على خطى المالكي... عبدالمهدي يشهر ورقة "الإرهاب" بوجه المتظاهرين

على خطى المالكي... عبدالمهدي يشهر ورقة "الإرهاب" بوجه المتظاهرين

29 نوفمبر 2019
دعوات لمحاسبة قتلة المتظاهرين (حسين فالح/ فرانس برس)
+ الخط -
أشهر رئيس الحكومة العراقية، عادل عبد المهدي، ورقة "الإرهاب" بوجه المتظاهرين السلميين، في خطوة تذكر بسلفه الأسبق نوري المالكي الذي استخدم التهمة في تصفية خصومه السياسيين والقضاء على تظاهرات اندلعت ضد سياسته بمدن شمال وغربي البلاد.

قانون مكافحة الإرهاب الفضفاض والمقر منذ نحو 12 عاما في البلاد، بات اليوم يستخدم من قبل الحكومة في اعتبار عمليات قطع الطرق وحرق الإطارات من المتظاهرين على أنها تدخل ضمن جرائم الإرهاب.

وعانى آلاف العراقيين من استخدام قانون "الإرهاب" في غير محله وانتهت الحال بهم بالسجن أو مقاصل الإعدام أو التشرد والهجرة إلى دولة أخرى، ويظل أبرز من استخدمه لمصالحه الخاصة هو نوري المالكي خلال فترة حكومته (2006 – 2014)، والذي زج بالآلاف ممن عدهم خصوما له داخل السجون أو إلى الإعدام، الأمر الذي يعني أن الحكومات العراقية تلجأ لتلك التهمة كلما تضيق بها الطريق، بحسب مراقبين.

وبعدما عجزت الحكومة عن إنهاء التظاهرات التي تتجه نحو التصعيد، والتي رافقها إضراب عام في المدارس والجامعات، أعلنت أخيرا على لسان المتحدث العسكري باسمها، اللواء عبد الكريم خلف، أن "أوامر صدرت باعتقال الذين يعرقلون الدوام بالمدارس، بموجب قانون مكافحة الإرهاب"، مشددا على أن "إغلاق المدارس جرائم مشهودة يحال مرتكبوها إلى المحاكم فورا".

قرار عرفي بوجه خصوم السلطة

ويؤكد مسؤولون أن التهمة خرجت من كونها تهمة قانونية إلى أن تكون "قرارا عرفيا" تعارفت عليه الحكومات المتعاقبة على العراق بعد العام 2003، كسلاح تبطش به بخصومها.

عضو بارز في البرلمان العراقي كشف، لـ"العربي الجديد"، عن أن أحد أبرز الملفات التي يجري التحضير لها ضمن مشروع استجواب رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، في البرلمان من قبل تحالف "سائرون" وكتل أخرى متحالفة معها هي تطويعه واستخدامه قوانين في غير محلها وأبرزها قانون مكافحة الإرهاب ضد المتظاهرين بالفترة الأخيرة خلاف التفسير القضائي له.

ويضيف العضو أن "تهمة الإرهاب أصبحت من أكثر الإجراءات التي ترعب الشعب العراقي، بعدما غيّبت الآلاف منهم داخل السجون خلال فترة حكومة المالكي، وقد صدرت أحكام ضد الكثير منهم، ما جعلها من أشد التهم التي يخشاها المواطن العراقي"، مبينا أن "الحكومات تعرف مدى رهبة التهمة، لذا تركتها تهمة جاهزة تلجأ إليها كلما تحس بخطر".

وأشار إلى أن "تعامل الحكومة مع التهمة وفق هذا المفهوم، أخرجها من دائرتها القانونية كتهمة قضائية، ليضعها في خانة القرارات العرفية التي تستخدمها الحكومة للبطش بكل من يقف بوجهها، تحت مسمى القانون"، مبينا أن "لجوء حكومة عبد المهدي إلى التهمة، يؤشر إلى التوافق في النهج الحكومي التسلطي على الشعب، وأن الحكومات المتعاقبة قد توافقت بهذا النهج في حال احتاجت لتصفية خصومها".

موقف قضائي "غير متوقع"

وعلى غير العادة ووسط أجواء التظاهرات الحاشدة، اتخذت السلطة القضائية قرارا اعترضت فيه على القانون، وأوقفت التعامل فيه ضد المتظاهرين.

وفي بيان أصدره مجلس القضاء الأعلى، أكد أن "محكمة التمييز أصدرت قرارا اعتبرت فيه الأفعال التي ترتكب خلاف القانون من بعض المحسوبين على المتظاهرين، جرائم عادية يعاقب عليها قانون العقوبات، بحسب ظروف وأدلة كل جريمة".

وشددت على أن "هذه الأفعال لا يسري عليها قانون مكافحة الإرهاب، لانتفاء القصد الجنائي لدى مرتكبيها، والمتمثل بتحقيق غايات إرهابية".

جرائم قتل المتظاهرين

ويرى خبراء قانونيون أن التهمة يمكن التعامل بها مع الجهات التي تقتل وتخطف المتظاهرين، من أجهزة أمنية ومليشيات وعصابات خطف.

وقال الخبير بالشأن القانوني، عباس الطائي، لـ"العربي الجديد"، إن "سعي الحكومة لتطبيق قانون الإرهاب على المتظاهرين أمر مستغرب جدا، من الناحية القانونية، فلا يمكن تكييف التهمة مع الاتهامات الموجهة للمتظاهرين"، مستدركا أن "التهمة تنطبق قانونيا مع الجرائم المرتكبة ضد المتظاهرين، من قتل وخطف، وغيرها بغض النظر عن الجهة التي تقف وراءها".

وأكد أن "الحكومة مطالبة بتوفير أجواء مناسبة لإجراء التحقيق اللازم بتلك الجرائم، وإخضاعها لسلطة القانون، وإلا فإنها (الحكومة) في دائرة الاتهام".