أوجاع غزة وتمّوزها

أوجاع غزة وتمّوزها

14 مايو 2015
لوحة من الاحتفالية (العربي الجديد)
+ الخط -
"حاكورة ثقافية" هي فعالية أقيمت أخيراً في غزة المحاصرة، لتحتفي بأدباء وفنانين صغار عاشوا حكايات خاصة بعيدة عن الترف. لا حديث عن الملاهي ولا التسوق أو حتى السفر، لكنها أحاديث مليئة بالحزن والألم والخوف والدموع. نسج الكتاب الصغار من هذه المشاعر المتفردة حكايات على الورق ورسومات بقلم الرصاص، وحلّقوا بأحلامهم البسيطة مع الفراشات. أحلام لا تتعدى أكثر من رغبة العيش في أمان وعدم تجرع مرارة الفقد.

"إبداعات برعمية 5" هي مجموعة قصصية أطلقها أطفال من غزة تضم اثنتي عشرة قصة منفصلة، كتبتهن جميعا فتيات، تراوحت أفكارهن بين الخيال الواسع والواقع الهادف بأسلوب رشيق غلف بجوانب تربوية. كما وقع خمسة عشر كاتبا وكاتبة من صغار غزة الموجوعين من ذكريات الحرب مجموعتهم المشتركة "وجع تموز2" والتي وثقت بعضا من مشاهد الحرب التي عايشوها خلال العدوان الأخير على غزة. وصدرت باللغتين العربية والانجليزية. رافقت القصص لوحات فنية رسمتها أنامل أقرانهم لتشكل القصة لوحة أدبية فنية مميزة.

جاءت هذه الإصدارات كنتاج أدبي لدورات وورش متخصصة في الكتابة الإبداعية، احتضنها قسم الأنشطة الثقافية بمركز بناة الغد، وهو مؤسسة أهلية غير حكومية تعنى بالمواهب، وقد زودتهم هذه الدورات بمهارات وأساسيات الكتابة القصصية، ليطلقوا لهم العنان في ما بعد لاختيار موضوعاتهم، ومتابعتها من قبل إدارة المركز ومتخصصين تربويين.

نقرأ في"وجع تموز2" قصة الكاتبة الصغيرة اباء حمودة، 14عاما، وهي بعنوان "لا أريد بالونا" تتحدث فيها عن طفل اسمه حامد يبلغ من العمر 6 أعوام من قرية خزاعة التي شهدت أبشع مجزرة إبان الحرب الأخيرة على غزة، حيث تقول الكاتبة إن الطفل يرفض اللعب بالبالونات مثله مثل باقي الأطفال في مدرسة للإيواء، بعد استشهاد والده وهدم بيته، فهو يرغب بالعودة إلى الأرض التي استشهد فوق ترابها والده، لكي يزرعها مع إخوته ويقتات من خيرها لينشأ شابا قويا يطرد العدو من فلسطين.

ومن ضمن القصص الأخرى التي ضمها الكتاب، قصة لطفل واعد هو محمد رمضان حيث حملت قصته عنوان" أتمنى العيش بأمان"، وتحكي كابوسا يهاجم الطفلة آيات التي تستيقظ مرعوبة كل ليلة حين ترى في حلمها أن عائلتها قد أصبحت أشلاء، وتتساءل الطفلة متى تستطيع النوم في أمان بعيدا عن شبح الحرب.

وضمن القصص المنفردة التي ضمت اثنتي عشرة قصة، كتبت إحدى الكاتبات الصغيرات قصة بعنوان "فهمان الكسلان" ضمن حكايا حملت أسماء مختلفة ولافتة مثل (الأرض هي الوطن، حلوى السعادة، القلب والعقل، فقر وتضحية، لا هزيمة بعد اليوم). تتحدث قصة "فهمان الكسلان" عن طفل كسول لا يحب سوى النوم ويقدم النصائح ولا يعمل بها، ويمتد به أحد الأحلام حتى يرى نفسه وزيرا بلا عمل أو تعب، ثم يستيقظ من الحلم ليعلم الصغار درسا أن لا نجاح بدون عمل، والقصة لا تخلو من أبعاد وطنية واجتماعية تعبّر عما يدور على أرض فلسطين يستشعرها ويلمسها القراء الكبار، ويستمتع بكسل البطل الصغار.

أما كتاب الصور واللوحات والذي حمل عنوان "وجع تموز 1" فقد احتوى على لوحات معبرة من رسم أطفال غزة الذين وجدوا من الورق ملجأ ومن القلم سلاحا ليعبّروا عما مر بهم وعما احتفظت به ذاكرتهم من الآم. ومن أجمل اللوحات لوحة لطفل ميت يحمله والده بين ذراعيه، وهي مأخوذة من مشهد حقيقي في الحرب، رسمها الطفل سليمان شاهين وكتب تحتها عبارة موجعة هي: دعني أشبع منك يا ولدي فما زلت جائعا لابتسامتك.

*صحافية فلسطينية

المساهمون