الخدمة الإلزامية: هدف حوثي لتجنيد ملايين اليمنيين

الخدمة الإلزامية: هدف حوثي لتجنيد ملايين اليمنيين

14 يوليو 2019
لم يطبّق التجنيد منذ إقراره عام 1990(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -


في ظلّ حالة الضعف والتخبط التي تلف عمل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ومعها التحالف السعودي الإماراتي، لا تتردد جماعة أنصار الله (الحوثيين)، في توطيد أركان سلطاتها المفروضة بقوة السلاح على قطاع واسعٍ من اليمنيين، باستخدام مختلف الإجراءات التي تعزز من قوة الجماعة العسكرية وتعويض الخسائر الممتدة على العديد من الجبهات، بما في ذلك، استخدام القوانين واللوائح المدفونة بغية تعزيز أسباب البقاء في هياكل ما تبقى من دولة طحنتها الحرب المستمرة منذ اجتياحهم للعاصمة صنعاء عام 2014. وخلال اليومين الماضيين، كان قانون خدمة الدفاع الوطني الإلزامية، أحد أبرز محاور حديث الأوساط السياسية، مع بروز توجه داخل الجماعة لفرض القانون الذي يُلزم ملايين اليمنيين على الالتحاق في صفوف مقاتلي الجماعة والوحدات العسكرية الخاضعة لسلطاتها، أو اعتبارهم مخالفين، وجب في حقهم السجن وتغريمهم مبالغ مالية، وفقاً لنص وأحكام القانون الذي يعود إلى عام 1990.

وبرز التوجه الحوثي، من خلال نشر رئيس ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، عضو "المجلس السياسي الأعلى" (أعلى واجهة سلطوية للجماعة)، محمد علي الحوثي، تغريدة على صفحته بموقع "تويتر"، تضمنت رابط نص "قانون خدمة الدفاع الوطني الإلزامية"، بعد أشهر من إعادة توحيد اليمن.

وأفادت مصادر سياسية قريبة من الجماعة لـ"العربي الجديد"، أن "العديد من قيادات الجماعة، تدفع نحو المطالبة بإعادة العمل بالقانون، أو إصدار قانون جديد على هذا النحو، الذي قد يكون من المستحيل تنفيذه في الواقع، لكنه يفتح باباً لابتزاز أعداد كبيرة من اليمنيين وسوقهم إلى معارك الجماعة الخاصة، مثلما يمكن أن يتحول أحد مداخل الابتزاز المالي، بالمطالبة بتعويضات أو غرامات ممن لا يرغبون بالتجنيد".

وفي السياق، ينص القانون، الذي لم يطبق يوماً منذ صدوره ويلوح الحوثيون بتفعيله، على أن "تفرض الخدمة العسكرية الوطنية على كل يمني من الذكور أتم الـ18 من عمره"، وعلى أن "تؤدى الخدمة في كلٍ من القوات المسلحة ووزارة الداخلية"، وأن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين كل من تجاوز الثلاثين عاماً من عمره وتخلف عن أداء خدمة الدفاع الوطني رغم استدعائه"، والعقوبة نفسها ضد "كل من جنب شخصاً من أداء خدمة الدفاع الوطني الإلزامية أو أجل تجنيده بغير حق سواء بإغفال إدراج اسمه في الكشوف المطلوبة، أو حذفه منها أو إضافته إليها دون حق أو المساعدة على ذلك بالإدلاء ببيانات كاذبة"، وصولاً إلى الأحكام، التي تمنع اليمنيين من مغادرة البلاد وينص في هذه الحالة على أنه "لا يجوز الترخيص لأي مواطن من الذكور ما بين الـ18 والـ30 من عمره بمغادرة الجمهورية ما لم يكن مؤجلاً أو معفياً وحاصلاً على إثبات بذلك".



