تبرعات غامضة وسخرية أوباما تلاحقان هيلاري كلينتون

تبرعات غامضة وسخرية أوباما تلاحقان هيلاري كلينتون

28 ابريل 2015
ينتظر العالم صدور كتاب عن "فضائح" أموال كلينتون (Getty)
+ الخط -

أطلق الرئيس الأميركي باراك أوباما طرفة سياسية ساخرة من رفيقة حزبه، وزيرة خارجيته السابقة والمرشحة الديمقراطية الحالية هيلاري كلينتون، كانت بمثابة طعنة قوية غير متوقعة منه، وخصوصاً أن الأميركيين ينتظرون الأسبوع الأول من شهر مايو/ أيار، لمعرفة المزيد من أسرار أقوى مرشحة محتملة للرئاسة حتى الآن، كلينتون نفسها. من المقرر أن يشهد اليوم الأوّل من مايو/ أيار، استجواب كلينتون رسمياً تحت قبة الكونغرس بشأن مراسلاتها الإلكترونية عبر بريدها الشخصي. وفي الخامس من الشهر نفسه، ستتعرض كلينتون لاستجواب جماهيري من نوع آخر، عقب صدور كتاب يركّز فيه مؤلفه، الباحث الأميركي بيتر شفايتزر، على "أسرارها" المالية والتبرعات العربية التي سبق وتلقّتها في مسيرتها السياسية.

وتأتي هذه الحملات المتناسقة على كلينتون، تزامناً مع حملتها الانتخابية المبكرة التي بدأتها من ولاية أيوا الأميركية بتجوال مستمر على مدار الساعة، في حافلة مخصصة لذلك. وقد تضطر خلال الحملة، إلى تفنيد الاتهامات الموجهة ضدّها، خصوصاً تلك الواردة في كتاب شفايتزر، الذي بدأت عناوين بعض الصحف الأميركية في كشف بعض محتوياته سابقاً.

اختار شفايتزر عنواناً واضحاً ومباشراً: "أموال كلينتون"، ليكشف فيه عن "التجاوزات المالية لهيلاري…". وفي محاولة من المؤلف للإيحاء أنّه قام بجهد مستقل بعيداً عن خدمة مصالح خصوم كلينتون أو منافسيها، صرّح لصحيفة بلومبرغ، عن عزمه تأليف كتاب مماثل عن المخالفات التي ارتكبها المرشح الجمهوري المحتمل لمنافسة كلينتون في انتخابات العام 2016، حاكم فلوريدا السابق، جيب بوش. لكن المراقبين الديمقراطيين شكّكوا في صحة كلامه، مشيرين إلى أنهّ لو كانت نيّة المؤلّف حياديّة ومهنيّة، لأصدر الكتابين في وقت واحد، قبيل اقتراب فترة الترشيح الرسمية.

وفي ممارسة مماثلة لما يعيبه المؤلف على هيلاري في ما يتعلق بحبها للمال ونهمها في جمعه، لجأ إلى الترويج للكتاب بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من المكسب المادي والسياسي، بعدما أعطى حق الاطلاع على بعض فصول الكتاب المرتقب لبعض الصحف الأميركية الكبرى. 
وفي خضم الترقب لما سيكشفه المؤلف من جديد عمّا تطرقت إليه بعض الصحف الأميركية البارزة، من بينها نيويورك تايمز، تلقّت هيلاري طعنة أكثر إيلاماً، جاءت على لسان أوباما نفسه، وليس من أي خصم جمهوري.

خلال العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض الذي أُقيم مساء السبت الماضي، والذي يتّسم غالباً بالمرح والطرائف السياسية، باستثناء أنّ السخرية تركّز في تلك المناسبة عادة على السياسيين المستعدين للرحيل وليس على الطامحين للدخول إلى البيت الأبيض، حضر أوباما، وشارك بإطلاق مجموعة من المواقف السياسية، يسخر فيها من نفسه ومن أقرب السياسيين إليه. وفي سياق تعليقاته، زجّ مزحة لم تُعتبر بريئة، وكانت بمثابة قنبلة مدوية ألقاها في طريق هيلاري إلى البيت الأبيض، والتي من المرجح أن تنهكها شظاياها، إن لم تصبها في مقتل.

