تحركات مصرية إماراتية سعودية لكسر الحصار الدبلوماسي على حفتر

تحركات مصرية إماراتية سعودية لكسر الحصار الدبلوماسي على حفتر

12 مايو 2019
ترتيبات لزيارة يقوم بها حفتر إلى السعودية(فيليبو مونتفورتي/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر مصرية في اللجنة المعنية بمتابعة الملف الليبي، أن استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، يوم الخميس الماضي، جاء في إطار خطة من قِبل المحور العربي الداعم له، لكسر العزلة الدبلوماسية عنه، في الوقت الذي قام فيه رئيس حكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، بجولة أوروبية شملت كلاً من إيطاليا، وفرنسا، وألمانيا وبريطانيا. وأضافت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن استقبال عدد من العواصم الأوروبية للسراج، ومن بينها باريس، التي دعمت تحركات مليشيات حفتر نحو العاصمة طرابلس، وتراجُع التغاضي الدولي عن حملته العسكرية، كان سبباً أساسياً لزيارة الأخير إلى القاهرة لمحاولة إضفاء مشروعية جديدة له.

من جهته، كشف مصدر دبلوماسي مصري، أن هناك ترتيبات لزيارة جديدة سيقوم بها حفتر إلى السعودية، التي دعمت هجومه الأخير على العاصمة الليبية. وقال المصدر، إن حفتر طالب بمزيد من الدعم الإعلامي والدبلوماسي له لدى القوى الإقليمية، في ظل ما سماه بالدعم التركي القوي للسراج. وبحسب المصدر فإن "الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من الدعم العسكري واللوجستي لحفتر، في ظل توقف قواته وعدم قدرتها على التقدّم نحو العاصمة، أمام المقاومة العنيفة من جانب القوات الموالية للسراج".
وكان العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان، قد استقبلا حفتر في 27 مارس/آذار الماضي، قبل نحو أسبوع من انطلاق حملته العسكرية على العاصمة في 4 إبريل/نيسان الماضي، واعتبر مراقبون بعد ذلك أن الزيارة كانت بمثابة الضوء الأخضر لتحريك مليشياته باتجاه طرابلس.

وبحسب أكثر من مصدر مصري مطلع على ملف الأزمة الليبية تحدث مع "العربي الجديد"، فإنه خلال الفترة الأخيرة، وأمام عدم قدرة حفتر على حسْم المعركة سريعاً ودخول العاصمة الليبية، بدأت دوائر أوروبية بالتراجع عن غض الطرف عن تحركه، وهو ما جعل عدداً من العواصم الأوروبية تستقبل السراج، خصوصاً بعد استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان له، وإعلان بلاده الوقوف وراءه بقوة لمواجهة الانقلاب الذي يقوم به حفتر.
ووفقاً للمصادر، فإن "الإمارات ومصر والسعودية تؤكد في خطاباتها على قضية مكافحة الإرهاب، وعلى أن التحركات التي يقوم بها حفتر هي جزء من معركة إقليمية لمواجهة العناصر المتطرفة ومنع انتقالها إلى أوروبا من جهة أو تحويل ليبيا إلى معقل جديد لها من جهة أخرى".


وقالت مصادر مصرية مطلعة على ملف الأزمة الليبية، إن تنفيذ خطة فك الحصار الدبلوماسي عن حفتر، يأتي في ضوء فشل الخطة التي كان يتبناها السيسي، لفرض عزلة وإسقاط السراج دولياً، بالترويج لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وعواصم أوروبية أخرى، بأن حكومة السراج ضعيفة ومنقسمة على نفسها، وأنها لن تكون قادرة على منع تدفقات الهجرة غير الشرعية إلى السواحل الأوروبية. وكان استقبال السراج في عدد من الدول الأوروبية، وتصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بدعم حكومته، ولو شكلياً، إشارة إلى عدم واقعية خطة السيسي.
وكانت "العربي الجديد" قد كشفت في وقت سابق عن مشاورات تمت بين السيسي، والحليف الإماراتي، لدعم حفتر، وإضعاف السراج.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن "القاهرة طرحت رؤية طويلة المدى بعض الشيء، لكن في المقابل فإنها تتجنّب الصدام مع القوى الغربية صاحبة النفوذ في ليبيا، كما أنها تضمن عدم اندلاع حالة فوضى عارمة في ليبيا تصعب السيطرة عليها بما قد يشكل خطراً على الأمن في المنطقة". وأوضحت المصادر أن "الرؤية المصرية، التي أبدت أبوظبي تجاوباً جزئياً معها، كانت تقوم على العمل على إسقاط حكومة الوفاق، ورئيسها فائز السراج، سياسياً، وتصدير المشاكل الحياتية والصراعات بين المليشيات المتقاتلة إليه، بشكل يُضعِف موقفه أمام القوى الدولية، وإظهاره في صورة غير القادر على ضبط إيقاع المشهد، ومن ثم يكون حفتر مطلباً دولياً للحفاظ على استقرار الدولة الليبية".

وأشارت المصادر إلى أن "الموقف الرسمي غير الداعم بشكل حقيقي للسراج كان سبباً أساسياً في توتر العلاقات أخيراً بين مصر وإيطاليا التي تدعم السراج بشكل قوي، وتعتبره خيارها في الأزمة الليبية، وهو ما كان سبباً أساسياً في التصريحات السياسية التي صدرت أخيراً عن شخصيات برلمانية إيطالية، وكذلك عن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني بشأن قضية (مقتل الطالب الإيطالي) جوليو ريجيني، من أجل الضغط على القاهرة لدفعها للقيام بدور عاجل بشأن خطط حفتر العسكرية الرامية لمواجهة مع معسكر الغرب الذي يقوده السراج".

وكان السيسي قد استقبل حفتر مساء الخميس بقصر الاتحادية، في لقاء هو الثاني في أقل من شهر، بحضور رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل، الذي بات المسؤول الأول عن الملف الليبي. وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، إن السيسي اطلع من حفتر على مستجدات الأوضاع على الساحة الليبية، مؤكداً دعم مصر لجهود مكافحة الإرهاب والجماعات والمليشيات المتطرفة لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، وكذلك دور المؤسسة العسكرية الليبية لاستعادة مقومات الشرعية، وتهيئة المناخ للتوصل إلى حلول سياسية وتنفيذ الاستحقاقات الدستورية، على نحو يلبّي تطلعات الشعب الليبي نحو الحياة الآمنة وبناء المستقبل الأفضل.

وأضاف راضي أن السيسي أكد ما سماه دور المؤسسة العسكرية في القضاء على كافة أشكال الإرهاب والمليشيات والجماعات المتطرفة. وتابع أن حفتر أشاد من جانبه بدور مصر في دعم الشعب الليبي على كافة المستويات، مؤكداً قوة العلاقات التاريخية التي تربط بين الدولتين، ومشيداً بجهود مصر في مكافحة الإرهاب ودعم الحلول السلمية للأزمات العربية، وترسيخ مؤسسات الدولة الوطنية ودعم الاستقرار والأمن للشعوب العربية، كما استعرض حفتر الجهود الليبية للتصدي للتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الليبي، والتي تهدف إلى تهريب السلاح والمقاتلين والإرهابيين الأجانب إلى داخل ليبيا.

المساهمون