عام صعب ينتظر ترامب: التحقيقات الروسية وانتخابات الكونغرس

عام صعب ينتظر ترامب: التحقيقات الروسية وانتخابات الكونغرس

03 يناير 2018
الاهتمامات الداخلية تطغى على 2018 (Getty)
+ الخط -
تنشغل الدوائر الأميركية بتقييم حصاد السنة الآفلة، وبمحاولة استشراف ما قد تأتي به السنة التي انطلقت قبل أيام. وعادة، يحظى الشق الأول بالحصة الأكبر من الاهتمام، لما يحمله من تنوّع في القراءات للمواقف والتوجهات والسياسات، في حين تميل التكهنات حول القادم واحتمالاته إلى التحفظ، إما لأن الصورة غالباً ما تكون ضبابية، وإما لأنه من الصعب الإحاطة المسبقة بمجمل جوانب المشهدَين الداخلي والخارجي.

لكن هذه السنة تبدو المعادلة مقلوبة، وإلى حد بعيد، فالتقييمات شبه متوافقة تقريباً حول تصنيف حصيلة السنة الأولى من رئاسة دونالد ترامب، ما عدا المحسوب منها على جماعته. وفي المقابل، تبدو التوقعات أكثر وضوحاً فيما يتعلق بوضع هذه الرئاسة وخياراتها في 2018.

لا خلاف بين المرجعيات والنخب وأصحاب الخبرة في واشنطن على أن مسيرة رئاسة ترامب خلال 2017 كانت "صاخبة ومعطوبة، شرعيتها كانت وما زالت تحت التحقيق".

الاتهامات التي صدرت في هذا الخصوص، عززت الشكوك، وتركت سحابة قاتمة فوق البيت الأبيض. أزمة ساهمت في مفاقمة الخلافات والصراعات داخل حاشية ترامب وكبار معاونيه، ما أدى إلى استقالة أو إقالة أكثر من ثلاثين مسؤولاً، من الصفين الأول والثاني، خلال أقل من عشرة أشهر.

علاوة على ذلك، تميزت هذه الفترة بممارسات ومواقف أثارت الكثير من الدهشة والذهول، خاصة صدامات البيت الأبيض مع القضاء ووكالات الاستخبارات والصحافة، وحتى قيادات الجمهوريين ومكتب التحقيقات الفيدرالي، "إف بي آي"، ووزارة العدل، على الرغم من أن وزيرها، جيف ساشينز، هو حليف ترامب الأول في الانتخابات؛ فضلاً عن تعامله "المتفهم" مع العنصريين البيض، في أحداث مدينة شارلوتسفيل.

القائمة طويلة، والأطول منها "شطحات" ترامب الخارجية، من الأزمة الكورية الشمالية، إلى قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مروراً بالانسحاب من اتفاقيات دولية، مثل اتفاقية باريس للمناخ، والنووي الإيراني، والتغاضي عن حصار قطر، والدعم القوي لتوجهات القيادة السعودية الجديدة، التي لاقت الكثير من الانتقادات الأميركية.

التعاطي بـ"زئبقية وتذبذب وفردية" مع هذه الملفات، أثار الكثير من الجدل والقلق، وأحياناً الخوف في واشنطن، وحتى في صفوف الجمهوريين. السناتور بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، حذّر مرة من عواقب التعامل بهذا الشكل مع القضايا الدولية، إذ "قد يجر إلى حرب عالمية ثالثة".

لكن قاعدة الرئيس الأميركي لم تتزحزح عن احتضانها توجهاته. تُعزى ممارساته غير المألوفة إلى كونه من خارج النسيج السياسي التقليدي، مع الإصرار على أن حصيلة عامه الأول كانت "إنجازات نوعية صافية"، حسب التقييمات. زعمٌ يجافي الحقيقة والواقع، فأجندة ترامب الأساسية لم تغادر مدرج الإقلاع بعد، ما عدا قانون الخفض الضريبي الذي مرره الجمهوريون في الكونغرس وبشق الأنفاس- بصوت واحد في مجلس الشيوخ- لأنه مشروعهم أصلاً وليس مشروعه.

على هذه الصورة انقضى 2017. لكن الطامة تنتقل إلى العام القادم، المشحون أكثر من سابقه بالتوتر. من المتوقع في عام 2018 أن تبلغ التحقيقات الروسية خواتمها. كما سيشهد حملة ساخنة لانتخابات الكونغرس (مجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ)، يتوقف على نتائجها مصير رئاسة ترامب.

وثمة ما يدعو ترامب إلى التخوف، لأن النبض الانتخابي الآن يرجّح، لكن لا يضمن كفة الحزب الديمقراطي. هذا الأمر قد يعرّض رئاسة ترامب إلى الخطر، لو خلص المحقق الخاص بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، روبرت مولر، إلى تثبيت تهمة "التواطؤ" بين حملة ترامب الانتخابية وبين الروس، وبعلم الرئيس أو العمل "لعرقلة سير العدالة" بموافقته. في النهاية، يعود القرار الفاصل إلى الكونغرس، خاصة لمجلس النواب، بعد أن يتبلغ خلاصة تحقيقات مولر. إذا بقيت الأغلبية بيد الجمهوريين، فلا تهديد لرئاسة ترامب ما لم تكن الأدلة فاضحة ومن غير الممكن تجاهلها. ولهذا، فإن السنة القادمة في واشنطن مرشحة لأن تطغى عليها الاهتمامات الداخلية، وبالتحديد التحقيقات والانتخابات.

وقد يدخل الوضع في أزمة دستورية إذا ما جرى إحباط التحقيق قبل انتهائه بإقالة المحقق. كما قد يدخل في أزمة أعمق لو انتهى التحقيق بإدانات كبيرة، لكن جرى تعطيل تنفيذه بذريعة أنه مشوب بالانحياز.

كل الاحتمالات مفتوحة، خاصة أن الأجواء في واشنطن ملبّدة وغيومها داكنة وتنذر برياح عاتية. وبالأخص أن ترامب "لن يكون من السهل إزاحته، كما جرى للرئيس نيكسون" يقول السياسي المحافظ باتريك بيوكانن في كلامه، محذّراً من مشكلة كبيرة قد يحملها 2018 في طياته.