اقرأ أيضاً: أوباما يتندر على خصومه وحلفائه السياسيين في حفل إعلاميين

اكفهرّت وجوه مؤيدي ترشيح هيلاري، بعد قول أوباما: "لديّ صديقة كانت تكسب ملايين الدولارات كل عام حتى أسابيع قليلة مضت، وهي الآن تعيش في حافلة صغيرة بولاية أيوا". كان يمكن اعتبار ما قاله الرئيس بمثابة طرفة بريئة لو أنّ توقيتها لا يخدم الخصوم، ولا يتعلّق بمرشحة رئاسية طامحة، لكنّها أتت قوية وغير متوقعة، فأضافت إلى رصيد الحملات الاستباقية التشهيرية التي يستهدف بها الجمهوريون مع سبق الإصرار والترصد، حملة أقوى من يمكن أن يمثل الحزب الديمقراطي ضدهم.

صحيح أنّ أوباما لم يذكر هويّة صديقته، لكنّه كان واضحاً أنّه يقصد هيلاري، إذ أنّ الضجة لا زالت قائمة بسبب تلك الملايين التي كانت تكسبها لصالح منظّمة كلينتون الخيرية، التي أسّسها زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، ولهذا اعتبرت الطرفة من قبيل المكر السياسي.
كما سخر أوباما من نفسه بمجموعة من الطرائف التي لن يترتّب عليها أي ضرر مستقبلي، لأنّه مغادر البيت الأبيض وليس قادماً إليه. ومن ضمن ما ذكره، أنّ منصب الرئاسة جعله أكثر شيباً وأكبر سنّاً، لدرجة أنّ رئيس مجلس النواب جون بوينر أرسل لرئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، دعوة، لإلقاء خطاب تأبين أوباما.

وكانت النكات الأخرى التي أطلقها أوباما إزاء نائبه جو بايدن وآخرين مثيرة للضحك، على عكس تلك التي وجّهها إلى هيلاري ولاقت الامتعاض والاستهجان والغضب من قبل مؤيديها. وقد أشار المعلّقون في محطات التلفزة الأميركية، إلى أنّ طرفة أوباما عن هيلاري كانت شديدة الوقع على محبيها ومناصريها، لأنّها أكّدت مزاعم الجمهوريين عنها على نمط، "وشهد شاهد من أهلها".

"إنّها طعنة في توقيت سيئ" بحسب كتّاب الرسائل الإلكترونية المؤيدة لحملة كلينتون، لأنّها تزامنت مع نشر أشهر الصحف ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة لعدد من التقارير التي كشفت عن تفاصيل جديدة مزعومة في نظر الديمقراطيين، وخطيرة من وجهة نظر الجمهوريين، في ما يخص الشؤون المالية لمؤسسة كلينتون الخيرية.

وفي وقت متزامن على هيئة حملة منظّمة، تصدّرتها شبكة "فوكس نيوز" المؤيدة للجمهوريين وشاركت في الحملة كل من صحيفة "نيويورك تايمز"، و"وول ستريت جورنال"، وموقع "ذي إنترسبت" الإخباري، وغيرها من الصحف والمواقع الالكترونيّة التي نشرت تقارير مطوّلة، تروي تفاصيل ارتباط التبرعات غير المعلنة لمؤسسة كلينتون الخيرية بصفقات لبيع اليورانيوم المنتج في الولايات المتحدة لوكالة حكومية روسية. ومن المتوقع أن يكشف كتاب شفايتزر المزيد من المعلومات عن حجم الأموال العربية التي يقول الكتاب إنها تلقّتها من السعودية والإمارات والمغرب وغيرها من الدول العربية بـ"أهداف سياسية مبطّنة" بحسب معارضي السيدة الحديدية.

