جولة تاسعة من احتجاجات "السترات الصفراء" بفرنسا: صدامات واعتقالات

جولة تاسعة من احتجاجات "السترات الصفراء" في فرنسا: صدامات واعتقالات

12 يناير 2019
خرجت الاحتجاجات في عدد من المدن الفرنسية (Getty)
+ الخط -
للأسبوع التاسع على التوالي، وقبيل ثلاثة أيام من انطلاق "النقاش الوطني الكبير"، وقبل يومين من رسالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للفرنسيين، خرجت "السترات الصفراء" في تظاهرات واعتصامات وقطع طرقات في باريس وكبريات المدن الفرنسية، وسط حضور أمني كبير، تجنباً لأعمال عنف وشغب وتخريب، بلغ 80 ألف شرطي ودركي.

ولم تَخْل تظاهرات اليوم، كما الأسابيع السابقة، من احتقان وتوتر بين المتظاهرين وقوات الأمن، التي استخدمت الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه، لدفع جماعات صغيرة في الأحياء الصغيرة المؤدية إلى "ساحة ليتوال"، في العاصمة، ولجأت إلى حملة إيقاف أكثر من 75 شخصا في العاصمة وأكثر من مائة في عموم فرنسا، منهم أكثر من 20 في مدينة بورج، التي تعتبر عاصمة للحراك، وشهدت اليوم تظاهرة كبيرة، بحضور وجوه شهيرة من حركة "السترات الصفراء".

ولا يبدو أن هذا الحراك، وهو أكبر تحد يواجهه ماكرون منذ وصوله إلى الإليزيه، في الطريق إلى الانحسار. وهو ما لخصته تغريدة لجان لوك ميلانشون، زعيم "فرنسا غير الخاضعة": "نجاح كاملٌ في الأسبوع التاسع من حراك السترات الصفراء. السلطة في مأزق. الشعب يواصل استعادة حقوقه".



وقد أحصت مصادر وزارة الداخلية، في حدود الساعة الثانية بعد الظهر، 32 ألف متظاهر في فرنسا، منهم ثمانية آلاف متظاهر في العاصمة، وهو رقم أعلى ممّا أحصته في الوقت ذاته من الأسبوع الماضي. وتجدر الإشارة إلى أن حركة "السترات الصفراء" تشكك في مصداقية هذه الإحصاءات، وقد كشفت عن حدوث تظاهرات في الأسبوع الماضي لم تتطرق إليها وسائل الإعلام ولم تشملها إحصاءات وزارة الداخلية.

ويبدو أن توجه قيادات من الحراك إلى مدينة بورج كان ناجحاً جداً، من حيث رفع أعداد المتظاهرين فيها، حيث تظاهر أكثر من خمسة آلاف شخص في شوارع المدينة بعيداً عن وسطها التي حظرته السلطات، وحيث قامت الشرطة بحملة اعتقالات استباقية واحترازية.

وقد نظمت تظاهرات ووقفات في مناطق عديدة في باريس، سواء في الشانزليزيه أو في ساحة الجمهورية وأمام بلدية باريس.

وشهدت مدينة مونبولييه تظاهرتَين معلنتَيْن، واحدة للنساء من حملة السترات الصفراء وسائقي الدراجات النارية. 


ومثل الأسبوع الماضي، وما قبله، استمر التوتر بين حركة "السترات الصفراء" ووسائل الإعلام، وهو ما تجلى في منع بعض أفراد السترات الصفراء لتوزيع صحيفة "صوت الشمال".

ودائماً نفس الشعارات ونفس المطالب، وكأنّ الحكومة لم تطلق إجراءات كلفت الميزانية أكثر من 10 مليارات يورو. ويبقى ماكرون وراء كل مظاهر الغضب ويظل الهدفَ المركزي في كل الاحتجاجات.

وكالعادة، حاولت الشعارات والإعلانات واللافتات أن تبعد عن الحراك كل طابع عنفي، خلافاً لما تقوله الحكومة وبعض وسائل الإعلام، فظهرت شعارات عليها: "العنف سلاحهم، والوحدة سلاحنا"، و"اللوبيات تقتل، لننقذ الكرة الأرضية".

وحضرت شعارات الدفاع عن القدرة الشرائية في التظاهرات، مثل "مرتب حياة للجميع"، و"تقاسم وقت العمل"، و"لماذا إنفاق مليارات من أجل دفع مرتبات رؤساء ووزراء متقاعدين"، وغيرها.


بيان مثقفين لدعم "السترات" 

وفي الوقت الذي تتأزم فيه العلاقات بين الطبقة السياسية، في غالبيتها، وأيضاً وسائل الإعلام، في سوادها الأعظم، من جهة، وبين حركة "السترات الصفراء"، من جهة ثانية، وفي موازاة الحراك المستمر منذ شهرين، ومع محاولة اليمين المتطرف احتواء الحراك، أعلن أكثر من 250 أكاديمياً ومثقفاً وفناناً عن "تضامنهم" مع حركة "السترات الصفراء"، مؤكدين أن "مسؤولية اليسار التاريخية هي ألا تدَعَ المجال مفتوحا أمام اليمين المتطرف".

وتساءل البيان: "من كان يعتقد أن واحداً من السترات الصفراء يكفي لزعزعة الدولة"؟

وختم البيان بالقول: "حركة السترات الصفراء، اليوم، في مفترق طرق. وعلى الرغم من أنه لا يتوجب التهويل من ذلك، فإن ثمة مخاطر من أن ينجح اليمين المتطرف في فرض توجهاته التسلطية والحاقدة والمعادية للأجانب عليها. وإن من مسؤولية اليسار التاريخية ألا يدع المجال مفتوحا لليمين المتطرف".

وأخيراً، وجه البيان نداء إلى "الأكاديميين والمثقفين والفنانين الأوفياء لمُثُل التحرر من أجل دعم نشيط للسترات الصفراء، ونشر مطالبهم واللحاق بهم في الكفاح".