إدارة ترامب تصعّد في آسيا... وتحرّض اليابان ضد الصين

إدارة ترامب تصعّد في آسيا... وتحرّض اليابان ضد الصين

05 فبراير 2017
ماتيس يستبعد اتخاذ إجراءات عسكرية كبيرة حالياً(تورو ياماناكا/فرانس برس)
+ الخط -
انحاز وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، إلى جانب اليابان في الصراع الدائر بين بكين وطوكيو على جزر متنازع عليها في بحر الصين الشرقي، معلناً أن الولايات المتحدة ستدعم اليابان في أي مواجهة عسكرية مع الصين التي شددت على أن الجزر "جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية منذ الأزمنة القديمة"، محذرة الولايات المتحدة من زعزعة استقرار المنطقة. بذلك، تكون إدارة الرئيس دونالد ترامب قد افتتحت باكراً عهدها بملامح مواجهة في شرق آسيا أيضاً، في مسلسل من التصعيد المتواصل تمارسه تلك الإدارة على مختلف الجبهات، أوروبياً وإيرانياً وآسيوياً وداخلياً طبعاً.

وأعلن ماتيس أن واشنطن ستدعم طوكيو في أي مواجهة عسكرية مع بكين حول جزر متنازع عليها، لكنه شدد على ضرورة بذل كل الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة. وقال، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته اليابانية، تومومي إينادا في طوكيو، إن أرخبيل سينكاكو الصغير، الذي تطلق عليه الصين اسم دياويو، في بحر الصين الشرقي، يشمله التحالف العسكري بين الولايات المتحدة واليابان. وأكد أن "الولايات المتحدة ستواصل الاعتراف بالإدارة اليابانية لهذه الجزر"، موضحاً أن "المادة الخامسة من الاتفاقية الأمنية بين اليابان والولايات المتحدة تنطبق على الجزر". ويلزم البند الخامس الولايات المتحدة بصد الاعتداءات التي قد تتعرض لها اليابان أو الأراضي التي تديرها طوكيو، مثل الجزر غير المأهولة في بحر الصين الشرقي، والتي تطالب بكين بها.

وتشكل تصريحات ماتيس استمراراً لسياسة الإدارة الأميركية السابقة لباراك أوباما، التي أكدت أيضاً أن المعاهدة الدفاعية مع اليابان، الموقعة في عام 1960، تشمل هذه الأراضي، لكنها امتنعت عن اتخاذ موقف إزاء الخلاف حول السيادة عليها. واعتبر ماتيس أن بكين "قوضت ثقة دول المنطقة"، في إشارة إلى منطقة أخرى متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، لكنه أضاف "في الوقت الحالي لا نرى سبباً لاتخاذ إجراءات عسكرية كبيرة... ما يتعين علينا فعله هو بذل كل الجهود الدبلوماسية، في محاولة لحل هذا بشكل سليم والحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة. وبالتأكيد يجب أن يكون موقفنا العسكري معززاً لدبلوماسيينا في هذا الصدد. ولكن لا يوجد ما يدعو الآن للقيام بمناورات عسكرية، أو شيء من هذا القبيل، بإمكان الدبلوماسيين حل الأزمة بشكل أفضل".


وتقيم الولايات المتحدة واليابان تحالفاً أمنياً منذ عقود، فيما تعود العلاقات بين أميركا وكوريا الجنوبية إلى فترة الحرب الكورية التي اندلعت بين عامي 1950 و1953. وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد تحدث، خلال حملته الانتخابية، عن إمكانية سحب القوات الأميركية المنتشرة في البلدين ما لم يزيدا مساهمتهما المالية. ولم يتردد في التلميح علناً أنه من الأفضل لو تزود البلدان بالسلاح النووي، لكنه نفى بعد ذلك أن يكون قد قال ذلك. وتنشر الولايات المتحدة 47 ألف جندي في اليابان و28500 في كوريا الجنوبية لحمايتها من جارتها الشمالية. وقال ماتيس، في سيول التي زارها الخميس والجمعة الماضيين، "أي هجوم على الولايات المتحدة وحلفائنا سيهزم، وأي استخدام لأسلحة نووية سيتم الرد عليه بشكل فعال وساحق". وقال، أمام رئيس وزراء اليابان شينزو آبي في طوكيو، "نقف بحزم مائة في المائة إلى جانبكم وجانب الشعب الياباني. أريد التأكيد أن المادة الخامسة من معاهدة الدفاع المشترك بيننا ستبقى واقعاً كما كانت وستظل بعد سنة أو 10 سنوات من الآن".

