مخارج قانونية لإلغاء أول حكم نهائي ضد مرسي

مخارج قانونية لإلغاء أول حكم نهائي ضد مرسي

24 أكتوبر 2016
تغير النظام أو استقلالية القضاء شرط لمحاكمات عادلة(أحمد جميل/الأناضول)
+ الخط -
تشكل إدانة محكمة النقض المصرية للرئيس المعزول، محمد مرسي، في القضية المعروفة بــ"أحداث الاتحادية"، أول حكم نهائي ضد مرسي، منذ الانقلاب العسكري واعتقاله. وتمثل أيضاً دليلاً على إغلاق النظام الحاكم في مصر سبل المصالحة أو التقارب مع التيارات الإسلامية المعارضة. لكن القضية نفسها لا تزال تتضمن بعض الثغرات التي يمكن استغلالها مستقبلاً في إلغاء حكم الإدانة وتغيير الواقع القانوني، إذا تغيرت الظروف السياسية في مصر.

وتكشف مصادر قانونية أن كتاب تعليمات النائب العام لأعضاء النيابة العامة المصرية، الذي يعتبر القاعدة الإجرائية لأعمال النيابات في مصر، ينص على عدد من المواد التي يمكن أن تمثل طوق النجاة لمرسي والقياديين، محمد البلتاجي، وعصام العريان، وستة آخرين من "الإخوان"، أدينوا بالسجن المشدد في هذه القضية. وهي تتعلق بأحداث فض اعتصام معارضي مرسي أمام قصر الاتحادية يومي 5 و6 ديسمبر/كانون أول 2012، وصدر الحكم فيها بإدانة 9 متهمين فقط حضورياً، مع صدور أحكام غيابية بحق ستة متهمين آخرين لم تقبض الشرطة عليهم حتى الآن.

ومن المقرر أن يقدم أي متهم هارب، لم يحضر محاكمته الغيابية، إلى المحكمة التي أصدرت الحكم بمجرد ظهوره، سواء بتسليم نفسه أو بالقبض عليه. ووفقاً للمادة 1300 من كتاب النائب العام المذكور، فإنه إذا صدر حكم على شخص في واقعة ثم صدر حكم على شخص آخر في الواقعة عينها، وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهم، فإنه يجوز للنائب العام أو المحكوم عليه أو من يمثله قانوناً أن "يطلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح".

وتسمح المادة 414 من قانون الإجراءات الجنائية المصري باتخاذ إجراء يسمى "طلب إعادة النظر في الأحكام" وذلك في أربع حالات على سبيل الحصر، وهي: إذا حكم على المتهم في جريمة قتل ثم وجد المجني عليه حياً، وإذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل الواقعة عينها، وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهم، وإذا حكم على أحد الشهود أو الخبراء بالعقوبة لشهادة الزور أو إذا حكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى، وكان للشهادة أو تقرير الخبير أو الورقة تأثير في الحكم، وإذا كان الحكم مبنياً على حكم صادر من محكمة مدنية أو من أحدى محاكم الأحوال الشخصية وألغي هذا الحكم.

وتفتح الحالة الثانية من هذه المادة باباً لمفاجآت مستقبلية في القضية. فإذا ظهر أحد المتهمين الغائبين وحوكم وتمت تبرئته بأسباب تنعكس بالإيجاب على موقف المتهمين الآخرين المحبوسين حالياً، ومنهم مرسي، فإنه يجوز للنائب العام أو أي متهم مدان في القضية أن يطلب إعادة إجراءات محاكمته من جديد. وفي حال حدوث ذلك، ما يجيز طلب إعادة الإجراءات نظرياً، فإن النائب العام "يرسل ملف القضية التي صدر فيها الحكم إلى المكتب الفني للنائب العام مشفوعة بمذكرة تشتمل على بيان موضوعها والأوجه القانونية التي تستند إليها في الطلب، ولا يجوز للنيابة إجراء تحقيق في هذا الطلب إلا بأمر من النائب العام، وعليها إرسال التحقيقات بعد إتمامها إلى مكتبه مشفوعة بمذكرة بالرأي، سواء كانت طلب منها أو من غيرها"، وفقاً للمادة 1302 من كتاب تعليمات النائب العام. ويعد النائب العام تقريراً بشأن القضية التي استجد فيها ما يستوجب إعادة محاكمة المتهمين فيها، ويقدمه إلى محكمة النقض مصحوباً برأيه بإعادة المحاكمة أو عدم إعادتها وأسباب توصيته، ثم تقرر المحكمة إعادة الإجراءات من عدمه.

وتؤكد المصادر القانونية أن هذا الطريق، وعلى الرغم مما ينص عليه القانون وتعليمات النائب العام، إلا أنه غير معتاد اتباعه، خاصة في القضايا المهمة للرأي العام. ويلجأ المحكوم عليهم إلى طرق أخرى لإلغاء أحكام الإدانة مثل المطالبة برد الاعتبار، أو محاولة إيجاد أحكام مناقضة لما صدر ضدهم من أحكام، لرفع حالة التناقض هذه إلى المحكمة الدستورية العليا. وتوضح المصادر أن طريق طلب إعادة إجراءات المحاكمة يتوقف في الواقع على تغير النظام السياسي القائم أو على الأقل فض الارتباط بينه وبين السلطة القضائية التي أصبحت بمثابة ذراعه التي يستخدمها للبطش بالمعارضين السياسيين، من جراء التوظيف المستمر للمحاكم في تعقب المعارضين والتنكيل بهم.

وترى المصادر أنه في حال تغير الوضع السياسي في مصر، سيكون "من السهل للغاية" اتباع طريق طلب إعادة الإجراءات لإلغاء حكم النقض الصادر ضد مرسي والبلتاجي والعريان، نظراً لما فيه من تناقض واضح مع الوقائع الحقيقية التي حدثت أمام قصر الاتحادية، وتجاهل الشرطة والنيابة العامة لحقيقة سقوط ضحايا من أنصار مرسي. بالإضافة إلى إمكانية تغيير النيابة موقفها من اعتبار المتظاهرين هم المتهمين في القضية قبل عزل مرسي، إلى اعتبارهم مجني عليهم بعد ذلك. وقد سبق وأصدرت النيابة قراراً بأنه "لا وجه لتحريك الدعوى الجنائية في الواقعة" وهو ما دفعت به هيئة الدفاع عن مرسي أمام محكمتي الجنايات والنقض، لكنها لم تجد آذاناً صاغية لإدراك هذا التحول السياسي في موقف النيابة.