خمسة ملفات للقاء السيسي وترامب... ووساطات جمهورية ولوبيات يهودية

خمسة ملفات للقاء السيسي وترامب... ووساطات جمهورية ولوبيات يهودية

22 مارس 2017
السيسي وترامب في سبتمبر 2016 (دومينيك رويتر/فرانس برس)
+ الخط -
تعكف وزارة الخارجية المصرية على إعداد الملفات التي سيناقشها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال لقائهما المقرر في العاصمة الأميركية واشنطن، في 3 إبريل/نيسان المقبل، وذلك في أول زيارة رسمية للسيسي إلى الولايات المتحدة منذ توليه منصبه.

وقال مصدر دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد" إن وزير الخارجية سامح شكري قبل سفره إلى الولايات المتحدة، لحضور اجتماعات التنسيق الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، كلف مجموعة رفيعة المستوى من مساعديه ببدء الاستعداد للزيارة المرتقبة. على أن يتم ذلك بالتعاون مع جهات أخرى كالقوات المسلحة والمخابرات العامة والحربية، للتنسيق بشأن الموضوعات محل البحث والمطالب التي سيحملها السيسي لترامب، في إطار السعي إلى تقوية العلاقة بين البلدين واستغلال الأفكار المشتركة بين الإدارتين تجاه الأوضاع في الشرق الأوسط والتيارات الإسلامية.

ووفقاً للمصدر نفسه، فإن الملف الأبرز الذي سيتحدث عنه السيسي خلال الزيارة هو المساعدات الأميركية لمصر، إذ سيطلب بشكل واضح عدم المساس بالمساعدات العسكرية التي تبلغ 1.3 مليار دولار سنوياً، مع زيادة المساعدات الاجتماعية التي تم تقليصها إلى 150 مليون دولار فقط، لا سيما في ظل قرار ترامب المبدئي تخفيض ميزانية المساعدات الدولية. وأوضحت المصادر أن السيسي قلق من أن يطاول القرار المساعدات الاجتماعية لمصر، ليس فقط لاحتياج الخزانة المصرية كل دولار في الفترة الحالية، بل أيضاً لأن التسليم بخفض المساعدات الاجتماعية حالياً قد يفتح الباب في المستقبل لخفض المساعدات العسكرية، علماً بأن المساعدات الاجتماعية عام 2003 كانت تناهز 900 مليون دولار.

وكشفت المصادر أن هناك اتصالات يقودها دبلوماسيون مصريون في نيويورك مع دوائر صنع القرار في الكونغرس والحزب الجمهوري بالإضافة إلى لوبيات الأميركيين اليهود، والتي التقى السيسي بوفود عدة منها خلال العامين الأخيرين، لإقناع البيت الأبيض بزيادة المساعدات الاجتماعية والحفاظ على المساعدات العسكرية، بدعوى المحافظة على استقرار النظام المصري، وإعانته على حربه ضد الإرهاب في سيناء.

وتستغل هذه الاتصالات الأوضاع السلبية للاقتصاد المصري وأحداث تهجير الأقباط من العريش أخيراً لتسويق صورة النظام المصري باعتباره الوجهة الأبرز التي تحتاج المساعدات الأميركية في الوقت الحالي. وجرى الاتفاق مع عدد من الكتاب في المجلات الأميركية واسعة الانتشار لإلقاء الضوء على فكرة رئيسية مفادها معاناة المجتمع المصري وقدرة النظام الحاكم على التماسك على الرغم من محاربته الإرهاب "منفرداً" منذ 2013.

أما الملف الثاني الذي يركز عليه السيسي فهو المطالبة بمساعدات عسكرية واستخباراتية استثنائية أميركية للجيش المصري في سيناء، وذلك ارتباطاً بقضية الحرب على الإرهاب أيضاً. وأشارت المصادر إلى أن بعض مساعدي ترامب طلبوا من الدبلوماسيين المصريين في واشنطن إعداد قوائم محددة بصور المساعدات المرجوة على مستوى التسليح والمعلومات، وما إذا كانت التحركات المصرية تتطلب رفع مستوى التنسيق مع إسرائيل من عدمه.

