قلق أميركي وأوروبي من الغموض السياسي في الجزائر

قلق أميركي وأوروبي من الغموض السياسي في الجزائر

19 ديسمبر 2018
احتمال تأجيل الانتخابات الجزائرية مطروح من المعارضة(بلال بنسالم/Getty)
+ الخط -


تبدي واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي قلقاً سياسياً متزايداً بشأن غموض المشهد السياسي في الجزائر، قبل أقل من شهر من موعد استدعاء الهيئة الناخبة، وأقل من أربعة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية، في ظل تقاطع المقترحات حول تأجيلها. وعليه، أجرى السفير الأميركي بالجزائر جون ديسروشر في الفترة الأخيرة لقاءات مع عدد من الشخصيات السياسية وقادة الأحزاب الفاعلة في الساحة الجزائرية، لجمع معلومات واستطلاع المواقف السياسية بشأن جملة مقترحات برزت أخيراً، متعلقة بإرجاء الاستحقاق الرئاسي المقرر في شهر إبريل/نيسان المقبل، عبر عقد ندوة وفاق وطني الشهر المقبل.

في هذا السياق، التقى ديسروشر، رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، العضو في التحالف الرئاسي، عمار غول لاستطلاع تفاصيل مقترح الحزب لعقد مؤتمر وفاق وطني، تحت عنوان "الندوة الوطنية للإجماع الوطني لبناء جزائر جديدة". وقال غول، في حديث صحافي، إنه "أطلع السفير الأميركي على أبعاد وأهداف المبادرة التي قدّمت للسفير نبذة عن الندوة التي تهدف إلى إنشاء حوار هادف وصريح، يشمل كافة أطراف الطبقة السياسية من دون إقصاء".

وقبْل غول، التقى السفير الأميركي أيضاً رئيس حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر) المعارضة عبد الرزاق مقري، أمس الثلاثاء، واعتبر ديسروشر أن "اللقاء يدخل في إطار سلسلة من اللقاءات مع قادة الأحزاب السياسية قبل الانتخابات الرئاسية". مع العلم أنه اللقاء الثاني من نوعه بين السفير الأميركي ومقري في أقل من شهر.

كما التقى السفير الأميركي رئيس حزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، قبل تنحيته من منصبه في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ورئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، رئيس الحكومة السابق وأبرز منافسي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في انتخابات 2004 و2014. والتقى المسؤول الأميركي أيضاً، رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد.

من جهته، بدأ سفير الاتحاد الأوروبي في الجزائر جون أورورك سلسلة لقاءات مع قادة الأحزاب السياسية البارزة، فالتقى مقري مطلع الشهر الحالي، وقبله رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، على أن يلتقي أبرز قادة الأحزاب السياسية في الجزائر لاحقاً.



وكشفت محاولات الدبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين المتسارعة لفهم الوضع في الجزائر والخيارات المتاحة، وجود قلق لدى كل من واشنطن والاتحاد الأوروبي من غموض الأفق السياسي في البلاد، والسعي إلى فهم الموقف ووضع تقديرات بشأنه بناءً على هذه اللقاءات. وينظر الطرفان إلى الجزائر كبلد مهم ومحوري في منطقة شمال أفريقيا والساحل، على ثلاثة أصعدة بارزة، هي الجانب السياسي، مع اعتقاد واشنطن والاتحاد الأوروبي أن استقرار الأوضاع في الجزائر بالغ الأهمية لاستقرار المنطقة، بما يساعد أيضاً في معالجة الأزمة الليبية وتثبيت مسار الانتقال الديمقراطي في تونس وإحلال السلام في مالي. ويأتي ملف الطاقة ضمن العامل الثاني، لأن الجزائر جزء من الأمن الطاقوي لأوروبا التي يتدفق إليها الغاز الجزائري عبر أنبوبين إلى إسبانيا وإيطاليا، ويُضاف إلى ذلك عامل الأمن الذي يشمل مكافحة الإرهاب والحد من الهجرة من دول الساحل.

وفيما تتريث واشنطن في طرح تقدير سياسي حول الاحتمالات السياسية في الجزائر، يطرح الاتحاد الأوروبي تقديراً يرجّح فرضية وجود رغبة لدى بوتفليقة بالاستمرار في الحكم، حسبما تضمنه تقرير مصلحة الدراسات والبحوث في البرلمان الأوروبي حول الوضع العام في الجزائر قبل الانتخابات الرئاسية، بعنوان "الجزائر والاتحاد الأوروبي، تحديات ما قبل الانتخابات".

وذكر التقرير أن "بوتفليقة هيمن بشكل كامل على الحكم منذ توليه السلطة عام 1999". ولفت التقرير إلى أن "حالة الرئيس الصحية الهشة والأوضاع الاقتصادية الصعبة من العوامل التي تجعل من مرحلة ما قبل الانتخابات مشوبة بالاضطراب"، معتبراً أن "السياسة الجبائية التي ينتهجها بوتفليقة لمساعدة العائلات الفقيرة في 2018 وإلغاء الضرائب في موازنة 2018 و2019، وتأجيل تحقيق التوازنات المالية إلى ما بعد 2020، علامات على رغبة بوتفليقة في الاستمرار لعهدة رئاسية أخرى".

ليست واشنطن والأطراف الفاعلة في الاتحاد الأوروبي وحدها التي تتلمس حالة من الغموض السياسي في الجزائر وتسعى إلى فهم واستباق التطورات السياسية، لكن الأطراف السياسية، بما فيها المقربة من السلطة وبوتفليقة، لا تزال عاجزة عن وضع مقاربات واضحة للموقف ومستقبل العملية السياسية وإمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية من عدمها، كون ذلك كله مرتبطاً بقرار بوتفليقة الترشح لولاية رئاسية خامسة من عدمه، واستدعاء الهيئة الناخبة في 14 يناير/كانون الثاني المقبل أو تأجيل الانتخابات.



المساهمون