إدانات ودعوات للتحقيق بمجزرة حفتر في مركز للمهاجرين بتاجوراء

إدانة مجزرة حفتر في مركز إيواء مهاجرين بتاجوراء: جريمة حرب تستدعي التحقيق

طرابلس
avata
أسامة علي
صحافي ليبي. مراسل العربي الجديد في ليبيا.
03 يوليو 2019
+ الخط -
أكد مسؤول ليبي بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية أن ضحايا القصف الجوي الذي طاول مركز إيواء مهاجرين في تاجوارء بلغ عددهم حتى صباح اليوم الأربعاء، 46 قتيلا وأكثر من 83 جريحاً، فيما توالت ردود الفعل المُدينة للجريمة والمطالِبة بالتحقيق.

وقال الملازم محمود الهواري، المسؤول بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية - فرع تاجوراء، لــ"العربي الجديد"، إن القصف كان عنيفا، بحيث استمرت عمليات انتشال الجثث من تحت الأنقاض حتى صباح اليوم، ونقل المصابون إلى المراكز الطبية، لافتا إلى أن مقر المركز تم تدميره بشكل كامل.

وكانت طائرات تابعة لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر قد قصفت، منتصف ليل أمس الثلاثاء، مركز إيواء مهاجرين غير شرعيين بضاحية تاجوارء الشرقية، التي تبعد 11 كلم عن العاصمة طرابلس.
وفيما دان الاتحاد الأفريقي مقتل المهاجرين، وطالب الأمم المتحدة بسرعة فتح تحقيق في الأمر، أكد وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، أن الطائرات التي قصفت المركز ليست ليبية، متهما حفتر بالاستعانة بطائرات أجنبية لتنفيذ القصف.

وأضاف باشاغا، في بيان لوزارته في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، أن "الطائرة التي قامت بالقصف غير اعتيادية، وليست من الطائرات الحربية التي تملكها ليبيا"، مطالبًا المجتمع الدولي بضرورة التحقيق في الأمر. 

وأكد بيان الوزير الليبي أن هذه الجريمة جاءت بعد تصريحات لقادة قوات حفتر بشأن بدء عمليات جوية مكثفة، ولذلك "هو من يتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية". وكان آمر "عمليات الكرامة" محمد المنفور قد أعلن، الأحد الماضي، عن إطلاق عملية جوية واسعة تحت مسمى "عاقبة الغدر"، أكد أنها ستطاول مواقع داخل طرابلس وخارجها.​

البعثة الأممية: "جريمة حرب"

إلى ذلك، دانت البعثة الأممية في ليبيا القصف الذي وصفته بـ"الغادر"، مؤكدة أنها أرسلت لجان تحقيق مباشر على الأرض.

وذكرت البعثة، في بيان لها اليوم الأربعاء، أن القصف على المركز أودى بحياة 44 شخصا وأصاب ما يزيد عن 130 آخرين بجروح بالغة، مبينة أنها المرة الثانية التي يتم فيها الاعتداء بالقصف على مركز الإيواء الذي يُحتجز فيه قرابة 600 مهاجر.

ونقلت البعثة عن رئيسها غسان سلامة قوله إن "هذا القصف يرقى بوضوح إلى مستوى جريمة حرب، إذ طاول على حين غرة أبرياء آمنين شاءت ظروفهم القاسية أن يوجدوا في ذلك المأوى".


وأضاف سلامة "عبثية هذه الحرب الدائرة اليوم وصلت بهذه المقتلة الدموية الجائرة إلى أبشع صورها وأكثر نتائجها مأساوية"، وحث المجتمع الدولي على إدانة هذه الجريمة و"تطبيق العقوبات الملائمة على من أمر ونفذ وسلّح هذه العملية".

وأشارت البعثة إلى أنها "تتابع باهتمام شديد التقارير المتعلقة بادعاءات القتل خارج القانون في مختلف الأماكن، بما فيها ما حدث أخيراً في غريان، وغيرها من الوقائع المماثلة التي حدثت في ضواحي طرابلس".

الاتحاد الأوروبي: هجوم مروع

وأعلنت منسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في بيان: "ينضم الاتحاد الأوروبي إلى الدعوة الموجهة للأمم المتحدة إلى فتح تحقيق فوري حول مرتكبي هذا الهجوم المروع". وأضافت "يذكرنا الهجوم الصادم والمأسوي على مركز احتجاز في طرابلس بالثمن الإنساني للنزاع في ليبيا، كما بالوضع الكارثي والهش للمهاجرين المرتهنين لدوامة العنف في البلاد". 

وأضافت الوزيرة الإيطالية السابقة: "العنف ضد المدنيين، وضمنهم المهاجرون واللاجئون، غير مقبول على الإطلاق وندينه بأقصى العبارات". 

وذكرت موغيريني أن الاتحاد الأوروبي حاول إجلاء المهاجرين واللاجئين من مراكز الاحتجاز القريبة من جبهات القتال"، مضيفة أن "هذه الجهود يجب أن تتواصل وتتكثف بشكل طارئ". وتابعت "كثر موجودون تحت الخطر ويجب نقلهم سريعاً إلى أماكن آمنة حتى يحصلوا على المساعدة ويتم إجلاؤهم". 

وأكدت أن الهجوم "يبرهن مرة أخرى ضرورة وقف إطلاق النار" في ليبيا. 

