البوليساريو تعيد أجواء التوتّر لمعبر الكركرات بين المغرب وموريتانيا

البوليساريو تعيد أجواء التوتّر إلى معبر الكركرات بين المغرب وموريتانيا

13 يناير 2020
جبهة البوليساريو تعتبر سباق "أفريقيا إيكو ريس" انتهاكاً مغربياً(Getty)
+ الخط -
عاد التوتّر إلى منطقة المعبر الحدودي "الكركرات"، الرابط بين المغرب وموريتانيا، مع وصول المشاركين في سباق "أفريقيا إيكو ريس" للسيارات إلى هذه النقطة الساخنة في الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو

وعادت هذه الأخيرة لتؤجج الأوضاع بعد انتقال بعض المنتمين إليها إلى هذه النقطة الحدودية التي تعتبر المنفذ البري الوحيد للمغرب، واعتصامهم فيه، ما تسبّب في إغلاقه نهاية الأسبوع الماضي، قبل أن يعاد فتحه أمام حركة المرور يوم أمس الأحد.
وساد ترقّب كبير صباح اليوم الاثنين، حيث يفترض أن يعبر المشاركون في السباق الدولي للسيارات منطقة "الكركرات" من المغرب نحو موريتانيا.
وتعتبر لحظة مرور هذا السباق موعداً شبه سنوي للتوتّر، حيث تعمل جبهة البوليساريو على عرقلته وتهديد المشاركين فيه، فيما كانت تهديدات مماثلة قد أدت إلى تغيير مسار سباق "باريس-دكار" الشهير على الصعيد العالمي، والذي انتقل إلى أميركا اللاتينية. 



ويربط سباق "أفريقيا إيكو ريس" مدينة موناكو الأوروبية بالعاصمة السنغالية دكار، مروراً بالمغرب، وقد بلغ هذه السنة دورته الثانية عشرة.

وأعطيت الانطلاقة الرسمية لهذا السباق يوم الثلاثاء الماضي من ميناء طنجة المتوسط في أقصى شمال المغرب، بمشاركة 688 متسابقا على متن 266 عربة. وتشارك أربع فئات في السباق، وهي كل من الدراجات النارية والسيارات الرباعية الدفع والعربات المعدلة (إس إس في) والشاحنات.


وفيما وجّهت جبهة البوليساريو رسالة احتجاج رسمية إلى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، مطالبة بوقف هذا السباق ومهددة باللجوء إلى "جميع الوسائل" للرد عليه باعتباره انتهاكا من جانب المغرب للوضع القائم في الصحراءـ قام المعتصمون الموالون لجبهة البوليساريو نهاية الأسبوع الماضي بوضع متاريس وإطارات مطاطية في الطريق الرابط بين كل من المغرب وموريتانيا، والذي يمرّ بالشريط العازل الذي أقامته الأمم المتحدة إثر وقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو سنة 1991، وتعتبره الجبهة الانفصالية منطقة محررة وتحاول بسط سيطرتها عليه ومنع حركة السير التي تربط بين المغرب وموريتانيا مروراً بهذا الشريط.

ودفع ارتفاع حدة التوتّر في المعبر الاستراتيجي، والذي يؤمن الربط بين منطقة غرب أفريقيا والأراضي المغربية ومن خلالها بأوروبا، بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إلى إصدار بيان طارئ، أمس الأحد، طالب فيه بالسماح بحركة المرور المدنية والتجارية بشكل منتظم عبر منطقة الكركرات.

وشدّد غوتيريس على ضرورة "الامتناع عن أي إجراء قد يشكل تغييرا في الوضع القائم في المنطقة العازلة"، في إشارة منه إلى تهديدات البوليساريو الهادفة إلى عرقلة مسار سباق "أفريقيا إيكو ريس"، في مرحلته الرابطة بين المغرب وموريتانيا.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة الامتناع "عن أي إجراء قد يشكل تغييرا في الوضع القائم في المنطقة العازلة" بالكركرات، داعيا جميع الجهات الفاعلة إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ونزع فتيل أي توترات".  
وقد تحوّل معبر الكركرات الحدودي إلى نقطة توتّر منذ صيف عام 2016، حين بادر المغرب إلى إطلاق حملة تمشيط للمعبر الحدودي الرابط بينه وبين موريتانيا، مستهدفا شبكات التهريب والاتجار غير المشروع، حيث حجزت السلطات المغربية حينها ما يربو عن 600 عربة غير قانونية، وهو ما ردّت عليه جبهة البوليساريو بإيفاد مجموعة من مسلحيها إلى المعبر، مسبّبة حالة من التوتّر الإقليمي والدولي.

وكشفت التقارير المتتالية التي قدّمها الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن الدولي حول الأزمة المرتبطة بمعبر الكركرات، تفاصيل التحرشات المسلحة التي قام بها منتمون إلى جبهة البوليساريو، وهو ما تطلّب تنفيذ بعثة الأمم المتحدة المنتشرة في الصحراء، والمعروفة باسم "مينورسو"، عمليات استطلاع جوي وإنشاء مركز للمراقبة قرب المعبر، من أجل رصد التحركات العسكرية في هذه المنطقة، ومنع حدوث أي انزلاق نحو المواجهة.

وبعد شهور طويلة من التوتّر، الذي خيّم على المنطقة، انتهت الأزمة من الجانب المغربي في شهر فبراير/شباط 2017، حيث استجابت المملكة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة بسحب قواتها التي دفعت بها نحو المنطقة لمواجهة مسلحي البوليساريو الذين أتوا إليها من معسكراتهم الواقعة إلى الشمال.

لكن الجبهة الانفصالية رفضت الامتثال لذلك الطلب، وبقيت في محيط المعبر الحدودي إلى أن اقترب موعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي في نهاية إبريل/نيسان 2017، حيث قامت بانسحاب جنّبها إدانة رسمية من طرف المجلس.

ورغم هذه الانسحابات، إلا أن المعبر بقي نقطة توتّر، خاصة من جانب جبهة البوليساريو، التي تلوّح بتهديده كلما واجه ملف الصحراء أزمة جديدة.