واعتبرت وزارة الخارجية الصينية أن المعاهدة بين اليابان والولايات المتحدة "من نتائج الحرب الباردة"، ولا يفترض أن "تتعدى على سيادة الصين على أراضيها وحقوقها المشروعة". وقال المتحدث باسم الوزارة، لو كانغ "ندعو الجانب الأميركي إلى اتخاذ موقف مسؤول، والامتناع عن التصريحات الخاطئة حول السيادة على دياويو، وتفادي زيادة التعقيد في هذه المسألة من خلال زعزعة الاستقرار الإقليمي". وشدد لو كانغ، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة، على أن جزر دياويو "جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية منذ الأزمنة القديمة". وتطالب بكين بالسيادة على القسم الأكبر من بحر الصين، لكن الفيليبين وفيتنام وبروناي وماليزيا لديها مطالب أيضاً وتسيطر كل منها على جزر صغيرة في هذه المنطقة المترامية.

وعبرت بكين عن استيائها من تصريحات ماتيس في سيول، أول من أمس، بأن إدارة ترامب ملتزمة بتنفيذ الاتفاق الذي توصلت إليه إدارة أوباما مع حكومة كوريا الجنوبية العام الماضي لنشر نظام الدفاع الصاروخي الأميركي (ثاد) في كوريا الجنوبية هذا العام. وتهدف منظومة "ثاد" إلى تحسين دفاعات كوريا الجنوبية واليابان، وكذلك القوات الأميركية المتمركزة في البلدين، ضد أي هجوم صاروخي كوري شمالي. وتعترض بكين على تركيب هذه الأنظمة لأن الرادارات القوية ستسمح لها بالتجسس على مناطق شمال شرق الصين، وربما يسمح ذلك بمراقبة التحركات العسكرية الصينية. وأعلن مسؤول صيني عن شؤون التيبت أنه يجب على الولايات المتحدة الكف عن استغلال الدلاي لاما لإثارة قلاقل للصين. ونقلت صحيفة "غلوبال تايمز" عن رئيس لجنة الشؤون العرقية والدينية للهيئة الاستشارية العليا للبرلمان الصيني، تشو ويغ أون، إن ذلك سيحقق مكاسب للولايات المتحدة، لكنه بدلاً من ذلك سيلحق الضرر بالعلاقات الصينية الأميركية. وتقول الصين إن الدلاي لاما، الذي فر إلى المنفى في الهند بعد انتفاضة فاشلة ضد الحكم الصيني في 1959، "انفصالي يستخدم العنف". وينفي الدلاي لاما تأييده للعنف، ويقول إنه لا يريد سوى حكم ذاتي حقيقي للتيبت.

ورداً على أسئلة خطية من لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، لم يعط وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، أخيراً، إجابة قاطعة عندما سئل عما إذا كان سيلتزم باستقبال الدلاي لاما والاجتماع معه. وأعلن أنه سيواصل تشجيع الحوار بين بكين وممثلي حكومة التيبت في المنفى والدلاي لاما، وذلك حسب ما قالت خدمة "ذاتبت بوست.كوم" الإخبارية على الانترنت، التي تتخذ من الهند مقراً لها الخميس الماضي.
وشدد تشو ويغ أون على أنه من المستحيل للحكومة الصينية أن "تجري حواراً" مع تلك الجماعة غير القانونية التي تهدف إلى "تقسيم" الصين، وأن تصريحات تيلرسون تثبت أنه "هاو تماماً" بشأن المسائل المتعلقة بالتيبت. وأعلن أن الصين لن تغير سياستها لدعم نمو المجتمع في التيبت، ولن تكف عن حماية سيادتها على المنطقة.
(فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس)

المساهمون