اليمن: قيادات الجنوب تهجره لمصلحة اللجان

اليمن: قيادات الجنوب تهجره لمصلحة اللجان

30 مارس 2015
مضاد طيران بيد اللجان الشعبية في المنصورة بعدن(العربي الجديد)
+ الخط -
يدخل جنوب اليمن في مرحلة هي الأخطر في تاريخه، أمنياً وعسكرياً وسياسياً، في ظل الصراع الميداني المتصاعد منذ انطلاق عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية، التي تستهدف الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وتحول الجنوب إلى مسرح أساسي لهذا الصراع انعكس في محاولة اجتياحه المستمرة منذ أيام، والمعارك التي تخاض فيه بين اللجان الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي ومسلحين تابعين لصالح والحوثيين.
لكن هذه التطورات على خطورتها تأتي في وقت توجد فيه أغلب القيادات السياسية الجنوبية خارج البلاد، متوزعة على أكثر من عاصمة، وحاملةً أكثر من مشروع سياسي محلي وإقليمي.
المشهد الحالي لا يعد استثناء. الجنوب وفي تاريخه السياسي، دائماً ما كان يشهد مغادرة قياداته السياسية إلى خارجه، بدءاً من الاستقلال عن الاحتلال البريطاني في عام 1967، مروراً بالأحداث الدموية في عام 1986 وحتى عام قيام الوحدة في 1990، وما تلاها بعد حرب صيف 1994 من هجرة جماعية، وصولاً إلى اليوم، بعد مغادرة أغلب القيادات السياسية إلى خارج اليمن، مع الاجتياح الجديد للحوثيين وصالح للجنوب.

اقرأ أيضا: من يدخل عدن أولاً: التحالف أم صالح والحوثيون؟

وتأتي هذه المغادرة وسط حالة ذهول من الشارع، وانتقادات واسعة للقيادات السياسية الجنوبية، ولا سيما قيادات الحراك الجنوبي. هجرة القيادات الجنوبية، بالنسبة لبعضهم، لا يمكن فصلها عن عجز هذه القوى عن القيام بأي تحرك سياسي داخلي وخارجي في سبيل الخروج بالجنوب مما هو فيه. كما أن تحالفاتها السياسية، لم تكن ذات جدوى حسب العديد من الجنوبيين، ابتداءً من التحالف بين قيادات الجنوب، وفي مقدمتهم الرئيسان الجنوبيان السابقان، علي ناصر محمد، وعلي سالم البيض، اللذان تحالفا مع إيران ولم يسفر ذلك عن أي تقدم في ما يتعلق بالقضية الجنوبية، وخصوصاً أنه تحالف غير مرغوب فيه شعبياً. كما أن إيران نفسها لم تكن صادقة مع الجنوبيين، بقدر ما كنت تستخدم الجنوب لتحقيق مكاسب سياسية لحلفائها في الشمال. وهو ما زاد من الغضب الشعبي على هذه القيادات. ووقف الشارع في الأيام الأخيرة مع هادي، على الرغم من معارضته له كرئيس لليمن بشكل عام.
ويوضح مصدر سياسي، شارك في اللقاءات الجنوبية التي عقدت في الإمارات أخيراً، والتي ضمت شخصيات باتت تشكل جناحاً في مقابل جناح هادي، لـ"العربي الجديد"، أن القيادات الجنوبية اليوم، باتت مكبلة مع التحالف العربي الجديد، الذي جعل هذه القيادات مجرد شاهدة على ما يجري، في الوقت الذي لم يجد فيه المجتمع الدولي أي قيادات جنوبية قادر على التعامل معها عدا هادي وبعض القيادات المعارضة لإيران، وهي أيضاً ما زالت مشتتة فيما بينها.
ووفقاً للمصدر نفسه، الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن "ما يجري على الأرض هو أن القبائل والشباب، وبعض المكونات الشعبية الميدانية، هي التي وقفت تواجه الحوثيين وقوات صالح في محاولتهم في الجنوب. وهي تحركات أغلبها غير منظمة وتفتقد للقيادة. لكن ما تقوم فيه مليشيات الحوثيين وقوات صالح ضدهم، هي التي جمعت هذه المكونات الشعبية والأهالي والسكان، مع بعض قيادات اللجان الشعبية الجنوبية الموالية لهادي".
وتعرضت العديد من قوات الحوثيين وقوات موالية لصالح، في الضالع وشبوة وأبين ولحج، لقصف من قبل تحالف "عاصفة الحزم"، في الوقت الذي ما زالت فيه المعارك المسلحة ميدانياً مستمرة. وعلى الرغم من تقدم الحوثيين وقوات صالح نحو عسيلان وبيحان في محافظة شبوة، إلا أنها تعرضت لهجوم كبير، من قبل القبائل في شبوة، وقبائل قدمت من مأرب، كبدتها خسائر كبيرة.
في المقابل، تقدم الحوثيون نحو مدينة زنجبار في أبين، لكن اللجان الشعبية والقبائل تمكنت من صدّ هذه القوات.
وكشفت مصادر عسكرية لـ "العربي الجديد" أن "اللواء 15 مشاة في أبين، انضم إلى لواء المجد التابع للحرس الجمهوري الموالي لصالح". المصادر نفسها أوضحت أيضاً أن "إحدى كتائب لواء المجد تمت السيطرة عليها من قبل اللجان الشعبية".
أما في عدن، وصلت بارجة حربية صينية، دخلت ميناء عدن وأجلت رعاياها من الدبلوماسيين، بعد توقف مواجهات ليلة دامية بين المسلحين الحوثيين والقوات الموالية لصالح من جهة، واللجان الشعبية والأهالي من جهة أخرى، في محيط مطار عدن ومعسكر بدر، وفي مدن دار سعد والمنصورة والشيخ عثمان.
وسقط في هذه المواجهات عشرات القتلى والجرحى، فيما تم السيطرة على عدد من الدبابات والمدرعات التابعة للحوثيين، من قبل اللجان الشعبية والأهالي، الذين يخوضون حرب شوارع مستمرة ضد المئات من المسلحين الحوثيين. كما تمددت الاشتباكات لتصل إلى مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج، القريبة من عدن.
وفي الضالع قتل عشرة من المسلحين الحوثيين، في هجمات نفذتها ما تعرف بـ"المقاومة الشعبية الجنوبية"، فيما ارتفع عدد الجرحى في المدنيين في الضالع، بسبب قصف اللواء 33 على مدينة الضالع والقرى المجاورة إلى 40 جريحاً.
لكن على الرغم من الضربات التي يتلقاها الحوثيون، إلا أنهم لا يزالون يتقدمون في أكثر من منطقة. وما زالت التعزيزات تصل إليهم تباعاً، من مناطق عدة، بما فيها عبر البحر.
وفي السياق، يقول المحلل السياسي مدين مقباس لـ "العربي الجديد"، إن "الجنوب يمر بأزمة قيادة، لذلك يحتاج الجنوب في الفترة الحالية، إلى قيادات ميدانية قادرة على التنسيق في العمل الميداني، بين الأهالي والقبائل واللجان الشعبية من طرف، وبين الجيش المتبقي والموالي للرئيس هادي من طرف آخر، واستغلال الضربات الجوية التي يقوم بها التحالف العشري، عبر عاصفة الحزم، لتغطية الفراغ الموجود في تلك المناطق، التي يخسر فيها الحوثيون".

اقرأ أيضاً: "عاصفة الحزم": اليمن والخيار الصعب

المساهمون