البيان المشترك للحوار الاستراتيجي الأول بين الدوحة وواشنطن

البيان المشترك للحوار الاستراتيجي الأول بين الدوحة وواشنطن

31 يناير 2018
اتفاقات هامة وقعها البلدان (نيكولاس كام/ فرانس برس)
+ الخط -
عقب الحوار الاستراتيجي الأول الذي عقدته دولة قطر والولايات المتحدة الأميركية، أمس الثلاثاء، في واشنطن، أصدر البلدان بيانا مشتركا شدّد على متانة علاقاتهما الثنائية والفرص المفيدة المشتركة لشعبي كل من البلدين لتعميق التعاون الثنائي بينهما، وتأكيد البلدين على قوة الروابط بينهما وتأسيسهما رؤية مشتركة لمستقبل شراكتهما الاستراتيجية.

وفيما لفت البيان المشترك إلى أن كلا من الدوحة وواشنطن، اتخذتا خطوة هامة نحو ترقية علاقتهما الثنائية، بتوقيعهما على مذكرة تفاهم تؤسس حوارا استراتيجيا سنويا بينهما، أكد أنهما في هذا الحوار الاستراتيجي حول مجالات محددة للشراكة بما فيها الدفاع، ومكافحة الإرهاب، ومكافحة التطرف، والتجارة والاستثمار. "ومع استمرار هذه المحادثات فإن كلا من دولة قطر والولايات المتحدة تعتقدان أن تعاونهما المشترك المستمر سيفيد مصالح كلا البلدين، إضافة إلى إفادته لأمن واستقرار منطقة الخليج"، يضيف البيان.

وورد في البيان أنه "بحثت ورحبت كل من دولة قطر والولايات المتحدة تعزيز التعاون بينهما في عدد من المجالات وإن كان التعاون لا يقتصر على هذه المجالات، ومنها التعاون السياسي، حيث عبرت كل من دولة قطر والولايات المتحدة عن ارتياحهما بشأن علاقاتهما الثنائية التي جرى تعزيزها وتوسيعها أخيراً. وهذا يسلط الضوء على التزامهما المتبادل للنهوض بالسلام والازدهار العالمي".

وفيما يخص الأزمة الخليجية، لفت البيان المشترك إلى أن قطر وأميركا بحثتا الأزمة "وأعربتا عن ضرورة الحل الفوري لها بشكل يحترم سيادة دولة قطر. وعبرت الحكومتان عن قلقهما بشأن التأثيرات الأمنية، والاقتصادية، والإنسانية الضارة للأزمة، كما أعربتا عن القلق كذلك بشأن السلام والاستقرار في الخليج وبشأن الالتزام بالقانون الدولي".

كما "أكدت دولة قطر تقديرها للدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في التوسط في النزاع دعما لجهود أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وأكدت كل من دولة قطر والولايات المتحدة على مساندتهما لمجلس تعاون خليجي قوي يركز على مجابهة التهديدات الإقليمية ويكفل مستقبلاً آمناً ومزدهراً لكل شعوبه"، وفق البيان.

كما "أكدت دولة قطر على دور الولايات المتحدة في المنطقة والدور الهام الذي تلعبه في مكافحة تهديدات الإرهاب والتطرف العنيف. أيضا تباحثت الحكومتان حول الأمن والاستقرار الإقليمي، بما في ذلك الجهود المشتركة لهزيمة تنظيم داعش، والصراعات الدائرة في سورية، والعراق، وليبيا، وأفغانستان، فضلاً عن ذلك الجهود لحل النزاع الفلسطيني -الإسرائيلي".

من جانب آخر، أشار البيان المشترك إلى أن واشنطن أقرت بالدور الإنساني السخي لدولة قطر على الصعيد الثنائي - ومتعدد الأطراف من خلال عمل مختلف وكالات الأمم المتحدة - لدعم السكان المشردين قسريا، وفي مساعدة اللاجئين، بمن في ذلك الملايين من الفئات الضعيفة كالأطفال الصغار والنساء. كما أقرت الولايات المتحدة أيضا بالتقدم الذي أحرزته قطر والالتزامات التي تعهدت بها مؤخراً بشأن مكافحة الإتجار بالبشر والنهوض بحقوق العمال. ووقعت الحكومتان مذكرة تفاهم لمواصلة التقدم في تلك المجالات.