ويحضر الشأن الليبي بصفته الملف الثالث. فمن ناحية يريد السيسي فتح قناة اتصال دائمة بواشنطن حول الدور الذي يؤديه في التقريب بين الفصائل الليبية المتنازعة حول اتفاق الصخيرات، ما سيكسبه احتراماً وثقة أكبر في دائرة ترامب كزعيم إقليمي يمكن الاعتماد عليه في هذه القضية، ومن ناحية أخرى يرغب في الترويج لرؤيته الشخصية لحل الأزمة الليبية، والتي تتعارض مع الرؤى الأوروبية، وكذلك الرؤية الضمنية للإدارة الأميركية السابقة. فهي تتمثل في ضرورة دعم الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر وضمان أعلى منصب رسمي له في خارطة المستقبل الليبية، مع محاربة الإخوان والتيارات الإسلامية المقربة منهم، بزعم عدم وجود فوارق بينهم وبين تنظيم "داعش".

وأكد المصدر الدبلوماسي المصري أن الإشارات الآتية من أميركا توضح أن ترامب يسعى إلى تكريس دور أميركي أكثر تأثيراً في ليبيا، وأن اتجاهاته المعادية للإسلاميين، بمختلف درجات تشددهم، ربما تؤدي دوراً في تقارب استثنائي بينه وبين حفتر بوساطة السيسي أو بدونها، لا سيما أنه لا توجد علاقة مباشرة بين الإدارة الأميركية ومنافسي حفتر الأساسيين، وفي مقدمتهم رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، والذي فشلت مصر في الجمع بينه وبين حفتر في لقاء تفاهم واحد حتى الآن.

وعلى الرغم من أن دائرة السيسي التي تباشر الاتصالات بالفرقاء الليبيين، بقيادة صهره رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي، قد حمّلت - في بعض تقاريرها - حفتر مسؤولية إفشال مساعي التفاهم المباشر مع السراج، إلّا أن حفتر لا يزال الخيار الأول للسيسي في ليبيا، خصوصاً بعد الدعم التدريبي واللوجيستي والمعلوماتي الذي قدمه له الأخير خلال العام المنصرم، بالإضافة للرؤية المشتركة بينهما للقوى الإسلامية.

أما الملف الرابع فهو تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة، إذ يحاول دبلوماسيون مصريون بذل مزيد من الضغوط عبر الدوائر اليهودية تارة والمنظمات اليمينية المتشددة ذات التأثير الواسع في الحزب الجمهوري تارة أخرى، لحشد الموافقة على مشروع تصنيف الإخوان كإرهابيين، بهدف محاصرة الجماعة في الدول التي لجأ لها أفرادها الهاربون من مصر، خشية التأثير الواسع لهم إعلامياً وحقوقياً ومجتمعياً.

أما خامس الملفات فهو القضية الفلسطينية. وبحسب المصدر المصري، فإن السيسي ناقش خلال لقائه الأخير بالرئيس الفلسطيني محمود عباس بعض الأفكار لمفاتحة ترامب بشأنها لاستئناف محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، استباقاً للقاء عباس بترامب في واشنطن خلال شهر أبريل/ نيسان المقبل، بعد مغادرة السيسي بأيام معدودة.

وعلى الرغم من وجود خلافات بين السيسي وعباس حول طريقة إدارة الأخير لحركة فتح والسلطة الفلسطينية، وانحياز القاهرة الواضح للقيادي المطرود من حركة فتح محمد دحلان، إلا أن المصدر المصري نفى تأثير هذا الملف على قضية السلام، بل إن الأخيرة لها حسابات دولية أكثر تعقيداً من الخلافات الداخلية الفلسطينية، والتي يحاول السيسي تحقيق أكبر قدر من الاستفادة منها والإطاحة بخلفاء عباس المعارضين لدحلان.

وبدأ التخطيط لزيارة السيسي، والتي ستكون الأولى منذ توليه الحكم إلى واشنطن، بعد سحب مصر مشروع قرار إدانة الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن، ثم جاء حديث السيسي عن خطة الإدارة الأميركية الجديدة لنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، معيداً إلى الأذهان الطريقة التي تعامل بها مع الأزمة السورية والحرب على "داعش" عندما تولى رئاسة مصر منذ عامين ونصف العام، والتي اتسمت بغياب الموقف الحاسم، ما أدى إلى استبعاد مصر من المحادثات الدولية والإقليمية حول الأزمة السورية.

وبدلاً من أن يعلن السيسي تأييده الخطوة التي تعهد بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أو معارضته لها، قال الرئيس المصري إن "مصر منتبهة لهذا الأمر، ولا تريد تعقيد الأمور، وإن تحقيق السلام للفلسطينيين نقطة فاصلة في المنطقة، وإنه يبلغ المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بأهمية ذلك، وإن مصر تبذل جهوداً حتى لا يزداد الأمر تعقيداً"، غير أنه شدد في وقت لاحق على أن مصر تؤمن فقط بحل الدولتين لإنهاء هذه القضية المزمنة.

دلالات

المساهمون