الأمن الأردني يفرج عن ناشطين طالبوا بإطلاق سراح معتقلين

الأمن الأردني يفرج عن ناشطين طالبوا بإطلاق سراح معتقلي رأي

09 يونيو 2019
خيّر رجال الأمن النشطاء بالاعتقال أو المغادرة (Getty)
+ الخط -
أخلت الأجهزة الأمنية الأردنية، في ساعة متأخرة من مساء اليوم الأحد، سبيل ما يزيد عن 20 ناشطاً اعتقلتهم لساعات، خلال محاولتهم الوصول إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان، من أجل إيصال رسالة تطلب من المركز القيام بمسؤولياته تجاه معتقلي الرأي.

واقتادت الأجهزة الأمنية الأردنية المعتقلين من ناشطي الحراك الشعبي إلى مديرية شرطة وسط العاصمة عمّان، فيما برر مسؤول أمني الاعتقالات في موقع الفعالية بوجود قرار بمنعها.

وقال المتحدث الإعلامي باسم مديرية الأمن العام الأردنية عامر السرطاوي إنه جرى مساء الأحد ضبط عدد من الاشخاص الذين شاركوا في اعتصام غير مرخص بالقرب من المركز الوطني لحقوق الإنسان، بعدما تم التنبيه عليهم بممنوعية إقامة الاعتصام في هذا الموقع، كونه لا توجد موافقات وفق الأصول لتنفيذه.

وأضاف السرطاوي، في تصريح صحافي، أن هذا التنبيه ليس الأول، إذ تم منذ أسبوعين التنبيه على هؤلاء الأشخاص بممنوعية تنفيذ هذه الاعتصامات في هذا الموقع، إلا أنهم أصروا على ذلك، بل حاولوا في أكثر من مرة قطع حركة السير.

وتابع الناطق الإعلامي أنه جرى الإفراج عن كافة الأشخاص المضبوطين بعدما تم أخذ التعهدات اللازمة منهم بالمحافظة على الأمن والنظام وعدم القيام بأي أعمال من شأنها الإخلال بالأمن والنظام.

من جهتها، ذكرت قناة "الأردن اليوم" التلفزيونية، أن الأجهزة الأمنية اعتقلت كادرها المكوّن من ثلاثة صحافيين هم عبيدة عبده وعلي خلف وقتيبة المومني، أثناء تغطيتهم اعتصام أهالي المعتقلين قرب المركز الوطني لحقوق الإنسان.

وقال نقيب الصحافيين الأردنيين راكان السعايدة، في منشور له على فيسبوك إن "حماية الحريات العامة قوة للدول"، مشدداً على أن "ما جرى عند المركز الوطني لحقوق الإنسان ما كان يجب أن يحدث".

إلى ذلك، أدان مركز حماية وحرية الصحافيين توقيف الصحافيين في قناة "الأردن اليوم"، خلال تغطيتهم الاعتصام. وطالب الرئيس التنفيذي للمركز نضال منصور، أجهزة الأمن "بالتوقف عن إعاقة عمل الصحافيين وعدم التعرض لهم وضمان عدم تكرار حوادث التوقيف للإعلاميين".

ودعا منصور الحكومة إلى وضع قواعد عمل ومدونات سلوك لأجهزة إنفاذ القانون، تمنع المس بحق الصحافيين بالتغطية المستقلة، وتضمن عدم تكرار هذه الحوادث المدانة.

من جهته، أدان حزب "جبهة العمل الإسلامي" الأردني استمرار الحكومة في سياسة الاعتقالات التعسفية بحق النشطاء السياسيين والمطالبين بالإصلاح والإعلاميين "في ممارسات تستند إلى مرحلة الأحكام العرفية وتنتهك حقوق المواطنين وكرامتهم، وتفتقر للمسؤولية الوطنية تجاه هذه المرحلة الحرجة التي تتطلب تمتين الجبهة الداخلية وتعزيز التلاحم الشعبي في ظل ما يواجهه الوطن من تحديات"، على حد وصف الحزب.