وأشار البيان إلى أن الحكومتين تنويان تعريف وتحديد الأولويات للتعاون في المجالات بناءً على نتائج الحوار الأول وقررتا تأسيس فريق عمل لتطوير أولويات السياسات المشتركة والشراكات السياسية.

كما أكدت قطر والولايات المتحدة على المساهمة الحيوية التي تقدمها الشراكة الدفاعية بينهما في تعزيز أمن واستقرار المنطقة. ويعتبر هذا التعاون القائم بين البلدين عاملا حاسما في النجاح في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وردع العدوان الخارجي. وأشاد المسؤولون الأميركيون بمساهمات قطر في دعم الوجود الأميركي الكبير في قطر تحت القيادة الأميركية الوسطى.

وأصدرت الحكومتان إعلانا مشتركا حول التعاون الأمني، مؤكدتين التزامهما المشترك بتعزيز السلام والاستقرار ومكافحة ويلات الإرهاب. وأعربت الولايات المتحدة عن استعدادها للعمل بصورة مشتركة مع قطر بما يتسق وأحكام ميثاق الأمم المتحدة - لردع ومجابهة التهديدات الخارجية لوحدة الأراضي القطرية.

وبحثت الحكومتان برنامج المبيعات الخارجية للأسلحة الأميركية الذي تصل قيمته 24.7 بليون دولار أميركي والقائم حاليا بين الولايات المتحدة وقطر. منذ عام 2014، استخدمت قطر صندوقها السيادي لشراء أحدث الأنظمة العسكرية المتطورة وإجراء تدريبات مكثفة في المرافق الأميركية. وتشيد الولايات المتحدة بالحكومة القطرية على قيامها بتلك المشتريات، مشيرة إلى أنها قد نجم عنها توفير أكثر من 110.000 وظيفة للأميركيين وحافظت على استمرارية القدرات العسكرية الهامة للولايات المتحدة.

وسلطت قطر الضوء على استمرار توفر الفرصة للمزيد من المبيعات العسكرية الخارجية والمبيعات التجارية المباشرة، خاصة فيما يتعلق بتطوير القدرات البرمائية السريعة، التي من الممكن أن تؤدي إلى عدة بلايين من الدولارات من المكتسبات المستقبلية والتدريب على المدى القريب، فضلاً عن تحسين القدرة الدفاعية ضد العدوان والعمل المشترك مع القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي العسكرية في عمليات التحالف.

وتضمن البيان ترحيب الولايات المتحدة بعرض قطر لتوسيع المرافق الحيوية في القواعد الأميركية في قطر، لافتا إلى أن "تمويل قطر للنفقات الرأسمالية واستمراريته يسهم في تحقيق إمكانية الوجود العسكري الأميركي المستمر كما يحدث مع المرافق العسكرية الأميركية في أوروبا والمحيط الهادئ". كما أقرت الحكومتان بوجود شراكة ثنائية أمنية قوية ودائمة بينهما، وتتطلع كلتا الحكومتين إلى زيادة المناقشات بما يتعلق بإمكانية تحقيق التمركز الدائم للقوات العسكرية الأميركية في دولة قطر.

وأضاف البيان أن الطرفين ينويان تقوية الشراكة بينهما فيما يتعلق بالأمن ومكافحة الإرهاب والقضاء عليه وعلى التطرف العنيف. واستعرض الطرفان التقدم الإيجابي الذي تحقق وفقاً لأحكام مذكرة التفاهم حول مكافحة الإرهاب التي وقعت بينهما في 11 يوليو/ تموز 2017، بما في ذلك ما يختص بتبادل المعلومات ومكافحة تمويل الإرهاب والمحافظة على أمن الطيران وبناء القدرات. وشكرت الولايات المتحدة قطر على الإجراءات التي تتخذها لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف بجميع أشكالهما بما في ذلك كون قطر إحدى الدول القليلة التي أبرمت مثل مذكرة التفاهم المذكورة مع الولايات المتحدة.

