كردستان العراق... سباق حزبي على "المشاريع الإصلاحية"

كردستان العراق... سباق حزبي على "المشاريع الإصلاحية"

16 فبراير 2016
إصلاحات كردستان سبب في الخلاف (سافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -
لا يزال الصراع الحزبي طاغياً على المشهد العام المتأزم في إقليم كردستان العراق، ولم تخف حدّته منذ أن تفجّر في النصف الثاني من العام الماضي، على خلفية انتخابات دورة جديدة لرئاسة الإقليم. لكن آليات الصراع باتت متنوّعة، ليتحوّل، خلال العام الحالي، إلى التنافس في إطلاق المشاريع الإصلاحية، حتى بات لكل حزب مشروعه الإصلاحي وقراءة خاصة لمجمل أزمات الإقليم.

وفي حين تذهب بعض الأحزاب إلى الدعوة لإجراء إصلاحات، جوهرها "إزالة المخالفات وتصحيح مسار القطاع الاقتصادي" كمدخل لإصلاح أوضاع الإقليم وعلى مراحل، تدعو أحزاب أخرى إلى إلغاء العملية السياسية الراهنة وحلّ الحكومة والرئاسة والبرلمان والتأسيس لغيرها، وإجراء كمّ كبير من المراجعات والتعديلات القانونية.

أحدث المشاريع الإصلاحية التي أُعلن عنها، صدرت عن "حركة التغيير"، المتهمة من الحزب الحاكم في الإقليم، وهو الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بقيادة مسعود البرزاني، بـ"التسبّب بالأزمة السياسية الراهنة في الإقليم".

في هذا السياق، خرج المتحدث باسم "حركة التغيير"، البرلماني السابق، شورش حاجي، في مؤتمر صحافي، مساء الأحد، في مدينة السليمانية، ليقول إن "حركة التغيير أعدّت مشروعاً يهدف لمعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية في إقليم كردستان. وأمام الحكومة أحد خيارين، إما الأخذ بالمشروع أو حلّ الحكومة وإنهاؤها".

يطالب حاجي بـ"عودة رئيس برلمان إقليم كردستان (يوسف محمد) لمنصبه، واستئناف عملية كتابة دستور الإقليم، المتوقفة من قبل البرلمان، وتحقيق الشراكة السياسية، وتطبيق نظام الإدارة اللامركزية لمحافظات الإقليم، وتحويل الأجهزة الأمنية إلى مؤسسة وطنية غير مرتبطة بالأحزاب". كما يدعو إلى "تغيير النظام السياسي للإقليم، ليصبح اختيار رئيس الإقليم بيد البرلمان، ويُنتخب من النواب لا عبر الاقتراع المباشر، كما ينصّ القانون الحالي للرئاسة". تُطالب الحركة، أيضاً، بـ"إقالة وزير الثروات الطبيعية (عبدالستار مجيد) وسحب ملف إدارة قطاع النفط والغاز منه ومن الفريق المساعد له"، متهمة الحكومة بـ"اتباع أسلوب متخلّف في الإدارة، وهو ما أدى إلى تفشي الفساد بكافة مفاصل السلطة". كما تدعو إلى "مصادرة الأموال والشركات التابعة للسياسيين وقادة الأحزاب وتسليمها لوزارة المالية".

اقرأ أيضاً مشروع انفصال كردستان مؤجل: عقبات سياسية وأمنية واقتصادية

كان رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، قد أعلن في العاشر من الشهر الحالي، ورقة إصلاحية وجّهها للحكومة، تتألف من فقرات عدة، تُركّز على إجراء إصلاحات إدارية ومالية وتجنّب الخوض في الجانب السياسي. تضمّنت ورقة البرزاني الإصلاحية "الدعوة إلى مراجعة هيكل حكومة إقليم كردستان وتنظيمه بشكل يناسب متطلبات الحكومة، ومراجعة الهيكل المالي للحكومة وتنظيم وحدات المحاسبة في كافة المؤسسات الحكومية ووزارة المالية، ومراجعة الملاك الحكومي بهدف تنظيمها والعمل على إنشاء مجلس الخدمة، كذلك مراجعة ملاك قوات البشمركة ووحداتها ومنشآتها بغية إعادة تنظيمها". يدعو المشروع أيضاً، إلى "إزالة التجاوزات على الأراضي الزراعية والسياحية العائدة للدولة، وتدقيق عقود الاستثمار للشركات ومراجعة قانون الاستثمار، وإعادة تنظيم واردات الإقليم والتقليل من المصاريف".

