الجزائر: الحراك يصف سياسة الرئيس تبون بـ"العهدة الخامسة لبوتفليقة"

الجزائر: الحراك يصف سياسة الرئيس تبون بـ"العهدة الخامسة لبوتفليقة"

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
07 فبراير 2020
+ الخط -
مع اقتراب إكمال الحراك الشعبي في الجزائر دورته السنوية الأولى من المظاهرات والاحتجاجات السلمية، التي لم تتوقف منذ 22 فبراير/شباط الماضي، يستعيد الحراك شيئا فشيئا نفسه الاحتجاجي وزخمه الشعبي، بعد عودة لافتة للمتظاهرين إلى الشارع خلال الجمعات الأخيرة، خاصة إثر بروز ملامح سياسات وقرارات وتعيينات اتخذتها السلطة السياسية الجديدة، لم ترُق لكتلة كبيرة من الحراكيين الذين كانوا قد انسحبوا سابقا من التظاهر، وأيدوا مسار السلطة وإجراء انتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وتزاحم المتظاهرون اليوم في شارع ديدوش مراد وساحة البريد المركزي وسط العاصمة الجزائرية، في أقوى مظاهرات للحراك الشعبي منذ شهر ديسمبر الماضي. وانطلقت مظاهرات اليوم من حي بلكور وساحة أول مايو باتجاه البريد المركزي، حيث التقى المتظاهرون مع مسيرة مماثلة قدمت من حي باب الواد الشعبي. وقاد مظاهرات اليوم عدد من رموز الحراك الشعبي الذين كانوا رهن الاعتقال، وأفرج عنهم قبل أيام، من بينهم الناشط سمير بلعربي الذي احتفى به المتظاهرون، إذ عاد مجددا إلى الشارع بعد أربعة أيام من إطلاق سراحه. وقال بلعربي لـ"العربي الجديد" إن "السجن والاعتقال لا يضعفان الهمة، ولكنهما يعززان الموقف والإيمان بالقضية وبمطالب الحراك الشعبي التي رفعت قبل سنة تقريبا في 22 فبراير 2019".

وكان حضور إحدى السيدات، وتدعى الخالة باية، مميزا في مظاهرات اليوم الجمعة، وهي العجوز التي صارت من بين رموز الحراك بعد تعرضها لاعتقال تعسفي من قبل رجال الشرطة في مظاهرات الجمعة الماضية، إذ تم اقتيادها إلى منطقة زرالدة في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، وأطلق سراحها على الطريق السريع من دون منحها دواء "ترامادول" كان بحوزتها، واحتفظ به رجال الشرطة؛ في حادثة أثارت استياء كبيرا في الجزائر، ودفعت نشطاء حقوقيين لإثارة قضيتها وطريقة اعتقالها وتركها في منطقة بعيدة برغم سنها واحتجاز دوائها. وتجمع عدد من المتظاهرين اليوم خلف السيدة باية، التي سمح لها بقيادة المظاهرة، وقالت باية في تصريح للصحافيين إنها تعاني من مرض خبيث، لكنها توصي الشباب "بمواصلة النضال، وعدم التوقف عن التظاهر أو وقف الحراك الشعبي حتى تحقيق كافة المطالب".
وعادت في مظاهرات اليوم الشعارات المناوئة لـ"العهدة الخامسة"، في إشارة إلى اعتبار الرئيس الجديد عبد المجيد تبون بمثابة استكمال لنفس النهج السياسي للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، من دون أي تغيير سياسي جدي، أو مؤشرات لإطلاق مسار ديمقراطي حقيقي في البلاد، كما تجددت الشعارات الرافضة لأي تدخل للجيش في الشأن السياسي، إذ هتف المتظاهرون "دولة مدنية وليست عسكرية"، و"لا للجنرالات ولا للعسكر"، إضافة إلى شعارات تطالب بمحاربة الفساد وتحرير العدالة من الضغوط السياسية وهيمنة الأجهزة عليها، ورفض قرار اللجوء للتنقيب واستغلال الغاز الصخري.

