ذكرى ميلاد: محمد القصبجي.. بين صورتين

ذكرى ميلاد: محمد القصبجي.. بين صورتين

15 ابريل 2019
(محمد القصبجي)
+ الخط -
تكاد تختزل سيرة الملحن المصري محمد القصبجي (1892 – 1966)، الذي تصادف ذكرى ميلاده اليوم الإثنين، بعدّة كليشيهات لم يسع إلا قليل من الباحثين الموسيقيين والنقّاد إلى تفكيكها وتقديم صورة أكثر موضوعية حول تجربته وشخصيته أيضاً.

يذهب أبرز كبار الملحنين مثل محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي، وزكريا أحمد ولو بدرجة أقل، إلى نسب تطورهم - الذي اعتمد على التخلص من زخرفة التطريب إلى التعبير كمدخل وأسلوب لألحانهم – إلى سيد درويش، بينما يتضح أنهم وبطرق مختلفة حاولوا تقليد القصبحي بعد مونولوغاته الشهيرة منذ منتصف عشرينيات القرن الماضي.

يبدو الانتساب إلى صاحب "زوروني كلّ سنة" أقل تكلفة بحكم رحيلة المبكر، بينما شكّل صاحب "خيالك في المنام" منافساً أساسياً لهم جميعاً، وحاولوا إخفاء تأثّرهم قدر الإمكان وإن تلمّسه البعض خاصة في المونولوغ والطقطوقة والمقدمات واللوازم الموسيقية.

من جهة أخرى، لم يبحث القصبجي عن ظهور ونجومية في الإعلام ولم يحاول إيجاد منافحين عنه وعن أعماله مثلما درج عليه بقية نظرائه، حيث كانوا يستقطبون الكتّاب والصحافيين بعد كلّ لحن جديد من أجل التنظير حول اختلافه عن السائد والمألوف.

لكن الاختزال الأكبر الذي تعرّض إليه صاحب "زارني طيفك" هو الترويج المتعمّد لتوقّفه عن التلحين بعد أن لحّن "رق الحبيب" لأم كلثوم عام 1940، بينما هو في الحقيقة واصل العمل مع العديد من المطربين وقدّم لهم أعمالاً ساهمت في انتشارهم.

في مقدمة هؤلاء كانت ليلى مراد التي لحّن لها "أنا قلبي دليلي" عام 1945، و"امتى حتعرف امتى" لـ أسمهان عام 1944، وربما يكون تعاونه معها على وجه التحديد قد تسبّب لانقطاع تعاونه مع كوكب الشرق كما يذهب لذلك العديد من المؤرخين الموسيقيين ومنهم إلياس سحاب.

ما يثير الاستغراب تثبيت معلومة توقّف مشروعه الموسيقي وكأنها حقيقة دامغة بينما المعطيات التاريخية تشير إلى العكس، والربط بين توقفه وبقائه عضواً في فرقة أم كلثوم حصر المسألة بتولّهه بصاحبتها بينما يبحث بعض النقاد في أسباب أخرى منها عدم قبولها بمغامراته الموسيقية.

بعيداً عن ذلك، يتضح أن هناك أدواراً أخرى للقصجي لم يجر الالتفات إليها كثيراً من خلال صلاته مع أكاديميين كثر مثل محمود الحفني وكميل شمبير وتعاونه معهم ضمن مقارباتهم في إدماج العلوم والتقنيات الموسيقية الحديثة ضمن القوالب الشرقية، كما تذكر رتيبة الحفني في كتابها الذي تضمّن سيرته.

أما الباحث محمود كامل، فتناول إضافاته في صناعة العود حيث قام بتصميم أعواد مقاييس جديدة وأحجام مختلفة، إذ قام بالتعاون مع كبار الصنّاع في ذلك الوقت حتى يتسنى له تطبيق أفكاره النظرية، خاصة في تلك التي تحتوي ستّة أو سبعة أوتار، التي ألذي أعاد إحيائها، واستعمل الريشة أيضاً بطريقتين مختلفتين: الضرب الدائري أو المنتظم.

المساهمون