فرنسا: التتبع الرقمي يلقى رفضاً حتى بين الأغلبية الحاكمة

فرنسا: التتبع الرقمي يلقى رفضاً حتى بين الأغلبية الحاكمة

09 ابريل 2020
الحكومة تعمل على تطبيق هاتفيّ لتتبّع مواطنين عبر بلوتوث(Getty)
+ الخط -

 

لم تمض إلا ساعات قليلة على كشف الحكومة الفرنسية عن تفاصيل جديدة حول سياستها الرقمية للحدّ من انتشار وباء كورونا، حتى وصلت صيحات التحذير والنقد إلى صفوف الأغلبية الحاكمة نفسها، بعد أن كانت مقتصرة، خلال الأيام الماضية، على قسم من الرأي العام والمعارضة السياسية.

وكشف مسؤولون حكوميون، الأربعاء، عن أن الحكومة تعمل على تطبيق هاتفيّ من شأنه تتبّع مواطنين عبر خدمة بلوتوث، للحدّ من انتشار العدوى.

وقال النائب عن الحزب الرئاسي، منير محجوبي، المكلّف بكتابة مذكّرة حول سيناريوهات تتبع المواطنين رقمياً، إن الحكومة تفكر بتطبيق كهذا لمرحلة ما بعد الخروج من العزل، الذي تعرفه البلاد منذ 17 مارس/آذار الماضي، والذي قال رئيس الوزراء، إدوار فيليب، إنه "سيطول"، دون إعطاء فكرة أدقّ عن مدّته.

وأضاف محجوبي، في حديث إلى إذاعة "فرانس أنتير"، أن "مهمة التطبيق الهاتفيّ تتبّع الاحتكاكات والعلاقات التي قام بها شخص مريض خلال الأيام الـ15 السابقة لقيامه بفحص الإصابة بفيروس كورونا، ما يساعد على تنبيه الأشخاص الذين احتك بهم ليتخذوا الإجراءات الوقائية أو الطبية اللازمة"، مشيراً إلى أن "الغرض الوحيد للتتبّع هو إنقاذ حياة الناس".

من جهته، قال وزير الدولة للشؤون الرقمية، سيدريك أو، في حوار مع صحيفة "لوموند" نشرته الأربعاء، إن الدولة لا تفكر بطرح هذا التطبيق إلا "على أساس التطوع" ولمن يريدون استخدامه بقرار شخصي، مذكراً بإمكانية إزالته في أي وقت، وبأنه لا يحفظ المعلومات الشخصية لمستخدميه، مثل مواقعهم الجغرافية.

وتحاول الحكومة تطمين الفرنسيين بالقول إن سياستها الرقمية تتحرك داخل أطر قانونية أوروبية متعلقة بالبيانات الشخصية، وإنها لن تتخذ أيّ قرار بهذا الشأن إلا بعد طرحه للنقاش والتشاور، مذكّرة بالظروف الاستثنائية التي قد تستدعي اللجوء إلى تدابير كهذه.

لكن هذه التطمينات لا تقنع قسماً من الرأي العام ومن المعارضة السياسية، بل إنها لم تقنع جزءاً من الأغلبية الحاكمة ومن حلفائها.

ونشرت صحيفة "لوفيغارو"، بعد عصر الأربعاء، نصاً وقّعه 15 نائباً برلمانياً، ينتمي 10 منهم إلى حزب "الجمهورية إلى الأمام الرئاسي"، يعلنون فيه رفضهم توجه الحكومة إلى تتبع المواطنين رقمياً، وذلك لسبب "تقني" وآخر "أخلاقي".

 

ويتمثل الاعتراض التقني، بحسب الموقعين، في قلّة فعالية تدابير كهذه تقوم على خدمة ضعيفة الدقة مثل بلوتوث، ولا يستخدمها إلا قليل من الناس. ويعطي البرلمانيون سنغافورا مثالاً، وهي "طليعية في استخدام تكنولوجيا كهذه"، حيث لم يستخدم التطبيق فيها إلا 19% من السكان، ما اضطر السلطات للّجوء إلى فرض عزل، بعد فشل التكنولوجيا في تقديم حل ناجع.

أما أخلاقياً، فيحذّر البرلمانيون من أن "وضع الأسس التقنية والقانونية للتتبع الرقمي والفردي للسكان يمثّل تغيّراً معيارياً كبيراً بالنسبة إلى استخداماتنا الرقمية"، ويضيفون: "لا يجب اتخاذ قرار كهذا في أوقات الأزمات أو الطوارئ ودون استشارةٍ عامة أو نقاش برلماني. سيعني ذلك فرض تقبّله اجتماعياً في ظل ظروف خاصة للغاية".

ويختم الموقعون نصّهم بعبارة شديدة اللهجة، من شأنها تذكير الحكومة بتقصيرها في إدارة الوباء الذي تعيشه البلاد: "نحتاج لفحوصات على نطاق واسع للخروج من العزل والأزمة، وليس تتبع الناس على نطاق واسع".