يوم دامٍ للأمن المصري: "داعش" يحوّل المواجهة لغرب العريش

يوم دامٍ للأمن المصري: "داعش" يحوّل المواجهة إلى غرب العريش

12 سبتمبر 2017
يشنّ الجيش حملة عسكرية في سيناء (فرانس برس)
+ الخط -

جاء الهجومان اللذان استهدفا الشرطة والجيش المصريين، أمس الإثنين، غرب مدينة العريش وفي رفح، وأسفرا عن مقتل نحو 20 عسكرياً وإصابة آخرين، ليُظهرا الفشل الأمني في وضع حد لتهديد تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، على الرغم من الحملة العسكرية التي يقوم بها الجيش في مناطق غرب العريش منذ نحو 20 يوماً.

في الهجوم الأول، استهدف تنظيم "داعش" رتلاً للشرطة المصرية أثناء مروره على الطريق الدولي الرابط بين مدينة العريش وبئر العبد في محافظة شمال سيناء، ما أدى إلى مقتل 18 من أفراد الشرطة، بينهم 4 ضباط، فيما أصيب 12 آخرون بجروح متفاوتة بينها خطيرة وحالات بتْر في الأعضاء، بحسب ما قالت مصادر طبية لـ"العربي الجديد". وأشارت المصادر ذاتها إلى أن سيارات الإسعاف عجزت عن الوصول لمكان الحادثة، بسبب تمركز عدد من المسلحين على الطريق المؤدي لمكان الاستهداف، وإطلاقهم النار على أي سيارة تتحرك في اتجاههم.

وكشفت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، أن الهجوم المركّب الذي شنّه المسلحون على رتلٍ للشرطة أدى لمقتل وإصابة كل من كان في الرتل، موضحين أن بداية الهجوم كانت بتفجير عبوة ناسفة في سيارة التشويش على العبوات الناسفة والمواد المتفجرة، ما أدى لتدميرها، وفي حين تقدمت المدرعات التي كانت تتبع سيارة التشويش على الطريق، قام المسلحون بتفجير عبوات ناسفة في المدرعات، ما أدى لتدمير مدرعتين وإصابة من فيهما. وأكدت المصادر نقلاً عن شهود عيان، أن المسلحين اقتربوا من الرتل، ودمروا مدرعتين أخريين بقذائف مضادة للدروع، ما أدى لاشتعال النيران فيهما، ومن ثم أجهز المسلحون على بعض المصابين.
وأشار شهود عيان إلى أن العميد محمود خضوري حاول الهرب بسيارته الدفع الرباعي من مكان الهجوم، إلا أن المسلحين أطلقوا النار بغزارة على السيارة ما أدى لإصابته ومقتل ضابط برتبة ملازم أول كان برفقته، قبل أن يهرب من السيارة، ويتمكن المسلحون من السيطرة عليها والانسحاب بها من مكان الحادثة.

وبعد ذلك بوقت قصير، شنّ مسلحون هجوماً واسعاً على قوات الجيش المصري التي تشن حملة على مدينة رفح في محافظة شمال سيناء، ما أدى إلى مقتل مجند مصري وإصابة 6 آخرين. وأفادت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، بأن المسلحين هاجموا قوات الجيش في مناطق شمال رفح في قرية يميت ومنطقة الرسم بقذائف مضادة للدروع وأسلحة رشاشة، ما أدى لتضرر عدد من آليات الجيش المشاركة في الحملة. وأوضحت المصادر ذاتها أن المواجهات استمرت لأكثر من ساعة بين المسلحين وقوات الجيش، التي اضطرت للتراجع عن مناطق تمكنت من السيطرة عليها خلال الحملة العسكرية المستمرة منذ 20 يوماً على التوالي.
وقال شهود عيان لـ"العربي الجديد"، إن الطيران الحربي المصري حلق في سماء مدينتي رفح والشيخ زويد عقب الهجوم في رفح والعريش. وأضاف الشهود أن الجيش المصري أرسل تعزيزات عسكرية إلى منطقة الهجوم شمال رفح، بالإضافة لعدد من سيارات الإسعاف.

كذلك قُتل مجند مصري برصاص قناص جنوب مدينة العريش في اعتداء ثالث شهده يوم أمس.
ويشنّ الجيش المصري هجوماً هو الأعنف على مدينة رفح منذ بدء العمليات العسكرية للجيش المصري في سيناء، أدى إلى حركة نزوح واسعة في صفوف المواطنين خلال الأيام الماضية في اتجاه العريش وبئر العبد. وكان التنظيم قد نفذ كميناً في منطقة سبيكة قبل أسابيع استهدف فيه أربعة عسكريين مصريين كانوا في طريقهم من مدينة بئر العبد إلى العريش، في نقطة تبعد عن العريش 30 كيلومتراً إلى الغرب، حيث الساحة الجديدة للتنظيم.


ويأتي الهجومان على الرغم من حملة الجيش المصري البرية والجوية الأولى من نوعها من حيث الحجم والقوة المشاركة على مناطق غرب العريش عقب هجوم كمين سبيكة. وقالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، إن هجوم قوات الجيش الواسع على مناطق غرب العريش خصوصاً المناطقة الواقعة جنوب قرية الميدان وجنوب منطقة سبيكة والمزار، ومناطق غرب كمين الميدان وقرية التلول، لم يحقق نتائج سوى اعتقال عدد من المدنيين العزل. وأوضحت المصادر ذاتها أن العملية العسكرية الجديدة هي الأولى من نوعها في هذه المناطق، وأتت كرد على الهجوم الذي استهدف سيارة مدنية تقلّ 4 عسكريين في منطقة سبيكة، وأدت إلى مقتلهم جميعاً، فيما لم توقف هذه العملية الهجمات بعد أن تعرض رتل للشرطة لهجوم واسع على الطريق الدولية.

من جهته، قال خبير عسكري لـ"العربي الجديد"، إن التنظيم يتّبع نظام تغيير الجبهات في حال تعرُّضه لضغط عسكري في منطقة محددة، وهو ما حصل فعلياً في فترة شهدت مناطق جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد حملات عسكرية متتالية من قبل قوات الجيش، ما دفع التنظيم لفتح جبهة جنوب العريش، واليوم ينقل الجبهة من الجنوب إلى الغرب، إثر هجوم الجيش على مناطق الجنوب والتي باتت مكشوفة بعد القصف الجوي الذي تعرضت له خلال الأسابيع الماضية.

وأوضح الخبير، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه من حيث جغرافية المنطقة فإن غرب العريش ستكون ساحة أفضل لعمل التنظيم من الجنوب، لجهة المساحة الواسعة، وإمكانية التحرك والانسحاب التكتيكي في اتجاهات مختلفة في المناطق الصحراوية من دون وصول القوات البرية إلى مجموعاته. وتوقع أن تزداد في الأيام المقبلة حدّة هجمات التنظيم من مناطق غرب العريش للتخفيف عن مناطق الجنوب، ما يسمح للخلايا المتواجدة في تلك المناطق بأن تلتقط أنفاسها من الهجوم الواسع الذي شنّه الجيش.
ومن الواضح أن التنظيم يغيّر استراتيجيات عمله في سيناء كيفما يراه مناسباً، على عكس الأمن المصري الذي يعتمد على آليات عمل في الانتشار والهجوم، لا تسعفه كثيراً في تحقيق ضربات موجعة ضد التنظيم الذي نفذ هجمات عدة ضد الجيش على مدار السنوات الأربع الماضية.

المساهمون