طهاة يعدّون أطباقاً "صديقة للبيئة"

طهاة يعدّون أطباقاً "صديقة للبيئة"

18 فبراير 2020
الشيف الفرنسي ريجيس ماركون (Getty)
+ الخط -

أمام الأزمة المناخية المستفحلة، بات الكثير من الطهاة الكبار، يكيّفون طعامهم، كي يلتزموا بممارسات مراعية للبيئة، وذلك عن طريق اتّخاذهم مبادرات مبتكرة لتوعية الرأي العام. 

وخلال إعداده قائمة طعام "مناسبة للمناخ"، احتسب الطاهي، ريجيس ماركون، الحائز على 3 نجوم من دليل "ميشلان"، كميَّة الكربون في الأطعمة (البصمة الكربونيَّة)، إلا أنَّه يسمح لنفسه ببعض "التجاوزات" في سبيل "اللذة والانفتاح على العالم". 

وفي "متحف الإنسان" على خلفية برج إيفل المضاء، تذوَّق نحو مائة شخصٍ أطباقًا "مناسبة للمناخ، ومناسبة للبطن"، وذلك على هامش معرضٍ للأغذية. 

وقال الطاهي البالغ 63 عاماً، صاحب مطعم "ريجيس وجاك ماركون"، في مقاطعة أوت-لوار في وسط فرنسا الجنوبي: "الجانب الصحي في فن الطبخ، يجب أن يرتبط أيضاً، بجانب اللذة، وإلا سيصبح الأمر مُقيدًا. نركز على هذا الأمر، إذ عندما يكون الطعام لذيذاً يعود الزبون". 

وزخرت قائمة الطعام في هذا العشاء بالخيارات الصحية، فهناك العدس الأخضر مع الحنطة الرومية، لإبراز طريقة تناول البروتينات النباتية فضلاً عن "أنواع غريبةٍ من الخضار" أعيد لها الاعتبار، مثل بطاطس اليابان والقلقاس الرومي، فضلاً عن طبق الدجاج بالفطر الملبس.
وضمت الأطباق أيضاً حساء الفطر المجفف، في إشارةٍ إلى الأطعمة المحفوظة الجيدة لصحة الأرض. 

أمَّا طبق التحلية، فجاء على شكل أنواعٍ مختلفة من التفاح النيء والمطهي والمحفوظ. وأكَّد الطاهي، أنه أراد من خلال هذه التحلية توجيه تحية إلى "الأشخاص الذين استعادوا أكثر من 150 نوعاً قديماً من التفاح بعد عاصفة في الثمانينات قضت على 30% من أشجار التفاح". 

وقد أدرج ريجيس ماركون في قائمة الطعام الخاصّة به، جبن الـ"بارميجيانو" المصنوعة من حليب الماعز من إيطاليا، اكتشفه خلال سباق تزلج في سلسلة جبال دولوميت. وقال الطاهي: "أدرجت هذا الجبن عن قصد، رغم أنَّه قد يصدم البعض، إذْ لا ينبغي أن نبقى ضمن 50 كيلومتراً مربعاً، ونقول إننا لا نستخدم إلا منتجات محلية. نحن في مجتمع يميل إلى الانغلاق ويجب أن ننفتح؛ إذْ ثمة منتجات رائعة، كالتوابل مثلاً، تأتي من أماكن بعيدة".

ويشدِّد ماركون في الوقت نفسه على الصلابة التي يظهرها الجيل الجديد من الطهاة، مثل نجله جاك، على صعيد المسائل البيئية. وأكَّد: "أنا أميل أكثر إلى السخاء وتلبية رغبات الجميع، أما هو (ويقصد ابنه) فصلب جداً، ويقول إنّه لا يجب أن نستخدم المنتج خارج موسمه، ولا يشذ عن هذه القاعدة. وثمة طهاة عدة يعتمدون هذا النهج ويشكلون فسحة أمل". 


وفي السياق ذاته، يعتمد كريستوف آي (42 عاماً) الحاصل على نجمتين من دليل "ميشلان" على هذا النهج. 

وقد احتاج إلى ستة أشهر ليتعلَّم إزالة حسك سمكة الشبوط النهرية التي لا يقام لها شأن عادة، وذلك ليرتقي بها كطبقٍ مطلوب، بفضل الكمأة وصلصة النبيذ الأحمر في طبقه الشهير "الشبوط على طريقة شامبور".
ولا تتضمَّن قائمة الطعام عنده سوى أسماكٍ تستوطِن نهر لوار، مثل البوري والصندر، وهي تحتاج إلى دقة كبيرة في الطهو. وأكد الطاهي: "كان بعض الزبائن لا يحبِّذون ذلك في البداية، إلا أنهم باتوا يأتون من أجل تذوق هذه الأطباق بالتحديد"، وأشار أيضًا إلى مركبٍ يستخدمه ليصطاد مع مسؤول الأسماك عنده! 

وعلى مسافة قريبة من المطعم، يوفِّر له بستان يمتد على مساحة 3 آلاف متر مربع، استقلالية تامة على صعيد الخضار بين شهري أيار/مايو وتشرين الأول/أكتوبر. وهو كنز نباتي، يقوم انطلاقًا منه بإعداد قائمة الطعام لديه. وقد اشترى كريستوف 27 بقرة يربيها على الموسيقى في المراعي، ويغذيها على حبوب الكتان، ويقدّم لحومها اللذيذة مع صلصة حبوب الكتان.

(فرانس برس) 

المساهمون