وتنوي قطر والولايات المتحدة البدء في تنفيذ برنامج التدريب في مجال المساعدة في مكافحة الإرهاب في أقرب وقت ممكن كما هو مبين في خطاب نوايا تم التوقيع عليه بينهما في عام 2017. وسيركز البرنامج على مجالات أساسية مثل أمن الطيران والتحقيقات الخاصة بالأعمال الإرهابية وحماية الأهداف الرخوة.

ونوهت الحكومتان أيضا بمذكرة التفاهم التي أبرِمت أخيرا بين المدعي العام الأميركي ونظيره القطري حول مكافحة الإرهاب ومكافحة تمويله ومكافحة جرائم الفضاء الإلكتروني.

وعبَّرت دولة قطر والولايات المتحدة عن الحاجة لمعالجة موضوع التطرف العنيف من خلال الأطر الوقائية. وأكدتا على الدور الذي يلعبه الطرفان في تأسيس وتمويل المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب والصندوق العالمي لدعم مشاركة وصمود المجتمعات.

وفي مجال التجارة والاستثمار، أقرت الحكومتان بأن التحديات التي تواجه دولة قطر نتيجة للنزاع القائم في مجلس التعاون الخليجي دفعت قطر إلى البحث عن شراكات تجارية بديلة. وأشارت قطر إلى أنها بالرغم من النزاع أوفت بالتزامات التجارة الدولية.

وأكد البيان أن دولة قطر والولايات المتحدة تلتزم بتعزيز التجارة الثنائية، ورحبتا بدور الشركات الأميركية في تنمية قطر والاستثمار القطري في الشركات والوظائف الأميركية، وأقر كلا البلدين بأهمية الاستثمار الثنائي وأكدا من جديد التزامهما بمناقشة أطر الاستثمار الثنائي التي تعالج السياسات الضريبية وتقلل العقبات التنظيمية، وقدم وفد قطر توصيفاً بشأن الإصلاحات الأخيرة الرامية إلى جذب الاستثمار الأجنبي في قطر بما في ذلك مناطق التجارة الحرة وتوسيع الملكية لغير المواطنين وتحسين النظام المصرفي وتوطيد سيادة القانون بما في ذلك وضع آليه لتسوية المنازعات.

وأقرت الحكومتان بأهمية هيئة قطر للاستثمار والتزامها المسبق بقيمة 45 مليار دولار أميركي في الشركات الأميركية والعقارات والوظائف، وذكر الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار، الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني، وجود خطط لزيادة الاستثمارات في البنية التحتية الأميركية والتوسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية.

وأقرتا كذلك النتائج الإيجابية الناشئة عن اتفاقية إطار التجارة والاستثمار (TIFA) الثنائية التي وقعت في عام 2004، ولوحظ أن الاتفاقية (TIFA) تواصل العمل كمنصة لزيادة التعاون في مجالات إيجاد فرص العمل وقانون الملكية والاتصالات والجمارك والشركات الصغيرة والمتوسطة والأسواق الجديدة.

كما وقعت دولة قطر والولايات المتحدة الأميركية مذكرات تفاهم مختلفة وخطابات نوايا في مجالات التجارة الثنائية والاستثمار والتكنولوجيا، مرحبين بشراكة برنامج تطوير القانون التجاري للولايات المتحدة مع وزارة المالية، ووقع المسؤولون رسالة نوايا بشأن التعاون في مجال أمن الفضاء الإلكتروني ورسالة نوايا بشأن التعاون التكنولوجي الذكي.

ورحبت دولة قطر والولايات المتحدة الأميركية بمجموعة من التفاهمات حول الطيران المدني تم التوصل إليها في 29 يناير/ كانون الثاني بهدف ضمان المنافسة الصحية في قطاع الطيران العالمي مع الحفاظ على إطار السماوات المفتوحة للسياسة الأميركية للطيران الدولي، وتمثل التفاهمات التي ترتكز على العلاقة الاقتصادية والاستراتيجية الثنائية الوثيقة بين البلدين التزامات سياسية هامة رفيعة المستوى، وتؤكد الحكومتان العمل على تعزيز أفضل الممارسات لمشاركة شركات الطيران في السوق مع ضمان استمرار الفوائد الاقتصادية والسياسية والثقافية الهامة للخدمات الجوية التي تتيحها الأجواء المفتوحة.

