قبول مجلس الدولة بتغيير الحكومة الليبية: تفاؤل مؤقت

قبول مجلس الدولة بتغيير الحكومة الليبية: تفاؤل مؤقت

17 أكتوبر 2018
رفعت موافقة مجلس الدولة من آمال الحل مؤقتاً(حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -


شكّلت موافقة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، على مقترح مجلس النواب بشأن إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، للوهلة الأولى بارقة أمل تفتح المجال أمام حل سياسي، بسبب تقارب المجلسين وتوافقهما لأول مرة حول خطوة باتجاه حل الأزمة في البلاد، لكن تفاصيل الموافقة التي تم الكشف عنها في ما بعد، بيّنت أن لا جديد في المشهد، فالموافقة رُبطت بشرط آخر تمثّل في ضرورة تضمين مجلس النواب، الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري.

وكان عضو المجلس الأعلى، بلقاسم قزيط، قد أوضح في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن جلسة المجلس ظهر الإثنين، شهدت موافقة 74 عضواً على المقترح من أصل 76 عضواً حضروا الجلسة. وأشار قزيط إلى أن كتلة الوفاق في المجلس التي ينتمي إليها، هي التي قادت اتجاه الموافقة على المقترح وسط معارضة من عدد من الأعضاء، قائلاً: "لقد كان تخوّف المعارضين من عدم وجود ضمانات من مجلس النواب في حال الموافقة، لكن أوضاع المجلس الرئاسي وما ترتب على فشله في قيادة البلاد فرضت التصويت بقبول المقترح".

وتضمّن المقترح المحال من برلمان طبرق إلى مجلس الدولة، إعادة تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من رئيس ونائبين من خلال تشكيل مجمع انتخابي لكل واحد من الأقاليم الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان)، ويضمن أعضاء مجلسي الدولة والنواب اختيار عضو في المجلس الرئاسي عن كل إقليم، فيما يرشح مجلس النواب رئيساً من الأعضاء الثلاثة المختارين، ليبدأ المجلس الجديد أعماله بتشكيل حكومة وفاق جديدة، ويتم بعدها تضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري للبلاد.

لكن قزيط أوضح في تصريح لاحق لـ"العربي الجديد"، أن موافقة مجلس الدولة لم تكن على المقترح بالشكل المقدّم من البرلمان، بل تضمّنت تعديلات ستحال مكتوبة إلى مجلس النواب للموافقة عليها. وقال: "يتعيّن على مجلس النواب تضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري كخطوة أولى قبل الشروع في تشكيل المجمّعات الانتخابية الثلاثة، كما أن اختيار الرئيس الجديد للمجلس الرئاسي يجب أن يكون من قِبل الأعضاء الثلاثة بالتوافق بينهم من دون تدخّل مجلس النواب". واعتبر قزيط تضمين الاتفاق السياسي، كخطوة أولى، ضماناً عادلاً للمضي في الخطوات التالية المتعلقة بإعادة تشكيل السلطة التنفيذية.

وكان مجلس النواب قد دعا في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي إلى الاقتصار على تعديل مواد السلطة التنفيذية في الاتفاق السياسي وإرجاء تعديل المواد الأخرى، للبدء في إعادة تشكيل السلطة التنفيذية كشرط لمنحها ثقته. وعلى الرغم من موافقة مجلس الدولة، إلا أن خلافاً أدى إلى تعليق جلسات تعديل الاتفاق على خلفية اختلاف المجلسين حول آليات اختيار أعضاء السلطة التنفيذية الجديدة. وأعاد مجلس النواب في سبتمبر/أيلول الماضي الحديث حول آليات اختيار أعضاء المجلس الرئاسي الجديد بعد إعلان أربعين عضواً من مجلس النواب مؤيدين للاتفاق السياسي وحكومة الوفاق، سحب ثقتهم في الحكومة مطالبين بإعادة تشكيل السلطة التنفيذية.


وعلى الرغم من اعتبار قزيط أن مبادرة النواب لتقديم المقترح وموافقة مجلس الدولة عليه "خطوة نحو انفراجة سياسية في البلاد"، ومطالبته مجلس النواب بضرورة التعاطي مع التعديلات التي أجراها مجلس الدولة على المقترح "من أجل إيجاد حل متوازن للأزمة وفتح آفاق للتقارب بين المجلسين لإنجاز مهام أخرى"، إلا أن أستاذ العلوم السياسية الليبي، خليفة الحداد، رأى أن موافقة مجلس الدولة هي "مماطلة جديدة"، واصفاً إياها بـ"التعجيزية".
وقال الحداد في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مجلس الدولة رمى بالكرة مجدداً في ساحة البرلمان لإحراجه أمام الرأي العام"، مشيراً إلى أن مجلس الدولة يريد أن يقول إن البرلمان هو المعرقل الأول لتنفيذ الاتفاق السياسي. ولفت إلى أن "مجلس الدولة يعرف أن النواب لن يضمّنوا الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري، وهو سبب المشكلة الرئيسية والاختلاف القائم بين المجلسين، ولذا ربط موافقته على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، بموافقة البرلمان على تضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري".

ورأى أستاذ العلوم السياسية أن "شرط تضمين الاتفاق السياسي ليس سوى ليّ ذراع مجلس النواب، ومحاولة لإرغامه على القبول بشروط أخرى في الكواليس"، لافتاً إلى أن المجلسين اتفقا منذ جلسات تعديل الاتفاق السياسي على ضرورة إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، لكن الخلاف هو حول شاغلي المناصب الجدد، مشيراً إلى أن "الخلاف بدأ منذ تحديد آليات اختيار أعضاء المجلس الرئاسي الجديد، والملاحظ أن مقترح مجلس النواب الأخير وموافقة مجلس الدولة عليه، أبقيا على الخلاف في آلية اختيار الأعضاء الجدد في المجلس الرئاسي، مما يؤكد أن مكمن الخلاف بينهما هو حول من سيشغل كراسي الأغلبية ويمتلك القرار فيه".
كما لفت إلى أن الموافقة لم تصدر في إعلان رسمي من قبل مجلس الدولة لكنها سُربت عبر تصريحات لأعضاء في المجلس، "مما قد يشير إلى أن الأمر مجرد جس نبض للنواب ومحاولة لتليين مواقفهم"، لكنه استبعد أن "يطرأ على الساحة السياسية أي جديد نتيجة هذا التقارب المزعوم".