"ليالي قلعة دمشق"... وكأن شيئاً لم يكن في سورية

"ليالي قلعة دمشق"... وكأن شيئاً لم يكن في سورية

06 يوليو 2019
تبرؤ سماحة من موقفها يدل على هشاشته (Getty)
+ الخط -
كانت المهرجانات الفنية في قلعة دمشق تقام دورياً وتستضيف فنانين وموسيقيين عالميين ومحليين. ومع بداية الثورة السورية عام 2011، توقفت كافة الفعاليات الثقافية والفنية ضمن القلعة، إلا أن النظام السوري أعاد افتتاح مهرجان "ليالي قلعة دمشق" العام الماضي، تعبيراً عن "انتصاره وانتهاء الحرب في سورية". وحدد موعد المهرجان بالتزامن مع إصداره قوائم الموت؛ وهي قوائم بأسماء آلاف من المعتقلين الذين قضوا نحبهم في سجونه. واليوم يعود المهرجان إلى الواجهة من جديد بسبب الحملات التي شنها عليه مؤيدو النظام.

أثار إعلان مهرجان "ليالي قلعة دمشق" 2019 الذي سيبدأ يوم 11 من الشهر الحالي الكثير من الجدل والبلبلة بين الأوساط المؤيدة للنظام السوري، بعد الإعلان عن أسماء النجوم المشاركين في الحفل، وهم: فارس كرم، وسيف نبيل، وكارول سماحة ومروان خوري. وكان اعتراض المؤيدين على نقطتين أساسيتين، وهما: أنه سيتم إحياء الحفلات من قبل فنانين غير سوريين، والنقطة الثانية هي استضافة الفنانة كارول سماحة ضمن المهرجان.

إن الحملة التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجاً على أن الحفلات التي ستقام خلال المهرجان لا تقتصر على الفنانين السوريين، لا تبدو منطقية، فمن الطبيعي أن تقوم المهرجانات باستضافة نجوم من مختلف البلدان؛ فالمهرجان لم يكن يوماً محلياً، وليس هناك مهرجان فني ضخم يكون محصوراً بفناني البلد الذي يقام فيه. ومع ذلك، فقد طالب ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أن يتم استبدال الفنانين العرب المشاركين في المهرجان بفنانين سوريين "وطنيين"، وقد وضعوا اسم ناصيف زيتون كنموذج.
اللغة الخطابية التي تستخدمها الحملة لا تخلو من العنصرية والتعنت الأعمى، فالمشاركون في الحملة أنفسهم تراهم يفخرون بفنانيهم "الوطنيين"، حسب تعبيرهم، عندما يشاركون في فعاليات ومهرجانات خارج سورية، ويحتفلون بإنجازاتهم إن حصلوا على جوائز دولية أو إقليمية. ويبدو الأمر أكثر غرابة من المعتاد، بسبب مشاركة فنانين وصحافيين سوريين معروفين في الحملة، منهم: الممثل والمخرج عارف الطويل الذي يشغل منصب عضو في مجلس الشعب، إذْ نشر على صفحته الشخصية على "فيسبوك": "أنا لا أتجنى على أحد، ولست على عداوة مع أحد، أنا غيور على الفنان السوري الذي صمد وبقي في بلده يقاوم بالكلمة واللحن دون مقابل، وهناك الكثير من الأصوات السورية الجميلة كان يمكن تقديمها مع الفنانين العرب في الحفلات المختلفة على الأرض السورية. من جهة ثانية الفنانون القادمون يتقاضون أجورهم بالدولار، ولا يتبرعون بطبيعة الحال، والمنظمون يربحون أيضاً. من هذا المنطلق أرجو أن لا يبيعنا أحد وطنيات وشعارات زائفة". 
وكذلك نشر الصحافي وضاح عبد ربو (رئيس تحرير صحيفة الوطن)، على صفحته على "فيسبوك": "على الدولة التحرك مباشرةً لوقف هذه المهزلة والمسخرة، وفرض الفنان السوري في كل المهرجانات التي تقيمها أو ترعاها". أما الاعتراض على حضور كارول سماحة فهو ليس مجرد اعتراض عنصريّ ضد "غير السوريين"، وإنما أخذ بعداً تشبيحياً، إذْ اعترض الكثيرون على وجودها لعدم دعمها لنظام الأسد في السنوات السابقة. فاعتبرها المشاركون في الحملة غير مؤهلة لدخول سورية، بسبب ما اعتبروه "إساءة لهيبة البلاد" من خلال انتقادها للنظام السوري، إذ وصفته بالنظام القاتل.

إذ عام 2016، وإثر مجازر النظام السوري في حلب، أعادت سماحة نشر تغريدة على "تويتر"، كُتب فيها ما يلي: "وحلب الأبية، حلب التاريخ، حلب العصيّة على نظام قاتل ومعارضة تائهة، حلب الأمل باقية باقية". وقام الممثل عارف الطويل بنشر صورة لحسابها ولتغريدتها، لتنطلق حملات لإلغاء حفلها من قبل مؤيدي النظام.

إلا أن سماحة قامت بنشر بوست عبر صفحتها الشخصية على "فيسبوك" توجهت به للشعب السوري، وجاء فيه ما يلي: "رسالة إلى الشعب السوري الحبيب.. أرفض أن ينسب لي أو ينسبني أحد أو أن يلزمني أو يلصق بي موقف سياسي ليس صادراً عني شخصياً سابقاً أو حتى الآن. طوال مسيرتي الفنية لم أعبر يوماً عن رأيي السياسي على أي منصة إعلامية حتى لا أوضع في إطار اصطفافات سياسية في زمن انقساماتها. لطالما كانت مواقفي وأغنياتي تعبر عن توجهي الفني والإنساني. ويبدو أن هناك من يتولّى التحريض ضد حفلتي في دمشق في 13 تموز (يوليو) ضمن مهرجان فني وثقافي يهدف لإظهار البعد الحضاري والثقافي لسورية، وحتى هذا التاريخ أستعد للقاء جمهوري الغالي في سورية الحبيبة بحماسة شديدة، وأنتظر موعد اللقاء بشوق كبير. مع خالص حبي وتقديري للشعب السوري".


تبرّؤ سماحة من موقفها السابق يدلُّ على هشاشته، وعلى مراوغتها ضمن مفاهيم الإنسانية، وعدم خلط السياسة بالفن، لكسب مصالح ومنفعة مادية لا أكثر. فلا يمكن اعتبار مشاركة أي فنان ضمن مهرجان يقيمه النظام السوري وتشرف عليه مؤسسات ووزارات تابعة له،سوى أنها تطبيع معه، ولا يمكن تفسير ظهورها فب هذه المناسبة من دون مرجعية سياسيَّة، وخاصة أن تصريحها جاء بعد تصريح رياض كناية (منسق المهرجان)، بأن الهدف من المهرجان هو إيصال رسالة لخارج سورية أن البلد بخير ومتعاف من الحرب، بحسب ما صرح لموقع "هاشتاغ سوريا".

المساهمون