شاشات لبنان متأخرة عن الثورة

شاشات لبنان متأخرة عن الثورة

23 نوفمبر 2019
مشهد من الحراك الثوري في لبنان (حسين بيضون)
+ الخط -
دخلت الثورة الشعبيّة في لبنان شهرها الثاني. محطَّات التلفزة في لبنان كانت سلاحًا جيداً للمعتصمين والمتظاهرين، وخصوصاً في الأيام الأولى. لكنها بعد ذلك، دخلت اللعبة السياسيَّة، وفق ما تملي عليها مصالحها. ولعلَّ المصلحة الأولى لدى أيّ قناة تلفزيونيَّة، هي محاولة كسب أعلى نسبة من المتابعين، والعمل على استقطاب الناس، سواء في الشارع، أو داخل المنازل. الحال لم يتبدَّل كثيراً عن أيام ما قبل الثورة. فرغبة الفوز في الـ"رايتينغ"، تغلَّبت على موضوعيَّة وحياد المحطّات منذ سنوات. وكررت هذه النزعة نفسها إبان الانتفاضة الشعبية، خصوصاً في الأسبوعين الأخيرين، واستحدثت برامج من وحي الحدث اللبناني، لتقديمها كحصادٍ يومي. لكن هذه البرامج عانت وتعاني، من سوء استغلال معلومات غير موثقة. واللعب مجدداً على شد الحبال مع متابعي وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي الذين يعرضون الآراء والتعليقات ذاتها، ولكن برؤية المحطة وتوجهها السياسي.
يوم السبت الماضي، احتلَّ المغني اللبناني، راغب علامة، رأس لائحة الأخبار الأكثر تداولاً على موقع "تويتر" بعد تصريحه في الرياض عندما قال إنَّ لبنان بحاجة إلى قائد مثل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، للقضاء على الفساد.
محطة "الجديد" اللبنانية، استغلَّت تصريح علامة، واتّصلت به، كي تفسح له مجالاً للرد حول الغضب الذي توجّه ضده من قبل الناس. وبدل أن يقوم راغب علامة بالاعتذار، وتوضيح خطأه في المقابلة، أدلى بتصريحٍ زاد الطين بلّة، إذْ قال بما معناه: "كثيرون قالوا ذلك، لما فعله بن سلمان من سجن بعض الأمراء، وإجبارهم على إعادة المال إلى خزينة الدولة. فلماذا يُنتَقَد علامة وحده"؟ بعد المكالمة التلفزيونيَّة، ارتفعت الأصوات أكثر ضد راغب علامة. وأشار بعض المتابعين إلى أنّ علامة يستغل شهرة محطة "الجديد" لدى جمهور الثورة، ويحاول أن يكسب جمهورًا هنالك أيضاً.
المشهد نفسه تكرَّر على شاشة تلفزيون "الجديد"، عندما سمَّى برنامجٌ نفسه "يوميات ثورة"، وقام بدعوة المُنجّمة ليلى عبد اللطيف، للادلاء بدلوها من توقُّعات فلكيّة، وتنشيط "الشعوذة" أمام مشهد الاحتجاجات، والواقع المالي والسياسي في لبنان. تمَّ عرض توقّعات سبق لعبد اللطيف أن عرضتها في برامج أخرى، ومضى عليها 4 سنوات، تؤكد "مصداقية عالمة الغيب". وأدت هذه الاستضافة إلى انتشار موجة من السخرية والاستنكار على مواقع التواصل الاجتماعي.
رغم انفتاح الشارع اللبناني بشكل يومي على أحداث وأفكار جديدة بسبب حيوية الثورة، بقيت محطة LBCI اللبنانية تجترُّ برامجها القديمة. إذْ عرضَت، قبل أيَّام، برنامج "لهون وبس" الكوميدي الساخر. وأعاد هشام حداد تدوير بعض المواقف والفيديوهات التي نُشرت مراراً على المواقع البديلة برؤية ساخرة، مكررة ومملة ولا جديد فيها. أكثر من ذلك، ثمَّة محاولات بائسة في البرنامج تتلخص باستقبال سياسيين، يشكّلون هدفًا لمطالب الشارع بالمحاسبة.

المساهمون