معركة "إدلب": كلور النظام متواصل

معركة "إدلب": كلور النظام متواصل

24 مارس 2015
سقوط طائرة النظام وأسر الطيارين رفعا معنويات المعارضة(فراس طاقي/الأناضول)
+ الخط -
لا يبدو أن النظام السوري يعبأ بصدور قرار مجلس الأمن الدولي حول تجريم استخدام غاز الكلور السام، تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إذ لا يزال يلجأ إلى سلاح الغازات السامة منذ بدء معركة السيطرة على مدينة إدلب من قبل فصائل المعارضة المسلّحة.

لكن استخدام الغاز لم يقتصر على إدلب وريفها، إذ اعتمد هذا السلاح لاقتحام منطقة استراتيجية تحت سيطرة المعارضة، كما فعل مع مدينة عدرا بريف دمشق وحي جوبر في دمشق، لتعطيل عمل ضخم محتمل مقبل كمعركة إدلب، وإجبار المعارضين على الانسحاب أو العدول عن الاقتحام، وتأليب الحاضنة الشعبية ضدهم عبر استهداف المدنيين.

وقام النظام السوري بقصف مدينة سرمين في ريف إدلب الشرقي قبل نحو أسبوع، والتي تعدّ مركز غرفة العمليات المشتركة بين "جبهة النصرة" وبقية فصائل المعارضة، إضافة إلى كونها المدينة الاستراتيجية القريبة من مناطق سيطرة النظام في مدينة إدلب وأريحا ومعسكر المسطومة. وخلّف القصف ستة قتلى وتسعين مصاباً. كما جدد طيران النظام أمس، قصفه ببرميلين متفجرين يحويان غاز "الكلور" السام على مدينة سرمين. غير أنّ خلو المنطقة من المدنيين، والظروف المناخية، منعا من إحداث إصابات.

عوامل داعمة للمعارضة

رغم ذلك، فإن حدثين طارئين متزامنين على مجريات التحضيرات للمعركة، قد يكونان كفيلين بتحقيق المعارضة أهدافها، فضلاً عن عوامل أخرى اكتسبها المعارضون في حربهم المستمرة منذ سنوات ضدّ قوات الأسد. يتمثل العامل الأول الذي حدث فجأة، في سقوط طائرة مروحية للنظام، أول من أمس، في قرية الفريكة بريف معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، بعد اضطرارها للهبوط، والتي كانت تحوم في سماء منطقة ريف إدلب آتية من مطار حميم في مدينة جبلة بريف اللاذقية، وتلقي البراميل المتفجرة على مناطق سيطرة المعارضة، إذ أسَرَت قوات الأخيرة طاقم الطائرة المؤلف من خمسة عناصر، بينهم قائد الطائرة ومساعده.
وأعدم أحد الطيارين في مكان سقوط الطائرة، فيما تحتفظ "جبهة النصرة" ببقية طاقم الطائرة.

أكسب هذا الحدث الطارئ معنويات كبيرة للمعارضين، كونه الأول من نوعه منذ بداية الثورة، ويسهم في التثبيط من معنويات قوات النظام، إذ كان لأسر الطائرة تداعيات سلبية في صفوف الأخيرة، خصوصاً لدى الطيارين الذين اعتادوا على إلقاء البراميل المتفجرة منذ سنوات.

أما العامل الثاني، فتمثل في إعلان قيادة "حركة أحرار الشام الإسلامية" وتجمّع "ألوية صقور الشام"، وهما من أكبر فصائل المعارضة السورية، التي تنتشر في ريف إدلب شمالي سورية، اندماجهما، أول من أمس، بشكلٍ كامل، تحت مسمى حركة "أحرار الشام الإسلامية"، بعد أكثر من عامين من انضمام الفصيلين معاً إلى الجبهة الإسلامية.


وظهر قائد حركة "أحرار الشام الإسلامية"، هاشم الشيخ أبوجابر، في تسجيلٍ مصوّر مع قائد "ألوية صقور الشام"، أبوعيسى الشيخ، للإعلان عن اندماج الفصيلين بشكلٍ كامل، تحت قيادة واحدة. وأكد أبوجابر ضرورة التوحد مع التحديات الكبيرة التي تواجه قوات المعارضة في الشمال السوري واتفاق الفصيلين المتوحدين على الاستمرار في مسار الثورة الرامية إلى إسقاط النظام السوري بكافة رموزه وأركانه، ورفض أي مساومة على دماء الشهداء.

وأشار إلى أن هذا التوحد يخدم بالدرجة الأولى المعركة المقبلة، خصوصاً أن حركة "أحرار الشام الإسلامية" ليست على خلاف يذكر مع بعض تيارات "جبهة النصرة"، وبالتالي فإن التفاهمات التي قد تحصل بين الطرفين، كأقوى فصيلين في إدلب، قد تمهّد للسيطرة على مواقع النظام في المحافظة بشكل كامل، والتي يأتي في المقدّمة مدينة إدلب ومعسكرا القرميد والمسطومة، ومدينة أريحا، ومناطق جبل الأربعين.
وفي ظل لجوء النظام إلى غاز "الكلور" كعادته، رغم إدانة مجلس الأمن وتلويحه بالبند السابع، بدأت قوات المعارضة في التجهيز لمعركة إدلب، فقام المعارضون بارتداء كمامات واقية للغاز السام، وتم توزيع أقنعة واقية حتى على المدنيين. كما عمدت "جبهة النصرة" إلى استقدام شحنات جديدة إضافية خلال اليومين الماضيين، تفادياً لاستخدام النظام الغاز خلال المعركة، بينما تم إخلاء عشرات العائلات من المناطق القريبة من مدينة إدلب، كبنش وسرمين، إلى مناطق أخرى بعيدة عن المعركة المحتملة، وهذا ما أدى إلى تفادي سقوط إصابات في القصف الأخير في الأمس على مدينة سرمين.

ورغم تأخر بدء المعركة بعد التجهيزات والتحضيرات لها قبل نحو أسبوعين، لكن المعارضة تبدو عازمة هذه المرة على تحقيق أهدافها مرة واحدة، عبر هجوم شامل يأخذ في حسبانه كامل ردات فعل قوات النظام، لأنها لا تبحث هذه المرة عن مواجهات كر وفر واستنزاف، على ما يبدو، وإنما تريد الاحتفاظ بالمناطق التي تسيطر عليها، على غرار معسكري وادي الحامدية والضيف.
وفي ريف حلب، تجددت الاشتباكات بين قوات النظام المدعومة بمليشيا الدفاع الوطني (الشبيحة) وقوات لواء القدس الفلسطيني الموالي لقوات النظام من جهة، وقوات المعارضة المسلحة من جهة ثانية، في محيط بلدة حندرات التي تبادل كل من النظام والمعارضة السيطرة عليها. وأكد الناشط الإعلامي حسن الحلبي لـ"العربي الجديد" أن هذه الاشتباكات تزامنت مع أخرى في محيط بلدة باشكوي التي تتمركز فيها قوات النظام السوري في ريف حلب الشمالي، حيث حاولت قوات المعارضة التقدم باتجاه مناطق تمركز قوات النظام والمليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانبها، من دون أن تنجح في تحقيق تقدم يذكر.

المساهمون