مجازر متواصلة بالغوطة... وفصائل في حماة تطلق معركة "غضب"

مجازر متواصلة بالغوطة... وفصائل في حماة تطلق معركة "الغضب للغوطة"

15 مارس 2018
تواصل قوات النظام هجماتها على الغوطة (فرانس برس)
+ الخط -

فيما تواصل قوات النظام السوري، بدعم من الطيران الروسي، قصف مدن وبلدات الغوطة الشرقية، لليوم الخامس والعشرين على التوالي، موقعة المزيد من الضحايا بين المدنيين، ومُضَيّقةً الخناق أكثر فأكثر على نحو 400 ألف مدني يقيمون هناك، فإن سيناريوهات الفترة المقبلة تبقى غير واضحة المعالم، مع ترجيح أن تُصعّد قوات النظام لهجومها البري. يأتي هذا في وقت فتحت فيه مجموعة فصائل عسكرية شمال غرب حماة، معركة "الغضب للغوطة"، وسيطرت، أمس الأربعاء، على مدينة كرناز ومعسكر الحماميات.

في هذا الوقت، حذر مستشار مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، يان إيغلاند، أمس الأربعاء، من أن الحرب قد تشهد "معارك طاحنة" في عامها الثامن، حتى وإن بدا القتال في الغوطة الشرقية الحلقة الأحدث في سلسلة "معارك النهاية". واعتبر إيغلاند، الذي يرأس المجلس النرويجي للاجئين، أن الوقت لم يفت لتجنب إراقة الدماء في إدلب ودرعا وعفرين عبر المفاوضات. وعبر عن أمل الأمم المتحدة في أن ينجح نظام تنبيه جديد لتفادي الضربات الجوية على أكثر من 12 مستشفى في الغوطة الشرقية وإدلب. وأشار إلى أن "المنظمة الدولية لديها ضوء أخضر من الحكومة السورية لإرسال قافلة كبيرة من المساعدات إلى دوما، الخميس".

وواصلت الطائرات الحربية قصفها لمختلف مدن وبلدات الغوطة الشرقية، موقعة المزيد من الضحايا. وذكر الدفاع المدني السوري أن شخصين قتلا وأصيب آخرون نتيجة غارات جوية استهدفت، صباح أمس، عربين، فيما استهدفت غارات أخرى كفربطنا وحزة، ما أدى إلى سقوط 5 قتلى في حزة وقتيلين في كفربطنا، بالإضافة إلى العديد من الإصابات، في حين قامت قوات النظام باستهداف مدينة دوما بالقذائف. وقال نشطاء محليون إن مدنياً قتل وجرح آخرون إثر قصف جوي روسي، بصواريخ محملة بقنابل عنقودية، على بلدة حزة، بالتزامن مع استهداف كثيف للطائرات الحربية للأحياء السكنية في جسرين وحرستا.

ويضيق الخناق شيئاً فشيئاً على نحو 90 ألف عائلة تقيم في الغوطة الشرقية لدمشق. إذ إنه وبعد تقسيم النظام السوري فعلياً للغوطة الشرقية إلى ثلاث مناطق، وهي حرستا غرباً، والقطاع الشمالي ومركزه دوما، إضافة للقطاع الجنوبي الأوسط، وأشهر بلداته عربين وزملكا وعين ترما وصولاً إلى جوبر، فإن قوات النظام ما زالت تحاول التقدم في محوري جبهة حرستا، إضافة لمواصلة هجماتها البرية على مناطق القطاع الجنوبي الأوسط الذي يعتبر معقل "فيلق الرحمن". وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أنه و"منذ فتح الممر الإنساني، غادر أكثر من 300 شخص منطقة الغوطة الشرقية، وتم خروج معظمهم في الأيام الأخيرة". وفيما لا تتوفر إحصائية من مصدر محايد حول أعداد المدنيين الذين غادروا الغوطة خلال اليومين الماضيين، فقد تأكد فعلاً خروج عشرات المدنيين من الغوطة الشرقية عبر "مخيم الوافدين" خلال اليومين الماضيين، إذ بث "التلفزيون السوري"، التابع للنظام، مشاهد مصورة لهؤلاء المدنيين أثناء خروجهم ونقلهم إلى مراكز إيواء، قرب منطقة "مخيم الوافدين". وكان "جيش الإسلام" قد اتفق، أول من أمس، برعاية الأمم المتحدة، مع ممثلي القوات الروسية في سورية، على خروج عشرات الجرحى والمرضى من الغوطة للعلاج في مستشفيات مدينة دمشق. وبناءً على هذا الاتفاق خرج، الثلاثاء، نحو 147 مدنياً من مدينة دوما. ويقضي الاتفاق بإخراج أصحاب الحالات المرضية ومرافقيهم على دفعات للعلاج في دمشق وضمان سلامتهم وإعادتهم إلى الغوطة بعد انتهاء العلاج، في حين سيغادر بعضهم إلى خارج سورية، بحسب ما ذكر "جيش الإسلام".