واستنكر الحزب، في تصريح صادر عنه ما جرى اليوم الأحد، من اعتقالات، معتبراً أن "تكرار هذه الممارسات القمعية التي ثبت فشلها، من شأنه أن يزيد من حالة الاحتقان الشعبي والتأزم الداخلي، بما ينذر بتفاقم الغضب الشعبي تجاه الوضع القائم إلى مستويات لا يمكن التنبؤ بها، ولا يرغب أحد في الوصل إليها".

وطالب الحزب الجانب الرسمي بـ"الاستماع لصوت العقل الوطني وطي صفحة الاعتقالات السياسية، واللجوء إلى طاولة حوار تشمل الكل الوطني الرسمي والشعبي للتوافق على مسار للإصلاح لمواجهة التحديات وتحقيق المصالح الوطنية العليا وكرامة الوطن والمواطن".

كذلك أدان الملتقى الوطني لائتلاف الأحزاب والقوى والفعاليات والشخصيات القومية واليسارية حملة الاعتقالات التي وقعت مساء هذا اليوم أمام المركز الوطني لحقوق الإنسان، مشدداً على أن المعتقلين "كانوا يمارسون حقهم السلمي بالمطالبة بالإفراج عن المعتقلين والكف عن الاستمرار في حمالة الاعتقالات، ومن بينهم شخصيات وطنية وإعلامية وقادة للملتقى الوطني الأردني".

وعبر الملتقى عن استنكاره الشديد لهذه الاعتقالات "التي تأتي في إطار التضييق على الحريات وكم الأفواه، في مرحلة تتطلب الوحدة الداخلية وإطلاق الحريات الديمقراطية للدفاع عن الاستقلال والسيادة الوطنية".

وكانت الأجهزة الأمنية الأردنية، قد اعتقلت مساء اليوم الأحد، عشرات المواطنين، واعتدت بالضرب بالهراوات على آخرين، كانوا يحاولون الوصول إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، بالتزامن مع الاحتفالات الرسمية بالذكرى الـ20 لاستلام العاهل الأردني عبد الله الثاني سلطاته الدستورية.

وجاءت الاعتقالات عندما منعت السلطات الأردنية، مساء الأحد، نشطاء الحراك الشعبي الأردني، وأهالي المعتقلين، من الوصول إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان، الواقع قرب الدوار الخامس في غرب العاصمة الأردنية عمّان، في رابع محاولة لهم خلال أسبوع لتسليم رسالة احتجاج إلى المركز حول الاعتقالات وتوقيف النشطاء.

وخيّر رجال الأمن الأردني النشطاء الأردنيين الذين كانوا يطالبون السماح لهم بالوصول إلى المركز، بين الاعتقال أو المغادرة.

وحشدت السلطات الأردنية المئات من رجال الأمن العام وقوات الدرك بين الدوارين الرابع والسادس، على امتداد ما يزيد عن كيلومترين ونصف، كما أغلقت الشوارع أمام حركة السير في العديد من الطرق الرئيسية والفرعية في المنطقة، ما تسبب بأزمة سير حادة.

وكان المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان، موسى بريزات، قال الليلة الماضية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن الوصول إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان حق مقدس للمواطنين، مؤكداً أن منع وصول محتجين إلى المركز من أجل تقديم شكوى "هي سابقة خطيرة نتمنى ألا تتكرر وتكون عابرة، وألا تكون سياسة أو نهجاً جديداً تتبعه الحكومة".

وتابع: "لا سلطة تنفيذية لي، وسلطة المركز مرتبطة بتنفيذ القانون، والقانون كان معطلاً الليلة الماضية والقوة هي من تقرر"، مؤكداً أن "واجب المركز كمؤسسة لحقوق الإنسان الحفاظ على حقوق الجميع، والقيام بهذا الوجب هو خدمة للدولة في الأساس، وتطبيق للقانون، وحق للمواطن في التعبير عن رأيه".

