"المطلّقة" لكارول سماحة: كلّ هذه المبالغة

أغنية "المطلقة" لكارول سماحة: كل هذه المبالغة

27 مارس 2019
كارول سماحة (فيسبوك)
+ الخط -
منذ سنوات تعمل كارول سماحة بمفردها وبصمت. الفنانة اللبنانية التي تخرّجت من المدرسة "الرحبانية"، تتحرك على أرض غير ثابتة، إذ تواجه مجموعة كبيرة من النجمات اللبنانيات والعربيات، لتكسب جولات من المنافسة وتخسر أخرى.

تخطت سماحة عقبات عدّة في بداياتها، انتفضت على احتكار "الرحابنة" لها، واستطاعت بذكاء الانقلاب على الشرنقة الفنية المحصورة بأسامة الرحباني، إلى فضاء آخر وأوسع عزّز حضورها، وقرّبها أكثر من خط "نجوم الصفّ الأوّل".

قبل سنوات إذاً، بدأت كارول سماحة انقلابها الفني، لتتماشى مع ما يتطلّبه السوق الفني وما يريده المستمعون، فقدّمت مجموعة من الأغاني الجيدة، المشغولة بإتقان، بعد انفصالها عن مدير أعمالها السابق نقولا سعادة نخلة، وتأسيسها مجموعة صغيرة تدير أعمالها ونشاطها. وجاء زواجها من رجل الأعمال المصري وليد مصطفى ليشكّل دفعاً إضافياً لها. هكذا عرفت كيف تجمع بين نجوميّتها في لبنان، وامتدادها الفنيّ إلى مصر (أكبر سوق فنيّ في العالم العربي)، نتيجة إقامتها في القاهرة، واستفادتها من علاقات زوجها، الذي يملك أكثر من وسيلة إعلامية مصرية.

في هذا السياق، نشرت سماحة أوّل من أمس، فيديو لأغنيتها الجديدة "المطلقة". العنوان لوحده بدا مثيراً، خصوصاً أن حملة إعلانية تشويقية سبقته، فانتشرت على صفحات الفنانة اللبنانية عبارة "أنا المطلقة"، لتطرح علامات استفهام عدة حول حياتها الخاصة. أخيراً ظهر الفيديو كليب أول من أمس على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، مثيراً جدلاً كبيراً.

العمل من إخراج بهاء خداج، بينما كتب الكلمات بالفصحى علي المولى، ولحّنها ووزعها ميشال فاضل. تبدأ الأغنية بمجموعة من الصور النمطية عن السيدة المطلّقة، تحديداً في العالم العربي. فتقول: "حُكم عليّ بالوحدة/ والجريمة مطلّقة/
حيّك الناس لي/ من ألسنتهم مشنقة/ وصار لقبي المطلقة/ ممنوعة أن أعشق/ للاستعمال السريري فقط/ مع شهادة خبرة مصدقة". تتوالى العبارات الشبيهة، التي كانت لتليق بإنتاج صادر في سبعينيات أو ثمانينات القرن الماضي.

لكن إصدار أغنية من هذا النوع في عالم يشهد استنفاراً ونهوضاً مدهشاً للحركة النسوية حول العالم، يجعل منها نسخة باهتة من خطاب يراد له أن يكون متحرراً. لتأتي نهاية الأغنية مكرّسة البعد الأخلاقي، مع عبارة: "نعم أنا المطلقة/ أنا الحرة التي أبت/ أن تحكمها ورقة/ لا زلت صالحةً للحب/ فالروح عذراءٌ يا حمقى". العذرية، وإن في بعد مجازي/ روحي، تأتي لتثبت "براءة" السيدة المطلقة، من تهم المجتمع. العذرية تستخدمها سماحة (أو علي المولى) وتعيد تدويرها، بشكل يبدو مهيناً أكثر منه منصفاً للمطلقات في العالم العربي أو في العالم. 

لم تخطئ كارول سماحة في اختيارها الجديد، فكان جيداً منها أو من أي فنانة أخرى، الاقتراب من مناطق قد تكون محرّمة، لكنها الخطأ كان في التنفيذ، فسقطت في فخّ الخطاب "التقليدي" المكرّس للكليشيهات المرتبطة بصورة المرأة المطلّقة، فلا الكلام كان ثورياً، ولا اللحن بدا مناسباً لهذا الكلام، ولا أداء كارول وانفعالها (بحزنه في البداية، وثوريّته في النهاية) نجحا في خلق عمل متكامل.

دلالات

المساهمون