وأمس، الأربعاء، حذر المجلس المحلي في مدينة حرستا، من كارثة إنسانية، بعد أن قطعت قوات النظام كافة الطرقات حول حرستا، وعزلتها عن دوما، وباقي مدن وبلدات القطاع الجنوبي الأوسط من الغوطة الشرقية لدمشق. وذكر المجلس، في بيان، أن 20 ألف مدني يقيمون تحت الحصار في مدينة حرستا، وقد حرموا من كافة الإمدادات الطبية والإغاثية، بعد أن حاصرت قوات النظام المدينة وقطعت كافة الطرق إليها، داعياً منظمات الأمم المتحدة للتحرك والضغط على النظام وروسيا لفتح طرقات إنسانية لإيصال المساعدات للمدنيين المحاصرين. إلى ذلك، فتحت عدة فصائل عسكرية في ريف حماة الشمالي الغربي، أمس الأربعاء، معركة ضد مواقع تسيطر عليها قوات النظام السوري، تحت اسم "الغضب للغوطة". وأوضح بيان بدء المعركة، الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن معظم الفصائل المشاركة تتبع للجيش السوري الحر، وأشهرها "جيش العزة"، و"الفرقة الأولى مشاة"، إضافة إلى "جبهة تحرير سورية" التي أعلن عنها أخيراً بعد اندماج حركتي "أحرار الشام" و"نور الدين زنكي". وأطلقت الفصائل هجومها من مناطق سيطرتها غرب كفرزيتا، شمال غربي حماة، باتجاه مواقع قوات النظام في كرناز والحماميات. وأعلنت غرفة عمليات المعركة، في بيان آخر، سيطرتها على هاتين المنطقتين، وهما خط دفاع متقدم لقوات النظام عن مناطقه الأبرز في ريف حماة الشمالي الغربي، وصولاً إلى مناطق سهل الغاب.

من جهة أخرى، استنكرت وزارة الخارجية الروسية تهديدات المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، بتوجيه ضربات إلى النظام السوري على خلفية استخدامه أسلحة كيميائية في الغوطة الشرقية. واعتبرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن "مثل هذه التصريحات المدوية وغير المسؤولة للمندوبة الأميركية تثير استياءً وقلقاً شديداً"، مضيفة أن موسكو، وعلى خلفية هذه التصريحات، "تشعر بقلق بالغ إزاء المعلومات حول تحضير المسلحين لتمثيلية باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، واتهام الحكومة السورية بها، وذلك تمهيداً لتبرير ضربات أميركية أحادية الجانب ضد دمشق والمؤسسات الحكومية السورية". كما أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تطرق إلى الموضوع خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي، مولود جاووش أوغلو، في موسكو، أمس الأربعاء. واعتبر لافروف أن الولايات المتحدة على ما يبدو تخطط للتمركز في سورية لمدة طويلة. وقال "لا توجد هناك أسس للتشكيك في نوايا بعض ممثلي القيادة الأميركية للتمركز هناك لمدة طويلة أو للأبد والعمل على تفكيك الجمهورية السورية، ولتحقيق هذه الأهداف يستخدمون أساليب مختلفة. لقد قمنا بإبلاغ المجتمع الدولي عبر وزارتي الدفاع والخارجية بأنه يتم إعداد أعمال استفزازية تحاكي استخدام أسلحة كيميائية، خصوصاً في الغوطة الشرقية". واعتبر أن "هذه المحاكاة لهجوم كيميائي ستشكل مبرراً للجوء التحالف الدولي إلى القوة بما في ذلك ضد العاصمة السورية". وأضاف "آمل ألا تتحقق هذه المخططات غير المسؤولة". وكانت هيلي حذرت، خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي الإثنين الماضي، من أن بلادها ستتدخل في سورية في حال تقاعس مجلس الأمن عن التحرك، في الوقت الذي حملت فيه وزارة الدفاع الأميركية روسيا مسؤولية الجرائم التي يرتكبها نظام بشار الأسد في الغوطة الشرقية. وقال المتحدث باسم البنتاغون، أريك باهون: "نحث روسيا على حمل نظام الأسد على التوقف عن البطش بالمدنيين السوريين الأبرياء والسماح بوصول المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى سكان الغوطة الشرقية والمناطق النائية الأخرى".

المساهمون