إبادة مسلمي الروهينغا ببنادق إسرائيلية

إبادة مسلمي الروهينغا ببنادق إسرائيلية

07 سبتمبر 2017
حرب إبادة ضد الأقلية المسلمة بميانمار (يي يونغ/فرانس برس)
+ الخط -
العلاقة بين إسرائيل والنظام الذي يرتكب جرائم عرقية في ميانمار (بورما سابقا) هذه الأيام، ليست استثنائية، فهي جزء من نسيج كامل بنته إسرائيل مع دول ومليشيات معروفة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات إنسانية، بدءا من النظام العنصري في جنوب أفريقيا، فالأرجنتين، وصولا إلى دعم المليشيات الانفصالية في دول أفريقية عدة.

بدأت علاقة إسرائيل مع بورما نهايات الخمسينيات. وعلى غرار علاقات إسرائيل مع دول أخرى، بدأ الود بين الدولتين من خلال صفقات بيع الأسلحة. ومع الانقلاب الذي شهدته البلاد عام 1988، تعززت العلاقات بشكل ملحوظ، وبدأت الأخبار تنتشر حول صفقات أسلحة من مختلف الأنواع بين النظامين. 

وفي مطلع التسعينيات، بدأت الزيارات المتبادلة، سواء لقيادات عسكرية أو سياسية. 

وخلال هذه الفترة، حصلت شركات إسرائيلية خاصة على صفقات تطوير أسلحة وآليات عسكرية وتدريب للجيش في ميانمار، ووصلت العلاقة العسكرية بين الدولتين إلى أن صارت البنادق الإسرائيلية والرشاشات من نوع "عوزي" و"سولتام" ركيزة أساسية للجيش البورمي.



 وخلال مرحلة التطور العسكري، ازدهرت العلاقة الدبلوماسية، التي وصلت إلى وجود سفارة للنظام البورمي في إسرائيل، وكذا وجود سفارة إسرائيلية في يانغون، عاصمة بورما. 

 

مجرم حرب يتسوق في تل أبيب 

وحسب تقارير دولية عدة، فإن القوات العسكرية التي لا سيطرة للإدارة السياسية عليها فعليا ارتكبت جرائم حرب عدة مرات في البلاد في حق الأقلية المسلمة، ووردت أسماء شخصيات ارتبطت أساسا بجرائم، مثل الجنرال مين أونغ هيلينغ. 

لاحقا زار هيلينغ إسرائيل، والتقى بالرئيس الإسرائيلي وبرئيس الأركان وبقيادات عسكرية رفيعة، وتنقل بين معارض عسكرية عدة، في زيارة وصفتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تقرير نشرته أمس الأربعاء، بـ"جولة تسوق".
 

ولم تكن الزيارات باتجاه واحد، إذ زارت شخصيات إسرائيلية أيضا ميانمار، آخرها في العام الماضي، عندما زار ميشيل بن باروخ، وهو مسؤول قسم الصادرات العسكرية، ميانمار.
 

وحسب صحيفة "هآرتس"، فإن الزيارة السرية توجت بتوقيع صفقة تبادل عسكري، تضمنت سفنا حربية. 

وتابعت الصحيفة أنه في صيف العام 2016، نشرت شركة أمنية إسرائيلية معروفة باسم "TAR Ideal Concepts"، يرأسها مفوض الشرطة الإسرائيلية السابق شلومو أهارونيشكي، صورا لتدريبات ببنادق "كورنشوت" إسرائيلية، وقالت إن الجيش في ميانمار بدأ باستخدامها. 

ولاحقا، تمت الإشارة إلى هذه الصفقات باعتبارها تبادلات مع آسيا، وأخفي اسم بورما من موقع الشركة. 

وحسب تقرير نشرته صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية، أمس الأربعاء أيضا، فإن الشركة الإسرائيلية نفسها أشرفت على تدريب الجيش في ميانمار في ولاية راخين الشمالية، وهي مركز من مراكز العنف العرقي في البلاد.

  

حملات مناهضة من الجمعيات الحقوقية 

وأوردت "ذا إندبندنت" أن إسرائيل تتعرض لحملات مستمرة من جمعيات حقوق الإنسان، بسبب استمرارها في الدعم العسكري للجيش في ميانمار، رغم كل جرائم الحرب التي تجري هناك. 

وأضافت أن إسرائيل زودت سلطات ميانمار بأكثر من مائة دبابة، وكميات من السفن الحربية والأسلحة الخفيفة. 

وعلى أثر هذه الصفقات، رفع ناشطون إسرائيليون، في الفترة الأخيرة، شكوى ضد وزارة الدفاع الإسرائيلية في المحكمة العليا، بتهمة بيع السلاح لمرتكبي جرائم حرب. وردت وزارة الأمن، في مارس/ آذار الماضي، بأنه لا يحق للمحكمة مناقشة القضية، لأنها شأن دبلوماسي وسياسي. 

وفي وقت سابق، وردا على اعتراض عضو الكنيست، تمار زندنبرغ، في الخامس من يونيو/ حزيران الماضي، على تصدير الأسلحة إلى ميانمار، زعم وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن "إسرائيل دولة متنورة، وتخضع للشروط نفسها التي تخضع لها الدول المتنورة الأخرى، والتي تعتبر دولا مزودة للسلاح أيضا"، في إشارة إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى. غير أن تقرير الصحيفة الإسرائيلية ينفي ادعاء الوزير، حيث تم حظر بيع الأسلحة إلى ميانمار من قبل الولايات المتحدة، بينما لا تزال إسرائيل مستمرة ببيع الأسلحة للجيش هناك.

وعلى العكس من ذلك، فإن مراقبين وخبراء يرون أن سر نجاح الصادرات الأمنية الإسرائيلية هو قفزها على شروط تصدير الأسلحة المتبعة عالميا، واعتمادها على التصدير لجهات يحظر دوليا التصدير لها.

وقد دأبت الإدارات الإسرائيلية، لفترة طويلة، على اغتنام حاجة أنظمة أو مليشيات إلى صفقات أسلحة، سواء لأن هذه الأنظمة معزولة دوليا، أو لأن التبادل العسكري معها محظور بسبب جرائم أو صراعات، إذ قدمت نفسها طوال الوقت كمزود سلاح بديل، خاصة مع عزوف الدول الأوروبية والولايات المتحدة عن دخول هذه المغامرة. 

ويأخذ التبادل العسكري أدوارا أبعد من مجرد الاقتصاد في إسرائيل، إذ تبدو هذه الصفقات في كثير من الأحيان استثمارا سياسيا، وممرا لتحسين العلاقات الدبلوماسية، وتبديل مواقف دول العالم الثالث، كما هو الحال مع الهند مثلا.