فضلاً عن ذلك، ينصّ المشروع على "اتخاذ إجراءات محاسبة الشركات التي حصلت على أرباح عن عملها بشكل غير قانوني، ودعوة الشركات الناجحة في عملها إلى توجيه قسم من أرباحها للحكومة، لإعانتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية". بعد 24 ساعة على مشروع البرزاني، وُلد مشروع إصلاحي ثانٍ، أطلقه حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني"، الذي يقوده جلال الطالباني، وأطلق عليه اسم مشروع "الإصلاح والمساءلة".

وُضع المشروع من قيادة الحزب الفرعية لمحافظة السليمانية، وجاء فيه، إن "المشروع يأتي رداً على التقارير التي تتهم بعض المسؤولين الحزبيين والحكوميين بممارسة أعمال تجارية وصناعية ومالية مع عملهم الحزبي، وهو يستدعي إصدار الحكومة بعض القرارات". ويدعو المشروع إلى "تأسيس هيئة ذات سلطة وصلاحيات قانونية، تضمّ نواباً في البرلمان وهيئة الرقابة والنزاهة، وخبراء نزهاء ومُخلصين، تحقق وتراجع بدقة الأموال والممتلكات العائدة للأشخاص والشركات، التي تُعدّ أصولها موضع شك. كما تُجري الهيئة تحقيقات في حالات الاستغلال الوظيفي في الحكومة، لإجراء عمليات غير قانونية تُصنّف كونها فساداً مالياً وإدارياً".

بدوره، قدّم "الاتحاد الإسلامي الكردستاني" (الإخوان المسلمون)، مشروعه بشأن الإصلاح، وهو يدعو إلى وقف رواتب الموظفين والمتقاعدين (الفضائيين)، وزيادة إيرادات النفط وتنظيم الإيرادات غير النفطية، وإعادة النظر بقطاع الاستثمار، وتقليص الإنفاق الحكومي وتحقيق اتفاق جديد حول النفط والتعاون مع الحكومة الاتحادية العراقية. كما يتمسك الحزب بموضوع معالجة قانونية لأزمة الرئاسة وتطبيع العلاقات بين الأحزاب وتفعيل البرلمان أيضاً.

يدعو "الاتحاد الإسلامي" أيضاً، إلى "العمل بروح التسامح"، في هذه المرحلة التي وصفها بـ"الخطرة"، بغية خلق بيئة سياسية واجتماعية تساعد على تحقيق تحالف وطني، يؤدي إلى معالجة المشاكل العالقة ووضع استراتيجية وطنية موحدة نحو تحقيق الأهداف التاريخية للشعب.

إلى جانب الأحزاب الثلاثة، تبرز مشاريع أخرى لـ"الجماعة الإسلامية"، ولـ"الحركة الإسلامية"، بالإضافة إلى ورقة إصلاحية داخلية لـ"الحزب الديمقراطي الكردستاني"، بقيادة البرزاني. كما أن ما يؤكد طغيان الصراع حتى في موضوع التنافس على إطلاق المشاريع الإصلاحية من الأحزاب، هو تصريحات المسؤولين، التي تنتقد وتنتقص من قيمة بعض تلك المشاريع.

يُذكر أن إقليم كردستان قد دخل في أزمة سياسية بعد انتهاء الدورة الرئاسية الحالية للإقليم في 20 أغسطس/آب الماضي، وإعلان الحكومة عدم القدرة على إجراء انتخابات جديدة لعدم توفر الأموال اللازمة لذلك. بموازاة ذلك، رفضت بعض الأحزاب التمديد للدورة الحالية وطالبت بإعفاء الرئيس وتغيير قانون الرئاسة، لتجنّب إجراء انتخابات واختياره من البرلمان. كما حاولت بعض الأحزاب إجراء التعديلات على قانون الرئاسة، من دون إشراك حزب الرئيس نفسه، إلا أن الجهود لم يكتب لها النجاح. ومع تراجع أسعار النفط الخام عالمياً أخذ الإقليم يواجه أزمة ثانية اقتصادية خانقة زادت من تعقيد الوضع.

إلى ذلك، يتخوّف الإقليم من تأثر قدراته في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي يقاتله منذ صيف 2014 على جبهة طولها 1000 كيلومتر، بفعل الأزمات السياسية والاقتصادية التي يمرّ بها، ويسعى بالتالي إلى إقناع الدول الغربية بدعمه مالياً وبالسلاح خلال الفترة الحالية.

اقرأ أيضاً: البرزاني يعلن عن برنامج للإصلاحات بكردستان العراق