صيادو غزة يلجأون إلى "استزراع السمك"

صيادو غزة يلجأون إلى "استزراع السمك"

الأناضول

avata
الأناضول
06 مايو 2015
+ الخط -

يُقبل صيادون فلسطينيون في قطاع غزة، على إقامة مشروعات لـ"الاستزراع السمكي"، هرباً من مضايقات وانتهاكات إسرائيلية شبه يومية بحقهم قبالة سواحل غزة الممتدة نحو 40 كلم على البحر الأبيض المتوسط.

وعقب حربها الأخيرة على غزة، سمحت إسرائيل للصيادين بالصيد لمسافة ستة أميال بحرية بدلاً من ثلاثة، إلا أن مسؤولين فلسطينيين يقولون إن قوات البحرية الإسرائيلية لا تسمح للصيادين بالصيد في هذه المسافة كلها، وتطلق بشكل شبه يومي، نيران أسلحتها تجاه مراكبهم، وهو ما يعتبره الفلسطينيون "خرقاً واضحاً" لاتفاق هدنة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، برعاية مصرية، جرى التوصل إليه يوم 26 أغسطس/آب الماضي.

مع هذا التضييق، لجأ العشرات من صيادي غزة إلى بناء أحواض مائية لتربية بعض أنواع الأسماك، فيما يسمى بـ"الاستزراع السمكي"، على أمل توفير الأسماك بكميات تتناسب مع احتياجات القطاع، الذي يقطنه نحو 1.9 مليون فلسطيني، في ظل القيود التي تفرضها إسرائيل منذ أكثر من ثماني سنوات على صيد الأسماك.

وصار "الاستزراع السمكي" من أهم المشروعات التي تمد غزة بالمأكولات البحرية الأساسية، بعد أن تسبب الحصار الإسرائيلي للقطاع منذ عام 2006 في انخفاض الصيد بنسبة كبيرة، بحسب أصحاب مزارع سمكية.

أحد هؤلاء، ويدعى سفيان كحيل يقول، إن "مشروع الاستزراع السمكي مهم جدا في ظل فرض إسرائيل حصارا بحريا على قطاع غزة؛ الأمر الذي يعيق عمل الصيادين". وكحيل، الذي توجد مزرعته في منطقة الشيخ عجلين غربي غزة، يرى أنّ "تربية بعض أنواع الأسماك جاءت بعد عجز الصياد الفلسطيني عن الإبحار لمسافة كبيرة بفعل المنع الإسرائيلي المتواصل منذ ثمانية أعوام، ما أدى إلى عجز الصيادين عن توفير كميات الأسماك اللازمة للقطاع".

كذلك، أوضح أن "معظم أنواع الأسماك ليس بوسعها التأقلم مع التربية داخل أحواض المياه.. البلطي والدنيس من أبرز الأنواع الشائعة التي تتأقلم في الأحواض.. مشروعي يحتوي على ثمانية أحواض بتكلفة 500 ألف دولار (أميركي)، وينتج في المتوسط 70 طنا من الأسماك سنويا".

وعن كيفية حصولهم على الأسماك التي يستزرعونها، يجيب كحيل: "نستورد الأسماك الصغيرة من إسرائيل، ومن ثم نربيها داخل الأحواض حتى يصل وزن السمكة إلى 300 غرام، فنعرضها للبيع بأسعار تتناسب مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون في غزة، فسعر الكيلو غرام الواحد يعادل سبعة دولارات أميركية".

ومن جراء الحصار البحري، ومن ثم قلة ما يجمعه صيادو غزة من البحر، فإن ثمة إقبال من المواطنين والمطاعم على شراء أسماك المزارع. فبحسب حسن الشاعر، وهو صاحب مزرعة في مدينة خان يونس جنوبي غزة "يوجد طلب كبير من المواطنين على أسماك الاستزراع.. لكن هذا لا يعني أنها أفضل من أسماك البحر التي لا يمكن الاستغناء عنها.. أحواض الأسماك توفر فقط الأنواع التي يصعب على الصيادين اصطيادها جراء القيود الإسرائيلية".