وأكد الجانبان على أهمية الحفاظ على حرية الملاحة والتحليق والتجارة المشروعة دون عوائق بما يتوافق مع القوانين الدولية.

وأعربت الحكومتان عن رغبتهما المشتركة في تعزيز علاقاتهما الثنائية في قطاع الطاقة والتوقيع على مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين دولة قطر والولايات المتحدة.

وأضاف البيان أن عملية الحوار الاستراتيجي الجديدة تؤكد على التزام دولة قطر والولايات المتحدة بزيادة التعاون في المجالات ذات المنفعة المتبادلة والعملية، ويشتمل هذا التعاون على القضايا التي نوقشت اليوم ولكنه يشمل أيضا عملا هاما في مجالات الرياضة والتعليم والصحة والفنون والثقافة.

وقد استعرضت الحكومتان الخطوط العريضة لطريق المضي قدماً نحو تطوير شراكتهما. كما التزمتا بمواصلة الحوار والتعاون بينهما بشأن القضايا التي تشمل: مكافحة الإرهاب الإقليمي والتطرف العنيف، ومكافحة تمويل الإرهاب، وتوطيد أحدث المرافق الدفاعية المتطورة، وتوسيع نطاق شراكتهما التجارية والاستثمارية. وتتطلع كلٌ من دولة قطر والولايات المتحدة قدماً إلى تحقيق التقدم في تلك المجالات عندما ينعقد الحوار مجدداً في قطر في عام 2019.

ويتطلع الجانبان إلى المزيد من التعزيز لعلاقاتهما الثنائية إبان زيارة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لواشنطن في وقتٍ لاحقٍ من هذا العام.

وترأس الجلسة الافتتاحية للحوار الاستراتيجي الأول بصورة مشتركة كل من وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع، خالد بن محمد العطية، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

وشارك في الجلسة كل من وزير الطاقة والصناعة، محمد بن صالح، ووزير الاقتصاد والتجارة، الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني، مع وزير الطاقة الأميركي، جيمس آر. بيري، ووزير التجارة الأميركي، ويبلور آل. روس جي. آر، فيما ترأس الحفل الختامي وزير المالية، علي شريف العمادي، ووزير الخزانة الأميركي، استيفين تي. منوشين.

وقال محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في كلمة خلال الجلسة: نحتفل في العام الجاري بمرور 45 عاماً على بدء العلاقات القطرية الأميركية، مشيراً إلى أن انعقاد الحوار الاستراتيجي بين البلدين لأول مرة يوضح مدى عمق العلاقات الثنائية.

وأكد  الحرص على تطوير الشراكة القطرية الأميركية في مختلف المجالات، قائلاً: لا نتحدث عن شراكة أمنية ودفاعية فقط لكن نعتقد بأن قطاع الأعمال يُعد عنصراً مهماً في هذه الشراكة.

وأعرب وزير الخارجية القطري عن الأمل في أن يحتفل البلدان في الجولة المقبلة للحوار الاستراتيجي بالتقدم المحرز في الشراكة خلال العام الجاري، لافتاً إلى الثقة المتبادلة التي عززتها الشراكة القطرية الأمريكية خلال السنوات الماضية.

بدوره، تحدث وزير الاقتصاد والتجارة القطري، عن وضع إقتصاد بلاده القوي وفرص الاستثمار في الدولة ، والعلاقات التجارية بين البلدين.

وبين أن حجم صادرات قطر ارتفع بواقع 19 بالمائة ليصل إلى 68 مليار دولار في العام 2017 مقارنة بـ 57 مليار دولار في العام 2016.

وأكد أن دولة قطر ومن خلال الأرقام والمؤشرات الإيجابية، تعدت الحصار المفروض عليها، ولم يتأثر الاقتصاد وذلك بفضل السياسات الحكيمة للدولة، مبيناً أنّ "المناخ التجاري في قطر مشجع للاستثمار الأجنبي خصوصًا مع وجود ضريبة موحدة منخفضة".

وعن استثمارات دولة قطر في الولايات المتحدة، أشار الوزير إلى أن الاستثمارات القطرية ساعدت في خلق وظائف في الولايات المتحدة.

(العربي الجديد)