العراق ولحظة الخيار بين واشنطن وطهران

العراق ولحظة الخيار بين واشنطن وطهران

08 ابريل 2020
بومبيو كشف عن حوار استراتيجي يجري التحضير له (Getty)
+ الخط -
في لقاء صحافي مصغر، الثلاثاء، كشف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن أنّ الإدارة "تريد فتح حوار استرتيجي مع العراق في منتصف يونيو/ حزيران المقبل"، ولعل تسميته لرئيس الوفد المفاوض ديفيد هيل، تشير إلى أنه قد تم الاتفاق مع بغداد حول الموضوع والموعد.

وجاء تصريح بومبيو، في سياق الرد على سؤال حول تهديد "كتائب حزب الله" العراقية بوضع فيتو على اختيار أي مرشح لتولي رئاسة الحكومة العراقية لا ترضى عنه. في جوابه، حرص الوزير على تمرير تلميحات عن الخطوط العريضة لهذا الحوار من المنظور الأميركي الذي عبّر عنه من خلال تحديده للتوجهات المطلوب اعتمادها من جانب أي رئيس حكومة قادمة.

في هذا الإطار، تحدث عن "أهمية التزام الحكم في بغداد" بعملية الإصلاح "اللازمة لبناء عراق سيّد مستقل يبتعد عن النمط الطائفي الذي أدى إلى الفساد والإرهاب ". وأوضح أن الحوار يجب أن ينهض على أساس مثل هذه المعايير التي "تريدها واشنطن للدخول في حوار استراتيجي مع العراق لمواجهة العنف والتهديدات التي قد تأتي بها عودة الإرهاب". وفي غمز واضح إلى الدور الإيراني في العراق ورغبة واشنطن في التخلص منه، شدد الوزير على ما سمّاه "رسالة إدارة ترامب التي قامت من البداية على أساس ضمان مسار سياسي (للعراق) يسير قدماً إلى الأمام". وكان الوزير قد سبق له أن رسم هذا المسار في خطاب له في مايو/أيار 2018، طالب فيه إيران بالعودة إلى "سلوك الدولة العادية" وتلبية 12 شرطاً قبل فك العقوبات عنها؛ وهي شروط رأى فيها المراقبون دعوة لتغيير النظام.

ومنذ ذلك الوقت، لم تتزحزح إدارة الرئيس دونالد ترامب عن هذه السياسة. ولم يكن سراً أن الوزير بومبيو وقف وراءها من البداية. وأمس الإثنين، أصدرت وزارته بياناً مطولاً أكّدت فيه مجدداً حيثيات سياستها هذه، بالترافق مع سرد مفصل لما سمته تمويل إيران لنشاطاتها في المنطقة بدل إنفاقها على مشاريع التنمية في الداخل؛ مع التشديد على أن العقوبات لا تمنع طهران من استيراد الحاجات الطبية والغذائية من الخارج، وحتى من الولايات المتحدة، وهي في ذلك كانت ترد على دعوة خطية صدرت الإثنين، بتوقيع مسؤولين أميركيين وأوروبيين سابقين، تطالب إدارة ترامب بتلطيف العقوبات على طهران "لأسباب إنسانية" بغية تخفيف وطأة كورونا التي كانت حصة إيران منها موجعة. بل اقترح الموقعون ضرورة اتخاذ تدابير معينة "لتسريع عملية استيراد الأدوية لإيران والسماح للمصارف بالتعامل معها في هذا الخصوص، مع التوصية بتسهيل موافقة صندوق النقد الدولي على قرض لطهران".

وفي هذا السياق، سبق لصحف أميركية كبرى أن خصصت افتتاحياتها، قبل أيام، لمطالبة الإدارة بموقف مشابه. كما انضمت إليها أصوات مؤيدة للرئيس ترامب، حثته على القيام بمثل هذه "المبادرة لتكون بمثابة رسالة بأن أميركا ليست ضد الشعب الإيراني" كما قال الكاتب والسياسي المحافظ باتريك بيوكانن.

لكن الإدارة ليست في هذا الوارد، وتدعمها في هذا التوجه جهات محسوبة على الخندق الإسرائيلي، مثل "مركز الدفاع عن الديمقراطيات" في واشنطن؛ فاللحظة حسب خطابها تتيح الفرصة لتثمير العقوبات. ومن خلال هذا المنظور، يأتي على ما يبدو مشروع الحوار الاستراتيجي مع العراق كمفتاح لخلخلة نفوذ طهران في بغداد، والذي هدد، أخيراً، ولا يزال، بمواجهة أميركية إيرانية فوق الأراضي العراقية؛ وهذا احتمال حمل البنتاغون على إعادة تمركز قواته هناك، وسحب بعضها للحد من إمكانية استهدافها.

هل مثل هذا الحوار يتعمد الإحراج، وبالتالي توفير الذريعة إذا لم يثمر انسحابًا أميركيًا كثرت التكهنات بشأنه؟ أم أنه تكتيك لتعزيز الفرز العراقي وبلورة التيار المعارض لإيران في العراق؟ ذلك معلّق بانتظار التطورات ومنتصف يونيو/ حزيران.

المساهمون