ألمانيا: دعوة لمحاسبة المسؤولين

وفي المواقف، دانت ألمانيا قصف المركز، إذ شدد المتحدث باسم الخارجية الألمانية راينر بريول، في مؤتمر صحافي بالعاصمة برلين، اليوم الأربعاء، على وجوب كشف ملابسات الهجوم، ودعا إلى تقديم المسؤولين عنه إلى القضاء في أقرب وقت ممكن.

وقال بريول، وفق ما أوردته وكالة "الأناضول": "ندين بشدة الهجوم على مركز الهجرة. ينبغي كشف المسؤولين على الفور وتقديمهم إلى القضاء".

وبيّن أن بلاده في حالة اتصال مع المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، داعياً الأطراف إلى اللقاء تحت مظلة الأمم المتحدة.

وفي معرض رده على سؤال حول مدى إمكانية وقوف قوات حفتر وراء الهجوم، أجاب بريول: "ليس لدينا تمثيل دائم في ليبيا، لذلك ليست لدينا أدلة خاصة بنا، لكننا نريد أن تتضح جميع جوانب الهجوم بشكل كامل".

فرنسا: مأساة

ودانت فرنسا الغارة الجوية، حيث أكدت وزارة الخارجية أنه "إثر هذه المأساة، تدعو فرنسا مجددا الأطراف إلى وقف التصعيد فورا ووقف المعارك".

وأفادت الناطقة باسم الخارجية أنييس فون دير مول بأن فرنسا تطالب "بالعودة السريعة إلى العملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة".

وتابعت الخارجية الفرنسية: "نذكر كل الأطراف والمؤسسات الليبية بأن لديها التزام حماية السكان والبنى التحتية المدنية باسم القانون الدولي الإنساني".

تركيا: جريمة ضد الإنسانية

وقالت تركيا، في بيان نشره المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي، إن الهجوم يعد "جريمة ضد الإنسانية"، وإنه يجب فتح تحقيق دولي حوله.

وأوضح أقصوي أن "الهجوم الذي استهدف مركزًا لإيواء المهاجرين غير النظاميين في منطقة تاجوراء، قرب طرابلس، وتسبب بمقتل عشرات الأبرياء، هو جريمة ضد الإنسانية". وشدّد على أنه "يجب فوراً فتح تحقيق دولي لتحديد هوية المسؤولين".

وأضاف: "ننتظر من المجتمع الدولي أن يتحرك بشأن هذه القضية في أسرع وقت ممكن".

أبو الغيط يعبر عن "بالغ الأسى"

من جهته، دان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الجريمة.

وقال بيان إن أبو الغيط "عبّر عن بالغ الأسى لسقوط أكثر من 40 قتيلاً جراء هذا الحادث وإصابة أكثر من مائة آخرين"، مشددا "على ضرورة تجنيب المدنيين تداعيات الأعمال العسكرية المستمرة حول العاصمة طرابلس، والحفاظ على سلامة المنشآت المدنية والبنية التحتية، وضمان وصول مساعدات الإغاثة الإنسانية للسكان المتضررين جراء هذه العمليات".

وجدّد مطالبته "بالخفض الفوري للتصعيد في الميدان وإيقاف العمليات العسكرية التي دخلت الآن في شهرها الرابع، والعودة إلى المسار السياسي الهادف إلى التوصل لتسوية شاملة ودائمة للأزمة في ليبيا".

قطر: قصف وحشي

ودانت قطر بأشد العبارات القصف الجوي "الوحشي" الذي استهدف المركز، واعتبرت وزارة الخارجية، في بيان، أنّ "هذا القصف يمثل انتهاكاً سافراً للقوانين الدولية التي تحمي حقوق الإنسان، وقد يرقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".

وشدد البيان على أنّ "هذا القصف يستوجب تحقيقاً دولياً عاجلاً يمهد لتقديم المعتدين إلى العدالة الدولية"، داعياً المجتمع الدولي إلى "تحرك عاجل لحماية المدنيين".


بدورها، أكدت مفوضية اللاجئين الأممية أن المركز في تاجوراء يأوي نحو 600 مهاجر، مطالبة هي الأخرى بفتح تحقيق في الحادث، ومشددة على أن "الحادث يظهر ضرورة إيقاف احتجاز المهاجرين في ليبيا".


ورغم نفي قيادة قوات حفتر مسؤليتها عن القصف، واتهامها لقوات الحكومة بتنفيذه، إلا أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها مواقع مدنية لقصف طائرات حفتر، إذ تعرضت أحياء مدنية لقصف جوي، آخرها حي الهضبة، ليل الإثنين الماضي، أدى إلى وفاة طفلة وشاب وإصابة أربعة آخرين، كما تعرض مطار امعيتيقة المدني لعدة غارات خلال الأشهر الثلاثة التي شهدت فيها طرابلس معارك من أجل السيطرة عليها.

ذات صلة

الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.
الصورة
عمال بحث وإنقاذ في درنة في ليبيا (كريم صاحب/ فرانس برس)

مجتمع

بعد مرور أكثر من أسبوع على الفيضانات في شمال شرق ليبيا على خلفية العاصفة دانيال، لا سيّما تلك التي اجتاحت مدينة درنة، وتضاؤل فرص الوصول إلى ناجين، صار هاجس انتشار الأوبئة والأمراض يثير القلق.
الصورة
دمر الفيضان عشرات المنازل كلياً في درنة (عبد الله بونغا/الأناضول)

مجتمع

ترك الفيضان كارثة كبيرة في مدينة درنة الليبية، كما خلف آلاف الضحايا، وقد تدوم تداعياته الإنسانية لسنوات، فالناجون تعرضوا لصدمات نفسية عميقة، وبعضهم فقد أفراداً من عائلته، أو العائلة كلها.