عن عملية الاستزراع، قال الشاعر:"نستورد أمهات السمك، ولا سيما البلطي والدنيس، من إسرائيل، ثم نربيها في أحواض التفريخ (أحواض خاصة) حتى فترة التزاوج. تبدأ الإناث بوضع البيض بعد نحو ثلاثة أشهر، ثم نعزل السمك الكبير عن الصغير حتى لا يأكل بعضه بعضا.. بعدها يوضع بيض السمك في حوض التربية لمدة تتراوح من شهرين إلى ثلاثة أشهر. وعندما يكبر السمك نعرضه للبيع".

كما أوضح أن "الطلب على أسماك البرك (الأحواض) ليس كبيرا مقارنة بأسماك البحر، فالأخيرة تتميز باحتوائها على كميات أكبر من البروتين واليود والفوسفور. وهذه ضرورية للأسنان والعظام والدم.. أسماك البحر مصدر مهم للكالسيوم، والمستهلك يبحث عن الأكثر نفعا".

صاحب المزرعة شدد على أن "أحواض السمك تحتاج إلى متابعة مستمرة على مدار الساعة، فأي خلل يتعلق بتزويد الأسماك بالأوكسجين أو الطعام قد يؤدي إلى موتها". ونظرا لظروف الحصار الإسرائيلي الشامل تواجه مزارع الأسماك عدة مشاكل، لعل أبرزها انقطاع التيار الكهربائي اللازم لتشغيل "دفشات" (محركات) تزود أحواض الأسماك بالأكسجين. وهي مشكلة يصفها الشاعر بـ"المستمرة"، مضيفاً: "نعتمد على تشغيل المولدات الكهربائية الاحتياطية، لكنها تحتاج إلى وقود بكميات كبيرة".

وأضاف "المولدات الكهربائية الاحتياطية غير قادرة على إنتاج الكهرباء لفترة تتجاوز ثماني ساعات متواصلة يومياً، مما يؤدي إلى هلاك الأسماك أحيانا". ومنذ منتصف عام 2006 يعاني سكان غزة من أزمة كهرباء كبيرة، من جراء قصف الجيش الإسرائيلي لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، الذي يحتاج يوميا لنحو 400 ميغاوات من الكهرباء، لا يتوفر منها إلا قرابة 212 ميغاوات، توفر إسرائيل منها 120 ميغاوات، ومصر 32 ميغاوات، و 60 ميغاوات من محطة توليد الكهرباء بغزة.

ووفقا لمدير عام الثروة السمكية في وزارة الزراعة الفلسطينية، عادل عطا الله، فإن مشروعات "الاستزراع السمكي في القطاع تمثل تحديا للاحتلال الإسرائيلي ومعيقاته التي يمارسها بحق الصيادين ومنعهم من الإبحار لمسافات تتواجد فيها الأسماك".

المسؤول الفلسطيني أشار إلى أنّ "مشروعات الاستزراع السمكي تشهد تطوراً كبيراً في هذه الآونة، حيث يوجد في غزة 750 حوض أسماك موزعة على المناطق الساحلية للقطاع حتى يسهل الحصول على مياه البحر"، مشدداً على أنّ "الاستزراع السمكي لا يغني عن الصيد البحري مطلقا، وإنما يعتبر مكملا له، فما تنتجه المزارع لا يتجاوز 500 طن سنويا".

ولفت إلى أن "غزة بحاجة إلى عشرة آلاف طن سنويا، بينما ما يتوافر لا يتجاوز ألفي طن، إما بالصيد البحري أو الاستزراع السمكي، والباقي يتم تعويضه عبر استيراد الأسماك المجمدة من إسرائيل".

و"يمثل الاستزراع السمكي مصدر رزق للعشرات من الصيادين، الذين تركوا مهنة الصيد وتوجوها إلى مشروعات الاستزراع، بسبب المضايقات الإسرائيلية"، بحسب عطا الله.

اقرأ أيضاً: "دُّقة غزة".. للمحاصرين طعام وللمغتربين زاد

ذات صلة

الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.
الصورة
دانييلا فايس

سياسة

تواصل عرّابة الاستيطان وأحد أشد قادته دانييلا فايس تصريحاتها الفاشية المعادية للفلسطينيين، منادية بترحيلهم من غزة وسائر فلسطين والعودة للاستيطان في غزة.

المساهمون