جامع محمد بن عبدالوهاب... صميم العمارة القطرية

جامع محمد بن عبدالوهاب... صميم العمارة القطرية

15 يناير 2018
فضاء المسجد كما يبدو من الباحة الخارجية (معتصم الناصر)
+ الخط -
يعتبر جامع محمد بن عبدالوهاب، معلماً بارزًا من معالم العاصمة القطرية الدوحة، إلى جانب العديد من المنارات الثقافية والسياحية، كمتحف الفن الإسلامي وسوق واقف التراثي، رغم حداثة الجامع الواقع في منطقة الجبيلات إلى الشمال من وسط مدينة الدوحة، والذي بدأت الأعمال الإنشائية فيه أواخر عام 2006، وافتتح رسميا في 16 ديسمبر/كانون الأول عام 2011 ليصبح أحد أكبر مساجد العالم، ومنارة إشعاع ديني وثقافي، وصرحا حضاريا من العمارة الإسلامية بتصميم مستوحى من فن العمارة القطرية التاريخية. 

السقف المقبّب
وفي حفل التدشين، قال أمير قطر في حينها، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إن جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب ينبت من أرض قطر كأنه قطعة أزلية منها، سيكون "منبراً للإصلاح والدعوة الخالصة إلى الله عز وجل، بعيداً عن البدع والأهواء بما ينفع الناس في دنياهم مما يواكب روح العصر وبما ينجيهم في أخراهم".
ويستوحي الجامع معالمه الخارجية من جامع "القبيب" الذي بناه مؤسس قطر الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني قبل 135 عاما، ويرتفع سقفه المقبب ذو القباب الـ28 فوق 29 مترا عن أرضية المصلى بواسطة الأقواس المكسوة بالجبس المزخرف والأعمدة التي كسيت بالرخام الأبيض وزينت تيجانها في الأضلاع الشمالية لتستخدم كرفوف لحفظ القرآن الكريم تعلق عليها أبواب نحاسية صغيرة.
ويضم الجامع مراكز للقرآن وعلومه، ومكتبة علمية متخصصة في الإصدارات الإسلامية، ويحتوي في تصميمه الخارجي على منارة "مئذنة" واحدة و28 قبة كبيرة تغطي صالة الصلاة الرئيسية، إلى جانب 65 من القباب الصغيرة المصممة بشكل مزدوج حول الساحة الخارجية، إضافة إلى قبتي المحراب.
وفي طابق الميزانين من الرواق الجنوبي توجد قاعة لتحفيظ القرآن للإناث، تتسع لأربعين دارسة، وبجوارها تقع المكتبة التي تتسع لتسعين مطالعا، وفي الجهة المقابلة من الرواق الشمالي يوجد مكتب لكل من الإمام والخطيب وبجوارهما قاعة لتحفيظ القرآن للذكور تتسع لتسعين دارسا.

فضاءات متنوعة
بني الجامع الذي كان يطلق عليه جامع الدولة، قبل أن يأمر أمير قطر- آنذاك- الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بتسميته بجامع "محمد بن عبدالوهاب"، على مساحة 175 ألف متر مربع، ويتكون من عدد من الأجزاء، القبو والدور الأرضي ودور الميزانين ومنطقة كبار الزوار ومواقف السيارات، ويشتمل القبو على مكان الوضوء وحمامات الرجال، بمساحة تبلغ نحو 3800 متر مربع.
أما الدور الأرضي فيتكوّن من صالة الصلاة الرئيسة للرجال، ومكان مخصص لوضوء السيدات، بالإضافة إلى المكان المخصص لوضوء وحمامات ذوي الاحتياجات الخاصة، وتبلغ مساحته حوالى 12 ألف متر مربع.
ويتكون دور الميزانين من مكان لصلاة السيدات، وآخر إضافي لصلاة الرجال، بالإضافة إلى مكتبة وصالتين لتحفيظ القرآن الكريم، إحداهما للرجال والأخرى للسيدات، بمساحة تبلغ نحو 2500 متر مربع.
وتتسع مواقف السيارات، التي تبلغ مساحتها أكثر من ألفي متر مربع، لحوالي 347 سيارة، أما منطقة كبار الزوار، فقد خصصت لها مساحة تبلغ أكثر من 600 متر.
ويتسع المسجد الجامع داخل الصالة المكيفة لحوالى 11 ألف مصل، والصالة المكيفة المخصصة للسيدات تتسع لحوالى 12 ألف مصلية، وتمكن الصلاة في صحن المسجد وفي الساحة الأمامية للمسجد، ويستوعبان 30 ألف مصل.
تتم إنارة مبنى الجامع ليلا بواسطة نظام إضاءة صمم لإظهار خصائص الجامع المعمارية والجمالية، فاستخدمت تقنيات الإضاءة المخفية وغير المباشرة وإضاءة الصمامات الثنائية الباعثة للضوء.
وزودت مرافق الجامع بالكامل بنظام تحكم ذاتي، يضبط ويراقب أنظمة مكيف الهواء، واستشعار وكشف ومكافحة الحريق، والصوت، والإنارة، ونظام البث التلفزيوني.

