السلطات الشرعية والجماعات المسلحة في حضرموت.. تحدّي إثبات الوجود

السلطات الشرعية والجماعات المسلحة في حضرموت.. تحدّي إثبات الوجود

12 مايو 2016
أول تفجير انتحاري يستهدف قوات الجيش (Getty)
+ الخط -
عاشت مدينة المكلا، اليوم الخميس، على وقع أول تفجير انتحاري بعد تحريرها من القاعدة، في ظل مخاوف من تكرار سيناريو مدينة عدن، التي لم تتوقف فيها الاغتيالات والتفجيرات منذ تحريرها في يونيو/ حزيران من قوات الحوثيين والمخلوع صالح.
وفجّر انتحاري يقود سيارة مفخخة في نقطة عسكرية بالقرب من ميناء المكلا ومعسكر للقوات البحرية بالمدينة، مخلّفاً 6 قتلى و15 جريحاً من الجنود، بحسب مصدر عسكري تحدث لـ"العربي الجديد".

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية، (داعش)، عبر وكالة أعماق التابعة له، مسؤوليته عن الهجوم، وقال إن أحد فرسانه ويدعى "أبو حمزة المهاجر"، تمكن من تفجير سيارته المفخخة "في مقر لمرتدي مليشيا هادي، عملاء التحالف، بمنطقة خلف في مدينة المكلا".

وهذا هو أول تفجير انتحاري يستهدف قوات الجيش منذ تحرير مدينة المكلا في 25 من إبريل/ نيسان الماضي من قبضة تنظيم القاعدة الذي حكم المدينة لعام كامل.

وتكمن خطورة التفجير في تمكن الانتحاري من اختراق منطقة خلف التي يقيم فيها محافظ حضرموت، وعدد من المسؤولين فضلاً عن وجود العديد من المنشآت العسكرية والحيوية فيها.

ويأتي التفجير بعد يوم واحد من تفجير سيارة مفخخة في مدينة القطن استهدفت قائد المنطقة العسكرية الأولى، اللواء عبدالرحمن الحليلي، وراح ضحية الانفجار ثلاثة قتلى و12 مصاباً معظمهم من الجنود، فيما نجا اللواء الحليلي من محاولة الاغتيال.

كما يتزامن الانفجار مع وصول رئيس الحكومة اليمنية، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وعدد من الوزراء إلى مدينة المكلا، لبدء استعادة مؤسسات الدولة وتثبيت الشرعية.

وفور وصوله، عقد بن دغر اجتماعاً مع قيادات السلطة المحلية والمنطقة العسكرية الثانية وقائد قوات التحالف العربي ومدير الأمن وعدد من الشخصيات الاجتماعية بمدينة المكلا، في محافظة حضرموت.

وقال في معرض حديثه، إن تحرير محافظة حضرموت من عناصر القاعدة بدّد خوف السكان إلى أمن وأمان، وحرر المحافظة من سلطة غاشمة، حكمت بقسوة وعنف خلال أكثر من عام، وفرضت نظاماً جزائياً لم تعرف حضرموت له شبيهاً.

وأكد، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية، حرص حكومته على إعادة تطبيع الحياة في المحافظة بشكل كامل، مشيراً إلى أن هذه الزيارة تأتي للاطلاع على الاحتياجات وتلمّس أحوال المواطنين، ومعرفة تفاصيل العمل والتطورات الراهنة في الجوانب الأمنية والعسكرية. 

وقام رئيس الحكومة بزيارة تفقدية إلى ميناء الضبة النفطي وعدد من المرافق الحيوية بالمدينة، موجهاً الوزراء والجهات المعنية بتوفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها أهالي حضرموت وعلى رأسها خدمة الكهرباء. 

إلا أن تزامن هجوم المكلا مع وصول رئيس الحكومة ينبئ بعمل استخباراتي دقيق لتنظيم الدولة الإسلامية، (داعش)، التي تهدف على ما يبدو لتقليص حركة الحكومة وعدم عودة باقي أفرادها لمزاولة العمل من حضرموت. كما أفشلت في وقت سابق توافد مسؤولي الدولة إلى عدن بعد سلسلة تفجيرات استهدفت مقرات حكومية.

لكن مدينة المكلا، بحسب مراقبين، تختلف كثيراً عن مدينة عدن، كون الجيش الوطني هو الذي حرر المدينة دون وجود تشكيلات مسلحة أخرى على الأرض، وهي ميزة مدينة المكلا عن كل المدن التي اجتاحها الحوثيون وتشكلت فيها فصائل مقاومة عقّدت في ما بعد مسألة استعادة مؤسسات الدولة.

كما أن مدينة المكلا لا تزال محتفظة ببنيتها التحتية من طرق ومبانٍ حكومية والمطار الدولي، حيث لم تشهد معارك عنيفة مع تنظيم القاعدة الذي انسحب من المدينة، الأمر الذي سيسهم في سرعة استعادة مؤسسات الدولة وعودة الحياة إلى طبيعتها.

لكن ما يتخوف منه السكان والمتابعون للشأن اليمني أن يعود تنظيما القاعدة و"داعش" من بوابة المفخخات بعد أن انسحب تنظيم القاعدة من مدينة المكلا دون قتال يذكر.
 
وبخلاف ما هو متوقع، فإن تبني تنظيم الدولة الإسلامية، الذي لا يسجل حضوراً في المحافظات الشرقية، لعملية تفجير المكلا، يبدو وكأنه إشارة إلى تنافس محموم بين داعش والقاعدة، قد تشهده المحافظة مستقبلاً، بعد أن لاقى تنظيم داعش بعض الصعوبات في الفترة السابقة نظراً للحضور القوي لتنظيم القاعدة في حضرموت.

وعلى ما يبدو، فإن السلطات الشرعية ستكون أمام تحدي إثبات الوجود، لتعويض فشلها في مدينة عدن وتحاشي سقوط المدينة في مستنقع التفجيرات والانفلات الأمني.

وفي هذا السياق، قال محلل سياسي، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن الوضع في المكلا يبدو وكأنه يسير في طريق مماثل لعدن بعد تحريرها من الحوثيين، من حيث السباق بين الحكومة الشرعية والجماعات المسلحة لإثبات الوجود على الأرض ومواجهة تحركات الآخر.

دلالات