إلى الحضور النسائيّ في العزف الموسيقيّ، وفي المقابل، تغيّبهن عن المنصات. عن هذا تقول الفنانة الفلسطينيّة رشا نحّاس، المقيمة في برلين، وإحدى عضوات "فيم جام": "أشعر بأن العزف على آلة والقفز على منصة، فيه حالة من تحرر الجسد، سواء كانت امرأة أو كان رجلًا. هنالك مستوى جديد يُضاف إلى العزف، إذا كان الموسيقيّ شاباً، يعزف سولو غيتار ويصرّخ عبر الميكرفون ويقفز على المنصة، يرقص ويتحرَّك، يختلف هذا الأمر، بالنسبة للجمهور/ المجتمع، عن امرأة موسيقيَّة تقومُ بنفس الفعل. بالنسبة لي كفنَّانة، أحاولُ أن أتجاهل فرق رد الفعل هذا كي أصل لحرية حقيقيّة مما أفعله، ولذلك، توظيف المجتمع للمرأة في خانة الغناء، فيه شيء لطيف ورسميّ وناعم، يتماشى مع ما يتوقّعه المجتمع من المرأة، ومع القالب الذي يرغب المجتمع أيضًا لأن تبقى المرأة فيه". لن تقتصر نشاطات "فيم جام" على لقاء موسيقيّة جماعيّة وعروض، إنّما ستقوم المجموعة بتنظيم ورشات عمل حول الموسيقى وغيرها من الحقول الفنيّة والثقافيّة، بالإضافة إلى مشروع مهرجان تقع النساء الموسيقيّات في محوره، وذلك بهدف خلق منصة مهنيّة لتدعيم النساء في صناعة الموسيقى والمشهد الثّقافيّ والفنيّ في برلين.

المساهمون