اقرأ أيضاً: استدعاء كلينتون لمحوها رسائل الهجوم على قنصلية بنغازي

وأثناء ترقب ظهور التفاصيل الوافية، من المقرّر أن تلبّي كلينتون الدعوة القانونيّة التي تلقّتها عبر محاميها من لجنة تحقيق تابعة لمجلس النواب الأميركي، قبل أسابيع، للمثول رسمياً تحت القسم، من أجل الإجابة على استفسارات بشأن مراسلاتها الإلكترونية عبر بريدها الشخصي خلال الفترة التي وقع فيها الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2012. وكان استدعاء كلينتون قد جاء في رسالة وقّعها رئيس لجنة التحقيق النيابية حول هجوم بنغازي، تيري جودي، وأرسلت الثلاثاء الماضي إلى المحامي الذي اختارته كلينتون لتمثيلها، ديفيد كيندال، من مكتب وليامز أند كونولي في واشنطن.

وتزامناً مع كل هذه التطورات، كشفت وكالة رويترز للأنباء نقلاً عن مصادر، من المحتمل أن تكون جمهورية أو مرتبطة بمصالح الجمهوريين، مفادها أنّ مؤسسة كلينتون الخيرية قدّمت تقارير مغلوطة عن عشرات الملايين من الدولارات المقدّمة لها من قبل حكومات أجنبية.

لكن حملة كلينتون شكّكت بكل هذه "المزاعم" على حد تعبيرها، خصوصاً تلك التي يتضمنها الكتاب. وحاولت حملة كلينتون التخفيف من مصداقية مؤلف الكتاب على اعتبار أنه سبق له أن عمل لصالح إدارة جورج دبليو بوش والمحافظين، من خلال وجوده في مواقعهم الإخبارية.

ومن جانبها، ركّزت صحيفة "وول ستريت جورنال"، على دور كلينتون في بيع وكالة روساتوم التابعة للدولة الروسية، حصة 51 في المائة من شركة "يورانيوم ون"، وهي شركة تعدين كندية تمتلك منجماً هائلاً لليورانيوم في ولاية وايومنغ، وذكرت الصحيفة أنّه، ومع امتلاكها لموقع وايومنغ، تستطيع شركة "يورانيوم ون" إنتاج ما يصل إلى نصف ما تنتجه الولايات المتحدة من اليورانيوم هذا العام، وكان بعض النواب الفيدراليين قد حثّوا الحكومة الأميركية على منع عملية البيع في ذلك الوقت.

ولتحميل هيلاري كلينتون المسؤولية، أشارت الصحيفة إلى أنّ إتمام الصفقة يتطلب موافقة وزارة الخارجية التي كانت تديرها هيلاري كلينتون في حينها. إذ أنّ هناك لجنة خاصة في الوزارة، تُسمّى لجنة الاستثمارات الأجنبية، مهمتها مراجعة الصفقات التي قد تتسبّب بسيطرة الحكومات الأجنبية على أصول هامة بالنسبة للأمن القومي الخاص بالولايات المتحدة، وهو ما فشلت فيه الوزارة في عهد كلينتون.

كما يجري الحديث أيضاً عن 100 مليون دولار كرسوم خطابة وأحاديث حصل عليها بيل كلينتون، كما حصلت زوجته هيلاري، وفقاً لتقرير يعاد نشر وتكرار مضامينه، على أموال بالطريقة ذاتها. أما الضربة التي قد يكون لها تبعات قانونية، تفرّدت بها وكالة رويترز، كاشفة عن التهرب الضريبي لمؤسسة كلينتون الخيرية، وهو ما لا يشكل سقوطاً أخلاقياً فقط في حال ثبوته، بل ضياعاً لعشرات الملايين من الدولارات من تبرعات، أعلنت عنها المؤسسة في السنوات السابقة، ولم يتم تدوينها في الإقرارات الضريبية السنوية، وهو ما يعاقب عليه القانون، بل ويتشدد في العقوبة بسبب الحقوق الضائعة على الخزينة العامة والقصد الجرمي في ذلك.

اقرأ أيضاً عائلة كلينتون:تحديات في طريق الرئاسة الثالثة

المساهمون