وكانت لافتة الانتقادات الحادة التي توجه بها المتظاهرون إلى الصحافة المحلية، التي لا تغطي مظاهرات الحراك الشعبي والطلابي كل ثلاثاء وجمعة، بسبب خضوعها لضغوط من السلطة التي تمنعها من ذلك منذ أشهر، وتقتصر التغطية على عدد قليل من القنوات الأجنبية العاملة في الجزائر. كما رفعت صور نشطاء الرأي الذين ما زالوا في السجون، خاصة الطالبة نور الهدى عقادي التي تقبع في سجن تلمسان غربي الجزائر، وكريم طابو وفوضيل بومالة وياسين خالدي، إضافة إلى مشاركة عائلات المساجين السياسيين الإسلاميين المعتقلين منذ بداية ومنتصف التسعينيات، ويقضون عقوبات سجن مؤبد أدانتهم بها محاكم خاصة أنشأتها سلطات الانقلاب العسكري في يناير/كانون الثاني 1992، وتطالب عائلاتهم السلطة بالافراج عنهم.

وكعادته في الاحتفاء بالرموز السياسية والتاريخية التي كانت لها مواقف مشرفة في المسألة الديمقراطية، احتفى الحراك الشعبي، في مظاهرات الجمعة، بالزعيم التاريخي رئيس الحكومة المؤقتة التي قادت مفاوضات استقلال الجزائر، وكان يفترض أن تشرف على عملية انتقال السلطة إليها من السلطات الاستعمارية، لكنها تعرضت لانقلاب عسكري بعد دخول جيش الحدود، بقيادة قائد الأركان حينها هواري بومدين (رئيس الجمهورية لاحقا من 1965 إلى 1978)، واستيلائه على السلطة بالقوة.

وعززت السلطات الجزائرية من الانتشار الأمني في شوارع وساحات وسط العاصمة، حيث لوحظ عدد كبير من سيارات ومركبات الشرطة مركونة على طرفي الشوارع القريبة من ساحة البريد المركزي، وشارع ديدوش مراد. وطوقت الشرطة محيط مسجد الرحمة وسط العاصمة الذي تنطلق منه في العادة المظاهرة المركزية. وتحاول السلطات، ومنذ أسابيع، الاستيلاء تدريجيا على مساحات إضافية من الشوارع والساحات التي تحتضن المظاهرات، ضمن خطة لإنهاء الحراك الشعبي، لكن الظاهر أن مسعى السلطة فشل بشكل كبير بالنظر إلى عودة كتل شعبية متعددة إلى الحراك، بعد انسحاب مؤقت لإفساح المجال للمسار الانتخابي.
ويفسر الناشط في "منبر الجزائريين الأحرار"، نور الدين خدير، عودة بعض الكتل من المتظاهرين، خاصة من التيارين الإسلامي والوطني المحافظ، إلى الحراك، بعد انسحابهم لفترة، لاقتناعهم بأنهم "تعرضوا لتحايل سياسي من قبل السلطة، بشأن أن تكون الانتخابات ممرا لحل سياسي"، لكنهم لاحظوا، على خلاف ذلك ومنذ التعيينات التي تمت في الحكومة، أنها خدمت تيارا سياسيا واحدا وهو التيار العلماني، وإطلاق سراح بعض رجال الأعمال المحسوبين على نفس هذا التيار، وهو أمر أقلق هذه الكتل الشعبية والسياسية، والتي ترى أن النظام يتجه إلى رسكلة نفسه".

وإضافة إلى عودة متظاهرين للحراك، عادت المظاهرات إلى مدن جزائرية كانت قد توقفت فيها، كمدينة سيدي بلعباس التي هتف فيها المتظاهرون "يا سكان بلعباس، الحراك راه لاباس (إنه بخير)"، وشهدت مدن تلمسان ووهران وتيارت غربي الجزائر، وتيزي وزو والبويرة وبجاية في منطقة القبائل، وقسنطينة وسطيف وعنابة شرقي البلاد، وواد سوف وإدرار وورقلة، مظاهرات تطالب بإطلاق مسار ديمقراطي وإطلاق سراح المعتقلين ورفع التضييق على الحريات وتحرير العدالة، ويتوقع أن يتزايد عدد المتظاهرين والمدن في الجمعتين المقبليتن، قبل جمعة 21 فبراير الجاري، التي يسعى الناشطون لأن تكون احتفالية بمناسبة السنة الأولى لاندلاع الحراك الشعبي في البلاد.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.