غزة تتبنّى المقاومة الشعبية: آلاف العودة قبل ملايين النكبة

غزة تتبنّى المقاومة الشعبية: آلاف العودة قبل ملايين النكبة

01 ابريل 2018
الحراك سيكون متدرجاً وصولاً ليوم 15 مايو (العربي الجديد)
+ الخط -
دخلت غزة بوابة المقاومة الشعبية من أوسع أبوابها، مع حراك مسيرة "العودة الكبرى" التي انطلقت الجمعة وتستمرّ فعالياتها المختلفة والمتدرّجة حتى منتصف مايو/أيار المقبل، تزامناً مع الذكرى السبعين لنكبة الشعب الفلسطيني، وإقامة دولة الاحتلال الإسرائيلي. ولم يكن هذا الأسلوب النضالي متّبعاً في القطاع الساحلي المحاصر والمغلق من الجهات كافة، إلا أنّ ضرورات المرحلة ومحاولة منع التصعيد العسكري، دفعت الأطراف الفلسطينية جميعاً للانخراط فيه، كشكل جديد من أشكال النضال الشعبي والسلمي، كانت الضفة الغربية سبقت إليه مبكراً. ورغم العنف الإسرائيلي المفرط في التعاطي مع التظاهرات الشعبية، والذي قتل 17 فلسطينياً يوم الجمعة وجرح 1460 آخرين، إلا أنّ الفلسطينيين مصرون على الاستمرار في هذا الطريق، مع عدم إغفال الطريقة التي تميّز غزة عن غيرها من الأراضي الفلسطينية، وهي المقاومة المسلحة.

وخلت مسيرات العودة من أعلام الفصائل والأحزاب، وسيطر العلم الفلسطيني على المشهد، ما أعاد المتظاهرين إلى مشاهد الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو ما كان يطلق عليه "انتفاضة الحجارة" في العام 1987، والتي تميّزت بحضور العلم الفلسطيني وشكل المقاومة السلمي.  وسيستمر برنامج "فعاليات مسيرة العودة الكبرى" وفق خطوات متنوعة، واعتبر يوم أمس السبت يوماً للتضامن والتكافل والتعاضد مع عوائل الشهداء والجرحى، وستعلن الهيئة المنظمة للحراك برنامج الفعاليات مع كل مناسبة من المناسبات.

وفي هذا السياق، وصف مسؤول الإعلام في الهيئة القيادية لمسيرة العودة، هاني الثوابتة، انطلاق فعاليات المسيرة بالحدث التاريخي، مؤكداً أنه "لم يسبق على مدار سنوات الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية أن يحتشد مئات الآلاف على الحدود الوهمية مع الأراضي المحتلة". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الحشود والسيول البشرية التي حضرت، وستحضر في الفعاليات المتدرجة المقبلة، "قدّمت نموذجاً ضدّ الاحتلال ومشاريعه ورفض كل الصفقات، بما فيها صفقة القرن التي يحاول الآن تمريرها على الفلسطينيين لتصفية حقوقهم الوطنية".


"وأراد المحتل الإسرائيلي للشعب الفلسطيني أن يعيش على مدار سبعة عقود في مخيمات اللجوء، لكنّ الخيام وما ترمز إليه من معاناة، تحوّلت إلى عنوان للعودة في مسيرة العودة"، وفق الثوابتة، الذي أشار إلى أنّ هذا الحراك "سيكون متدرجاً، وهناك برامج نضالية ستعلن، وصولاً ليوم 15 مايو والذي سيشهد مسيرة للملايين في الضفة والقطاع والداخل المحتل والشتات". ولفت إلى أنّ الشعب الفلسطيني متمسّك بكل أشكال النضال الشعبي والعسكري، وأنّ المقاومة بكل أشكالها حقّ مكفول للشعب الفلسطيني، مؤكداً أنّ "حراك الفلسطينيين خطوة في طريق إسقاط أوهام تصفية القضية الوطنية، وما يسمى صفقة القرن".

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن لـ "العربي الجديد"، إنّ ما جرى "يشكّل محلّ اعتبار كبير في سياق حراك ونضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرر والاستقلال، وهو ما يتضح عبر المشاركة الجماهيرية الواسعة والحاشدة في مسيرة العودة الكبرى"، مضيفاً أنّ ما حدث في مسيرة العودة "يجسّد عملياً فكرة أن الشعب الفلسطيني حينما يتوحّد في سياق أي قضية، يستطيع أن يبهر الجميع ويسدّد ضربات استراتيجية للاحتلال الإسرائيلي، الذي حاول أن يراهن طيلة السنوات الماضية على بقاء حالة الانقسام السياسي والداخلي".

"وساهم الشعب الفلسطيني وقواه في رسم وحدة حقيقية على الأرض، وإحداث حالة استثنائية من خلال الحراك الجماهيري الفعّال الذي أرسل رسائل عديدة خصوصاً للاحتلال، عن قدرة الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى رسائل للداخل ممثلة في الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة "فتح" التي ورغم مشاركتها في المسيرة، إلا أنها كانت ضعيفة مقارنة مع الجماهيرية الخاصة بها"، وفق محيسن.

ورأى محيسن أنّ غزة وعبر مسيرة العودة "استطاعت كسر حصارها، وما جرى وسيجري هو البداية لكسر الحصار السياسي عنها، في الوقت الذي يجب أن تبقى متواصلة في هذا الفعل النضالي السلمي حتى وإن سقط ضحايا نتيجة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي العدوانية".

وشدّد محيسن على "ضرورة أن تبقى الحشود سلمية خلال الفترة الحالية، حتى تصل ذروتها في مايو المقبل خلال إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية، مع ضرورة تدعيم العمل الميداني وضرورة أن تتناغم قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله مع ما يجري في غزة، لا سيما أن ما حدث حشرها في الزاوية وبات لا يمكن التهرب منه"، وفق تقديره.

ولا يستبعد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أن تشهد الضفة الغربية حراكاً جماهيرياً يوازي الحراك الجماهيري الذي نشأ في القطاع، والذي شكّل صفعة في وجه كل قرارات التعاون والتسوية مع الاحتلال الإسرائيلي، وخصوصاً في ظلّ الوضع الحساس الذي تعيشه القضية الفلسطينية.

المساهمون