بوتفليقة يتجنّب صدام الموالاة بالتمسّك بالحكومة

بوتفليقة يتجنّب صدام الموالاة بالتمسّك بالحكومة

19 فبراير 2016
الرئاسة أكدت أن استقالة الحكومة غير واردة (فرانس برس)
+ الخط -


نجح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، في تفادي صدام سياسي بين أكبر حزبين سياسيين يدعمان سياساته، "جبهة التحرير الوطني"، و"التجمع الوطني الديمقراطي"، على خلفية مواجهة إعلامية بدأت منذ فترة بين قائدي الحزبين، عمار سعداني وأحمد أويحيى، بسبب مطالبة الأول بأحقية حزبه في قيادة الحكومة ومهاجمته العنيفة للثاني، إذ سارعت الرئاسة الجزائرية إلى التأكيد أن الحكومة الحالية التي يقودها عبد المالك سلال لن تقدّم استقالتها إلى بوتفليقة. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر في رئاسة الجمهورية، أن "استقالة الحكومة غير واردة ولا يوجد حكم في الدستور المعدّل أخيراً ينص على ذلك".

واللافت أن المصدر المسؤول في الرئاسة الجزائرية كان يرد على استمرار التعليقات حول استقالة الحكومة بعد إقرار التعديل الدستوري في الجزائر في السابع من فبراير/ شباط الحالي من قبل غرفتي البرلمان. وبدت رئاسة الجمهورية محرجة ومنزعجة من تقارير صحافية وتسريبات أكدت أن حكومة سلال بصدد تقديم استقالتها، ورشّحت هذه التسريبات مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى لخلافة سلال، على أن يخلف الأخير أويحيى في ديوان رئاسة الجمهورية.

واستندت هذه التقارير إلى اعتبارين، يتعلق الأول بعُرف سياسي جرى العمل به، إذ دأبت الحكومات على تقديم استقالتها في حالات وقوع تعديل دستوري كما حصل في تعديلي 2003 و2008، ويتعلق الثاني باعتبار تنفيذ مضمون مسودة الدستور الجديدة التي تنص على أن يستشير بوتفليقة الحزب الفائز بالانتخابات البرلمانية، وهو في الواقع الحالي حزب "جبهة التحرير الوطني" الذي يُعدّ بوتفليقة نفسه رئيسه الشرفي ويقوده الأمين العام عمار سعداني.

اقرأ أيضاً: الجزائر: "دستور بوتفليقة" يبصر النور بعد 17 عاماً

وتزامن رد الرئاسة مع تقارير رجّحت انقطاع الثقة بين بوتفليقة وسعداني، وبسبب تصريحات وإصرار الأخير على أن يكون المسؤول الأول في الحكومة من حزبه، إضافة إلى دخوله في صدام سياسي عنيف مع غريمه ورفيقه في الحكومة أحمد أويحيي الذي يشغل منصب الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، وهو الحزب السياسي الثاني في السلطة.

ويرى مراقبون أن بيان الرئاسة الذي نشرته الوكالة الرسمية، هو رسالة سياسية موجّهة إلى ثلاثة أطراف سياسية، الأول هو سعداني الذي يُعدّ من أكبر المتحمسين لسياسات بوتفليقة، واستعمله الأخير كـ"حصان طروادة" ومهاجماً إعلامياً عنيفاً ضد القائد السابق لجهاز الاستخبارات الجنرال محمد مدين، حتى إقالة الأخير من منصبه في 13 سبتمبر/ أيلول 2015. وهي رسالة تُقرأ في سياق رد فعل غاضب من الرئيس الجزائري ضد ما يعتبره مراقبون انفلاتاً سياسياً من قبل سعداني وانطلاقه في مهاجمة كل الأطراف السياسية بما فيها القوى السياسية الشريكة في الحكومة والداعمة لها، ما يشير إلى أن أيام سعداني على رأس حزب بوتفليقة باتت مسألة وقت. وكان سعداني قد توعّد غريمه السياسي وشريكه في الحكومة أحمد أويحيى بالتفرّغ لمهاجمته سياسياً، بعد الانتهاء من معركة تعديل الدستور، وهو صدام سياسي وإعلامي نجح بوتفليقة في تجنّبه، وتحاشى شق جبهة الموالاة التي تدعم خطواته السياسية في مواجهة تزايد ضغوط المعارضة والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد.

أما الرسالة السياسية الثانية للرئاسة الجزائرية، فهي موجّهة إلى الفريق الحكومي، الذي دلّت تصريحات عدد من وزرائه على حالة ارتباك، ما قد يؤثر على أدائهم الحكومي، خصوصاً في ظل أزمة النفط وتراجع عائدات البلاد المالية وبدء تنفيذ تدابير التقشف التي تضمّنها قانون الموازنة الجديدة لعام 2016.

فيما الرسالة الثالثة تأتي لتؤكد أن الرئيس الجزائري لا يرى أنه من المجدي التضحية في هذه المرحلة السياسية بالمجموعة التي أنجزت أكثر طموحاته السياسية المتعلقة بتعديل الدستور، وما سيرافق ذلك من مراجعة سلسلة من القوانين، آخذاً بالاعتبار اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة منتصف السنة المقبلة، والتي سيتعيّن على الحكومة التحضير لها، وستكون المحطة الرئيسية لتشكيل حكومة جديدة وفق الإجراءات التي نصّ عليها الدستور الجديد والتي تُلزم الرئيس باستشارة قيادة الحزب الفائز بالانتخابات.

اقرأ أيضاً: الرئيس الجزائري يدعو لإعادة بعث الاتحاد المغاربي

المساهمون