وكانت لجنة أهالي معتقلي الرأي قد وجّهت رسالة اليوم إلى الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية، طالبت فيها بالسماح بإقامة الوقفة الاحتجاجية المقررة مساء أمام المركز الوطني لحقوق الإنسان.

ودعت اللجنة، في تصريح صحافي، الأجهزة الأمنية، إلى تحكيم لغة العقل والسماح بإقامة الوقفة أمام المركز الوطني لحقوق الإنسان، بعدما منعت الأجهزة الأمنية وصول الوقفات الثلاث الماضية إلى المركز، مشيرة إلى أن استمرار المنع هو تحدّ واضح لإرادة المواطن وحقه في التعبير والاحتجاج بسلمية كما ضمنتها له المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والدستور، بالإضافة إلى كون المنع لم يخلق غير مزيد من التأزيم.

ودعت اللجنة إلى الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي، مشددة على أن المنع يزيدهم إصراراً وقناعةً بالمطالبة بأبسط الحقوق الدستورية بكل سلمية وحضارية، والاستمرار حتى الوصول إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان ورفع الحصار عليه.

من جهته، اقترح المعارض الأردني أحمد عويدي العبادي، نقل حراك الرابع إلى الخامس، مبرراً ذلك بقوله "لأن حراك الرابع في وضعه الحالي صار يخدم الحكومة والأجهزة الأمنية ولا يخدم المعارضة والحراك والأهداف الوطنية ولم يعد مؤثراً أبداً وتم تجفيف منابعه، فإن المصلحة الوطنية تقتضي نقله إلى الخامس".

وقال العبادي في بيان الأحد: "لا شك أن حراك الرابع كان ناجحاً ومؤثراً في الأشهر الأولى وملفتاً للنظر الرسمي والشعبي والداخل والخارج، وكان مستقطباً لسائر أبناء الضمير الوطني الأردني بعيداً عن الحزبية والشللية والتنظيمات المختلفة، وكان مستعصياً على الاختراق، ولكن الجهات الرسمية والأمنية كيّفت نفسها مع هذا الوضع وعملت بجهود جبارة واتصالات حثيثة لاختراق حراك الرابع وإجهاضه وذبوله، لكنها لم تستطع القضاء عليه نهائياً".

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد اتهمت في بيان، أصدرته يوم الثلاثاء الماضي، السلطات الأردنية باستهداف النشطاء السياسيين ومناهضي الفساد بشكل متزايد أخيراً، عبر توقيف عدد منهم بتهم "تنتهك حقهم في حرية التعبير".

ويطالب الحراك الشعبي في الأردن بحكومة انتقالية ذات مهام محددة، من شخصيات وطنية تنجز صياغة دستور جديد يكون الشعب فيه مصدراً للسلطات، ويشدد على ضرورة فصل السلطات، وأن تكون جميع السلطات منتخبة انتخاباً ديمقراطياً كاملاً.

كذلك يُطالب الحراك بمحاربة الفساد وتجفيف منابعه بتفعيل قانون "من أين لك هذا"، وإشهار الذمة المالية للمسؤولين وأسرهم، وفتح كافة ملفات الفساد وملاحقة الفاسدين، وكل من امتدت يده للمال العام عبر محاكم مدنية، وإلغاء جميع البيوع لمؤسسات الدولة وأصولها في ما عُرف ببرنامج الخصخصة.

ويطالب الحراك أيضاً بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي، وإلغاء جميع القوانين المقيّدة للحريات، وعلى رأسها قانون محكمة أمن الدولة، وقانون الجرائم الإلكترونية، وقانون منع اﻹرهاب ذو الصيغة المطاطة، وكف يد الأجهزة الأمنية عن الحياة السياسية والتدخل فيها.​