نقل مباشر
تم تزويد المصلى بشبكة ثابتة من كاميرات النقل التلفزيوني والإضاءة الخاصة بها، وهي بالإضافة إلى مثيلاتها في صحن الجامع وعلى البوابات، ترتبط بغرفة الإخراج والنقل التلفزيوني في المبنى والمتصلة بدورها بشكل مباشر مع هيئة تلفزيون قطر، الأمر الذي يؤمن نقلا تلفزيونيا أسرع وأسهل ومتاحا في كل الأوقات.
ويكسو جدران المصلى الرخام الأبيض الصافي حتى ارتفاع أربعة أمتار من الأرضية، وجرت معالجة سطوح الجدران من هذا الارتفاع وحتى السقف بطبقة ذات خصائص صوتية، تمنع حدوث الصدى وتحد من ارتداده، وتداخل الأمواج الصوتية، هذه المعالجة الصوتية لسطوح المصلى الداخلية، بالإضافة إلى أجهزة النظام الصوتي المتطورة ذات التحكم والتوجيه الديناميكي، استطاعت أن تؤمن وضوح الصوت وثبات جودته في أي زاوية من زوايا المصلى.
وزودت الباحة الخارجية بمنحدر للسيارات يؤمن وصولها من مدخل المناسبات حتى بوابة صحن الجامع، وتتوزع في جهات الباحة الخارجية أربع نوافير للمياه العذبة مستوحاة من تصميم أحد موارد المياه التقليدية في قطر، وينتشر في الباحة أيضا 120 مصطبة حجرية ذات تصميم خاص تحوي داخلها تجهيزات إنارة تضيء الباحة الخارجية ليلا، إلى جانب المصابيح ذات التصميم التقليدي على حافة السور، وصنعت المقاعد وأرضية الباحة من حجر الغرانيت الصلب.
تمتد المواقف المكشوفة للسيارات والشوارع الداخلية على مساحة تزيد على 80 ألف متر مربع، وتستوعب 2615 سيارة، ورصفت أرضية المواقف المكشوفة والشوارع الداخلية بحجر البازلت الطبيعي الذي يعطي قيمة جمالية.

شريط أخضر
يحيط بموقع الجامع شريط أخضر يلتف حول المواقف الخارجية والمباني وتصل مساحته إلى 47362 مترا مربعا، يغطيها مزيج من النباتات والأزهار الموسمية المتنوعة والشجيرات الصغيرة والأشجار الكبيرة التي يبلغ عددها بين كبيرة وصغيرة 1642 شجرة، معظمها من شجر السدر المحلي، ويتم ري المساحات الخضراء بواسطة شبكة مياه داخلية خاصة بالجامع.
ويتوافد عشرات الزوار من مختلف الجنسيات على أكبر صرح إسلامي في قطر. ويستقبل المكتب التابع لمركز الشيخ عبد الله بن زيد ال محمود الثقافي الإسلامي "فنار"، الزوار من الرجال والنساء والكبار والصغار وطلبة المدارس، ويصطحبهم المشرفون على المكتب في جولة تعريفية بالمسجد وأنشطته، وترتدي الزائرات غير المسلمات زيا محتشما (عباءات قطرية وغطاء رأس) ويرتدي من يرغب من الرجال الزي الخليجي.




المساهمون