هذا هو التقرير الذي اعتمده ماكرون لضرب النظام السوري

هذا هو التقرير الذي اعتمده ماكرون لضرب النظام السوري

14 ابريل 2018
تقرير دوما رُفعت عنه السرية لإطلاع الفرنسيين(أوريليان موريسار/Getty)
+ الخط -
يشير التقرير الفرنسي السرّي، الذي نزع عنه طابع السرية بشكل استثنائي من أجل "قول الحقيقة للفرنسيين"، والذي ارتكز عليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمشاركة الحليفين، الولايات المتحدة وبريطانيا، في ضرب النظام السوري، بكثيرٍ من الثقة والتأكد، إلى إقدام النظام السوري على شنّ هجمات كيميائية استهدفت مدينة دوما يوم السبت 7 إبريل/ نيسان الحالي.

ونقرأ في التقرير أن ضربات عدة تمّ تنفيذها في السابع من إبريل، في منطقة دوما، وأن الاستخبارات الفرنسية لجأت إلى تحليل شهادات وصور وفيديوهات، ظهرت بشكل تلقائي على المواقع المتخصصة وفي الصحف وعلى شبكات التواصل الاجتماعي في الساعات والأيام التي تلت الهجوم. كما أنه تم تحليل شهادات "حصلت عليها الأجهزة". 

وقد أتاح فحصُ الفيديوهات وصور ضحايا، "الوصول إلى خلاصة تتمتع بدرجة عالية من الثقة، مفادها أن الأمر لا يتعلق بأي فبركة، وأن الطبيعة التلقائية لوضع الصور على مجموع شبكات التواصل الاجتماعي تؤكد أن الأمر لا يتعلق بمونتاج فيديو أو بصورٍ قديمة، إضافة إلى أن قسماً من الكيانات التي نَشَرت هذه المعلومات معروفٌ عنها تميزها بالصدقية". 

ويشير التقرير الاستخباري الفرنسي إلى أن الخبراء الفرنسيين حللوا الأعراض القابلة للتحديد على الصور والفيديوهات المنشورة، سواء التي التقطت في فضاء مغلق في مبنًى، وتستعرض نحو 15 قتيلاً سقطوا ضحية الكيميائي، أو المستشفيات المحلية التي استقبلت مرضى تعرضوا للكيميائي، فاستنتجوا أعراضاً عدة، هي الاختناق وصعوبات في التنفس، إضافة إلى روائح قوية للكلور وحضور دخان أخضر على المناطق المستهدفة، وأيضاً إفرازات لعابية، واحتقان الدم وحروق جلدية"، مؤكداً أن "مجموع  هذه الأعراض يتعلق بهجوم كيميائي". 

من جهة أخرى، يكشف التقرير أن معلومات ذات صدقية تشير إلى أن "عسكريين سوريين نسّقوا ما يبدو أنه استخدام أسلحة كيميائية تحتوي على مادة الكلور في 7 إبريل 2018". 

ويفسّر التقرير السري الفرنسي الأسباب التي دفعت النظام السوري إلى اللجوء إلى هذا السلاح، وهما هدفان عسكري واستراتيجي. فاستخدام مثل هذه الأسلحة، يتيح، من الناحية التكتيكية، طرد المقاتلين الأعداء الذين يتحصنون مع السكان، حتى يتسنى القيام بشن معارك حضرية في ظلّ شروط تكون لمصلحة النظام. وهذا الاستخدام يشكل عاملاً مُسرِّعاً لاكتساح الأراضي وله نتائج مضاعَفة، وهو يرمي، بسرعة، إلى إسقاط آخر معاقل المجموعات المسلحة.  

ومن الناحية الاستراتيجية، إن استخدامات "الكيميائي"، بخاصة الكلور، التي تم توثيقها بداية 2018 في الغوطة الشرقية، من بين أهدافها "معاقبة السكان المدنيين الموجودين في هذه المناطق التي توجد في حوزة معارضي النظام، ونشر تأثير الرعب والخوف بينها، ما قد يدفعها إلى الاستسلام". وبينما لا تزال الحرب مستمرة، بالنسبة إلى النظام، فـ"الأمر يتعلق، من خلال ضربات لا تميز بين أهدافها، بالبرهنة على أن كل مُقاوَمَة غير مفيدة، وللتهييء لاستسلام الجيوب الأخيرة".        

ويُذّكر التقرير بأن هجوم دوما الكيميائي ليس الأول للنظام السوري، فمنذ 2012، يقوم هذا النظام باستخدام الوسائل الكيميائية السامة، وقد حدث هذا في نهاية 2016، من أجل الاستيلاء على مدينة حلب، حيث لجأ إلى إشراك معدات كلور مع سلاحه التقليدي".

وبقدر ما يحمّل التقرير المسؤولية كاملةً للنظام السوري في استخدام هذا السلاح المحرم دولياً، يبرئ المعارضة من هذا الاستخدام. ويؤكد أن "الاستخبارت الفرنسية لا تملك أي معلومة تدعم الأطروحات القائلة إن المجموعات المسلحة في الغوطة حاولت امتلاك هذا السلاح أو أنها كانت تمتلكه"، بينما استخدم النظام السوري، كما يورد التقرير الفرنسي، "السلاح الكيميائي والمواد السامة، مرات عديدة، خلال 2017، في إطار عملياته العسكرية".

ويرى التقرير أيضاً أن "النظام السوري احتفظ منذ 2013، ببرنامجه الكيميائي السرّيّ، وهو ما يسمح بالقول إن النظام استخدم، مرات عديدة، هذا السلاح منذ 4 إبريل 2017". وتتحدث الاستخبارات الفرنسية عن 44 حالة استخدام منذ هذا التاريخ، أي منذ الهجوم بغاز السارين في خان شيخون، ومنها هجوم 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 في حرستا. 

وينتهي التقرير إلى خلاصة ساهمت في إقناع ماكرون بإعادة الاعتبار لـ"الخطوط الحمر" التي رسمها، وهي أنه "على قاعدة تقييم المجموع، وبسبب المعلومات التي حصلت عليها الأجهزة الفرنسية، وفي غياب عيّنات كيميائية يتم تحليلها في مختبرات، فإن فرنسا تقدّر إذاً، من دون شك ممكن، أن هجوماً كيميائياً حدث ضد مدنيين في دوما يوم 7 إبريل 2108، وأنه لا يوجد أي سيناريو آخر ممكن ومقبول، سوى أنها عملية من قبل القوات المسلحة السورية في إطار هجوم شامل على منطقة الغوطة الشرقية. كما أن التقديرات تشير إلى أن القوات المسلحة والأمن السوري مسؤولان عن عمليات أخرى سنتَي 2017 و2018.