إلى جانب ذلك، يتضمن القانون نصوصاً يمكن أن تكون مدخلاً للابتزاز المالي، على غرار ما جاء في الفقرة (ب) من المادة الثالثة، ويتضمن "يجوز قبول البدل النقدي من مواطني الجمهورية المغتربين في الخارج، ويحدد قيمة البدل النقدي وشروطه والإجراءات الخاصة بذلك بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض من وزيري الدفاع والداخلية والأمن"، وكذلك في بند العقوبات التي يمكن استبدال السجن فيها بغرامات، علماً أن المغتربين اليمنيين في البلدان الأجنبية، يشكلون الجزء الأكبر مما تبقى من اقتصاد البلاد الآيل للانهيار التام، ويوفرون دخلاً للملايين من السكان. ويحتفظ الحوثيون بالسيطرة على مناطق الكثافة السكانية الأبرز، إذ لا يزال غالبية اليمنيين البالغ إجمالي عددهم 30 مليون نسمة، يعيشون في مناطق سيطرة الجماعة، في صنعاء وما حولها من المحافظات.

وفي حينٍ لا يزال التوجه الحوثي نحو إجراء يمكن أن يمثل فصلاً مأساوياً جديداً، في إطار النقاشات الذي يدفع نحوها تيار داخل الجماعة، كما كشف عن ذلك، محمد علي الحوثي، يمثل الحديث عن "الخدمة الإلزامية"، مؤشراً على أن ملف "التجنيد" لا يزال يؤرق الجماعة، التي تحارب على امتداد مساحات واسعة داخل اليمن وفي الحدود مع السعودية، ولطالما جعلت من مختلف التطورات والمناسبات مداخل لمهرجانات حشد و"تعبئة عامة"، في ظل التكتم حول أعداد القتلى من المسلحين والعسكريين المنضوين تحت لوائها منذ سنوات.

من زاوية أخرى، يسلط تلويح الحوثيين بـ"التجنيد الإجباري"، الضوء على جملة من الإجراءات التي تتخذها الجماعة، وتوطد من خلالها أركان سلطتها الخاصة في صنعاء ومحيطها، على نحو يعزز تقسيم اليمن وفقاً لخارطة القوى المسيطرة شمالاً وجنوباً ووسطاً، وبعيداً عن أي أحاديث يتم ترديدها على ألسن السياسيين والدبلوماسيين الدوليين، بما في ذلك الوسيط الأممي مارتن غريفيث، عن حلٍ سياسي، يفترض أن يقتضي إنشاء حكومة جديدة لليمن تشارك فيها مختلف الأطراف بما فيها الحوثيون، ليبدو وكأن الواقع في سياق مختلف تماماً.

ومن أبرز ما يعزز المخاوف من سلطة الحوثيين، حالة الضعف التي تعيشها الحكومة اليمنية، مع الأزمات التي تواجهها في المناطق الجنوبية والشرقية، تلك التي بات التحالف السعودي الإماراتي، الذي يرفع شعار الدعم لـ"الشرعية"، من أبرز أسبابها، مع إبرازه أجندة المصالح الخاصة أو الأطماع في أجزاء محددة من اليمن، على نحوٍ يستفيد من سيطرة الحوثيين وممارساتهم التي تصب في تعزيز تقسيم البلاد، وإن كانت قوتهم في المقابل، أثبتت قدرتها على تهديد مصالح الرياض وأبوظبي، كما حصل في العديد من الهجمات.

بدوره، نفى متحدث عسكري يمني، أمس السبت، ما تداولته وسائل إعلام عن تسليم القاعدة العسكرية بميناءي المخا والخوخة، غربي اليمن، إلى قوات عسكرية. وقال المتحدث باسم القوات المشتركة لتحرير الساحل الغربي في اليمن، العقيد وضاح الدبيش، لوكالة "الأناضول"، إن "وحدات من القوات المشتركة في الجيش اليمني ما زالت تؤمن الميناءين الواقعين على البحر الأحمر وباب المندب، جنوب مدينة الحديدة، وأنه لا صحة لأنباء تسليمهما لقوات سعودية". ولفت إلى أن "وحدات الجيش مستمرة في تأمين الميناءين الاستراتيجيين منذ أكثر من 3 سنوات، تحت إشراف قادة عسكريين من دول التحالف العربي". ويأتي نفي الدبيش، عقب نشر وسائل إعلام مختلفة، مساء الجمعة، أنباء عن تسليم القاعدة العسكرية في الميناءين، لقوات سعودية جديدة.


المساهمون