اليسار الفرنسي يبحث عن المرشح الخامس لرئاسة الجمهورية

اليسار الفرنسي يبحث عن المرشح الخامس لرئاسة الجمهورية

16 يناير 2017
تباين المواقف في القضايا الخلافية (بيرتراند غاي/فرانس برس)
+ الخط -

قبل أسبوع واحد من الدورة الأولى للانتخابات التمهيدية لليسار، وفي ظلّ إبداء الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، من مالي، "ندمه" على "اعتزال" السياسية، جرت المناظرة الثانية لمرشحي اليسار السبعة. 

وتميّزت المناظرة بحرية أكبر، سمحت ببعض المناوشات، خاصة بين فنسان بيون ومانويل فالس، فيما يتعلق بموقف فالس من المهاجرين وانتقاده، في مدينة ميونخ، الكرم الألماني إزاء المهاجرين، وأيضا في ما يتعلق بفهمه المتشدد للعلمانية. 

واعتبر بيون أنه مع توحيد اليسار، رافضاً الحديث عن يسَاريَن غير قابلين للتصالح، ثم رغبته الظاهرة في فتح النقاش مع إيمانويل ماكرون وجان-لوك ميلونشون وليس انتقادهما.

وكانت مواقف المرشحين السبعة شبه متوافقة بخصوص الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، وضرورة الحفاظ على استقلالية فرنسا تجاه الجميع. كما أنها كانت متوافقة، بعض الشيء، بشأن أهمية التعليم والمدرسة.


أما في ما يخصّ الهجرة، فاختلفت المواقف ما بين موقف فالس المتشدد من استقبال المهاجرين، "لأن أوروبا مهددة بالتفكك، وبالتالي يجب أن ننصت لشعوبنا... ونحمي حدودنا، ونقول للأتراك إنهم لن يدخلوا في أوروبا أبدا"، وأرنو مونتبورغ، والذي امتدح رؤساء بلديات كثيرين "قرروا استقبال المهاجرين بشجاعة"، ثم انتقد محاكمة "الفلاح الفرنسي الذي حُوكم لأنه استقبل مهاجرين"، وخَلص إلى أنه "يجب وقف الحروب المشتعلة، وأيضا عدم التسبب فيها كما فعلنا في ليبيا. وعلينا تشييد جامعات وسكة حديد في أفريقيا، شاكرا مشروع الوزير السابق بورلو حول كَهْربة أفريقيا"

أما بيون، فقد انتقد خطاب فالس في ميونخ، واعتبر أن "الشعب الفرنسي أظهر كرما فاق مواقف مسؤوليه السياسيين"، وقال "إن الأسد قتل 350 ألف شخص، ولهذا فعلينا أن نستقبل لاجئين"، في حين دافع بونوا هامون عن فكرة استقبال اللاجئين وتخليصهم من "العبّارين والمتاجرين والمافيا"، ولاحظ أن "موقف فرنسا من إيواء اللاجئين لم يكن في المستوى"، واقترح خلق "فيزا إنسانية للمهاجرين"

وفي انتقاد مفتوح لفالس، أضاف أن "شرف فرنسا هو أن نستقبل أكثر، وأن نقوم بتنمية دول الساحل".

وفي ما يخص النقاش حول تشريع بيع القنب الهندي، كانت الآراء مختلفة ومتضاربة، بين رفض فالس الصريح، ورفض مونتبورغ وبيون، ولكن الداعيين، مع ذلك، لنقاش عمومي حول الأمر، إلى تأييد صريح من هامون لتشريع بيعه، وفق ضوابط صحية وإدارية، وتأييد من بنهامياس، والذي انتقد سياسة نفاق حكومية دامت أربعين سنة، كما أيّد دي روغي، وأيضا سيلفيا بينيل، تشريعه من أجل محاربة التجارة غير المشروعة، و"تفكيك الشبكات المافيوزية التي ترتبط أحيانا بالشبكات الإرهابية"

وكانت العلمانية، أيضا، محل نقاش، وهنا منح الموضوع لمانويل فالس بعض الحماس، وكعادته دافع عنها كما لو أنها "مهددة بالموت"، وكعادته رأى مخاطر تتهددها متمثلة في صعود "الإسلاموية الراديكالية"، وصعود "معاداة السامية والاعتداءات على اليهود"، وهو موقف لم تختلف عنه سيلفيا بينيل، والذي يعتبر حزبها الراديكالي اليساري من أكثر الأحزاب الفرنسية تعلقا بحرفية قانون 1905 الذي يفصل بين الدين والدولة. 


المرشح القادم من الإيكولوجيا، فرانسوا دي روغي، أيضا، كان عنيفا، ورأى أن العلمانية تهددها "التوجهات الجماعاتية، ومن بينها البوركيني". أما الإيكولوجي الآخر، جان-لوك بنهامياس، فرأى أنه "لا حاجة لأي تغيير في قانون 1905، بل يجب تطبيقه"، منتقدا نوابا من كل الاتجاهات السياسية "أجروا تواطؤات مع جماعات دينية".

بيون، على الرغم من مطالبته بميثاق للعلمانية في كل المدارس، إلا أنه يدافع عن علمانية متسامحة، وهو موقف مونتبورغ، والذي يشدد على احترام العلمانية بعيدا عن كل وَصم، لكنه ينتقد من يحاول حظر ارتداء الحجاب في الجامعات. 

أما بونوا هامون، فبقدر ما أكد أن قانون 1905 كافٍ لكل تأويل، بقدر ما طالب بوقف القول إن "الإسلام لا يتوافق مع الجمهورية".

من هو الفائز؟     

إذا كانت مواقف مختلف المرشحين معروفة، إلا أن بونوا هامون، للمرة الثانية، يُظهر بعض التميز، بسبب طرافة وأصالة مواقفه ومقترحاته، خاصة تشريع بيع القنب الهندي، والذي تطالب به أغلبية شباب فرنسا، ثم أيضا انفتاحه على موضوع الطاقة المتجددة، وهو ما يمنحه تقبلا لدى كثير من الإيكولوجيين، ثم مواقفه المتسامحة مع الإسلام.  

كذلك حقق فانسان بيون بعض النقاط، بسبب جرأته النادرة في انتقاد مواقف فالس وسياساته، وفي مشروعه الطموح حول المدرسة، إذ كان وزيراً للتربية الوطنية، حين كشف أن المعارضة اليمينية لن تتراجع عنها في حال وصولها للسلطة.            

أما مانويل فالس فعلى الرغم من أن النقاش لم يكن مُحاسَبة لسياسته، كما كان يخشى أنصارُهُ، فقد سمح لنفسه، في نوع من الرضى الذاتي، بإظهار الفخر بمنجزه السياسي وبممارسته للسلطة، وقال إن "لديّ التجربة والرغبة".

فهل التجربة والرغبة كافيتان لصنع مرشح، ثم رئيس للجمهورية؟