الفوضى تحيط بإيطاليا بعد انتخاباتها: انقسام جغرافي ويميني

الفوضى تحيط بإيطاليا بعد انتخاباتها: انقسام جغرافي ويميني

07 مارس 2018
استقال رينتزي بعد الهزيمة (ماتيو ناردوني/Getty)
+ الخط -
دخلت إيطاليا عصر الفوضى السياسية التي تعرفها جيداً تاريخياً بسبب تعدد الأحزاب فيها ونظامها السياسي الذي يبقي المشهد السياسي مرهوناً بتحالفات غالباً ما يكون التوصل إليها شديد الصعوبة. وقد شهدت انتخاباتها الأخيرة، يوم الأحد، رفضاً مزدوجاً من الناخبين للأحزاب التقليدية اليمينية واليسارية في شمال البلاد وجنوبها، ولو أن الدوافع تباينت بحسب خبراء. فقد اكتسح حزب "رابطة الشمال" اليميني المتطرف شمالي إيطاليا المتوجس من تزايد الهجرة، فيما فازت حركة "النجوم الخمس" الشعبوية المعادية لهيئات الحكم في جنوب البلاد، حيث تسود الهواجس الاقتصادية. في هذا الصدد، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة لويس في روما، روبرتو داليمونتي، أنه "في الجنوب جسّد التصويت لصالح حركة النجوم الخمس اعتراض قسم من البلاد على الشعور بالإهمال، لا سيما أن الانتعاش الاقتصادي اقتصر على المناطق الشمالية". وأضاف أنه "من غير المفاجئ أن المناطق الجنوبية، حيث ترتفع معدلات البطالة في صفوف الشباب وفشلت الأحزاب التقليدية في إيجاد حلّ للمشكلة، صوّتت بشكل كبير لصالح حركة تعبر عن الاستياء والغضب".

وكانت خيبة الأمل ظهرت في استفتاء على الدستور أُجري في 2016 صوّت فيه جنوب البلاد بشكل كبير ضد اقتراح لمراجعة الدستور، وضد حكومة وسط اليسار برئاسة ماتيو رينتزي، الذي أعلن استقالته من قيادة الحزب الديمقراطي، يوم الإثنين، إثر هزيمة الائتلاف في الانتخابات. وخلال مؤتمر صحافي في مقر حزبه بالعاصمة روما، قال رينتزي، رئيس الوزراء السابق: "أعتقد أننا نقف أمام هزيمة واضحة. هزيمة تتطلب منا فتح صفحة جديدة داخل الحزب الديمقراطي"، مضيفاً أنه "والحال كذلك يجب أن أترك قيادة الحزب الديمقراطي".

بدوره، رأى المحلل السياسي جيوفاني أورسينا، أن "الانتخابات تشكل انتقالاً من النظام السياسي القديم إلى نظام سياسي جديد، وتوصل رسالة واضحة"، معتبراً أنه "من الواضح أن الحلقتين الضعيفتين في هذه المرحلة هما الحزب الديمقراطي وفورزا إيطاليا (بزعامة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني) الذي حكم على مدى عقود".


وتصدر التحالف اليميني المؤلف من حزب "الرابطة" بزعامة ماتيو سالفيني وحزب "فورزا إيطاليا" وحزب "فراتيلي ديتاليا" نتائج الانتخابات بحصوله على 37 في المائة من الأصوات، إلا أن حزب برلسكوني حلّ ثانياً في التحالف بعد "رابطة الشمال".

وأبدى سالفيني فخره بأنه "شعبوي"، معتبراً أن "إيطاليا تعج بالاشتراكيين الارستقراطيين". وبحصوله على 17 في المائة من الأصوات، حقق الحزب نتائج جديدة في مناطق غنية نسبياً في شمال إيطاليا، حيث تزداد هواجس الأمن والهجرة ويسود التشكيك بأوروبا.

وقال إيفاريستو بيلو، وهو أحد مناصري حزب "رابطة الشمال"، إن "أهم ما يقوله سالفيني هو أن الإيطاليين أولاً. أنا لست عنصرياً لكنني أعتقد أنه على من يأتي إلى إيطاليا أن يأتي إلى هنا للعمل وليس لارتكاب الجرائم أو العنف كالاغتصاب".

من جهته، اعتبر رئيس معهد "جاك ديلور"، سيباستيان مايار، أن "الإيطاليين تقليدياً يحبون أوروبا، إلا أن استطلاعات الرأي أظهرت أنهم أُصيبوا بخيبة كبيرة لأنهم كانوا يتوقعون أكثر بكثير من أوروبا، وخصوصاً سياسة هجرة متشددة". وأضاف "هناك شعور قوي بالخذلان، بأن أوروبا تركتهم لمصيرهم في موضوع الهجرة". وبالنسبة للعديد من المعلقين المطلعين على السياسة الإيطالية، فإن نتيجة الانتخابات تشكّل صورة مصغرة لبلد يسيطر عليه الخوف من الهجرة والهواجس الاقتصادية. واقترحت حركة "النجوم الخمس" دخلاً أساسياً وتخفيضاً للضرائب، فيما يسعى حزب "رابطة الشمال" إلى مساعدة الشركات الإيطالية وترحيل مئات الآلاف من طالبي الهجرة. وفي مقابلة مع صحيفة "دي فليلتفوكي" السويسرية، رحب المستشار السابق للبيت الأبيض ستيف بانون بما وصفه بـ"زلزال" سياسي في إيطاليا، معتبراً أنه "هناك بالتأكيد اختلافات في السياسة بين حركة النجوم الخمس والرابطة كما وحركات شعبوية أخرى في اليمين". لكنه أضاف أن "مكاسبهم تشكّل مؤشراً قوياً للطبقة السياسية في أوروبا بأن الشعب وبخاصة الشعب الإيطالي يريد التغيير ويريدونه الآن".

(العربي الجديد، فرانس برس، الأناضول)

دلالات