مشرعون أميركيون يهددون بعرقلة اتفاق تجارة مع بريطانيا

مشرعون أميركيون يهددون بعرقلة اتفاق تجارة مع بريطانيا بحال "بريكست" بلا اتفاق

31 يوليو 2019
حذر النائب ريتشارد نيل من المخاطرة باتفاق "الجمعة العظيمة"(Getty)
+ الخط -

أثارت تهديدات الحكومة البريطانية بالتوجه نحو "بريكست" من دون اتفاق، حفيظة عدد من المشرعين الأميركيين، الذين تعهدوا بعرقلة أي صفقة تجارية بين بريطانيا والولايات المتحدة، في حال زعزعة استقرار الجزيرة الأيرلندية.

وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، قد لوّح بصفقة التجارة الحرة بين لندن وواشنطن على أنّها البديل للاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، بينما وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من جانبه بأن تكون الصفقة بين البلدين "كبيرة جداً" وستزيد من حجم التجارة بينهما "أربعة أو خمسة أضعاف".

إلا أنّ ترامب لن يستطيع الدفع باتفاق تجاري من هذا النوع في وجه كونغرس معاد لسياساته، وخاصة مع وجود معارضة متصاعدة لأي اتفاق بين بريطانيا والولايات المتحدة على حساب اتفاق "الجمعة العظيمة" الذي أنهى الحرب الأهلية الأيرلندية عام 1998.

ويعود الخطر المحدق بالاتفاقية إلى أنّ "بريكست" من دون اتفاق سيؤدي إلى عودة الحدود بين أيرلندا الشمالية والجمهورية الأيرلندية، ويهدد اقتصاد شطري الجزيرة وحرية الحركة بينهما، وهو ما يعني عودة الاضطرابات التي ذهبت بحياة الآلاف.

ويصرّ جونسون على عدم العودة إلى طاولة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حتى إلغاء خطة المساندة للحدود الأيرلندية في اتفاق "بريكست".

وتعد خطة المساندة صمام أمان يضمن استمرار الوضع الحالي بين بلفاست ودبلن، حتى إيجاد بديل يضمن استقرار الجزيرة الأيرلندية في إطار علاقة مستقبلية طويلة الأمد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

إلا أنّ أنصار "بريكست" يرون في خطة المساندة فخاً يهدف لإبقاء بريطانيا في عضوية الاتحاد الأوروبي، وما يعتبرونه "تبعية لبروكسل".

ولكن تصاعد احتمالات "بريكست" من دون اتفاق، منذ وصول جونسون إلى داوننغ ستريت، الأسبوع الماضي، دفع عدداً من المشرعين الأميركيين إلى التهديد بحرمان بريطانيا من اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة.

وقال العضو في مجموعة أصدقاء أيرلندا في الكونغرس الأميركي، والنائب عن الحزب الديمقراطي ريتشارد نيل، إنّ "البعد الأميركي في اتفاق الجمعة العظيمة أساسي"، مشيراً إلى دور الولايات المتحدة في رعاية اتفاق "الجمعة العظيمة" وضمانه.

وأضاف "نشرف على جميع الاتفاقيات التجارية كجزء من عملنا في الولاية الضريبية. وسيكون لدي القليل من الحماسة لدعم اتفاق تجاري ثنائي مع المملكة المتحدة إذا وضعت الاتفاق (الجمعة العظيمة) في خطر".

أما النائب عن الحزب الجمهوري بيت كنغ، فحذر، في تصريحات أوردتها صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، اليوم الأربعاء، من أنّ التلويح بالتخلّي عن خطة المساندة وتهديد الحدود المفتوحة "استفزاز لا داعي له"، مؤكداً أنّ حزبه "لن يتردد في الوقوف في وجه ترامب حول هذه المسألة".


وتشهد الولايات المتحدة أيضاً محاولات حثيثة من اللوبي الأيرلندي، في مواجهة تعنت لندن. فقد وجهت لجنة حماية اتفاق "الجمعة العظيمة"، والتي تضم عدداً من السياسيين الأميركيين، وتشكلت بداية العام الحالي، خطاباً إلى وزير أيرلندا الشمالية في الحكومة البريطانية جوليان سميث، يوم الأحد، لتعبر عن قلها من المسار الذي يسلكه جونسون.

جونسون يزور أيرلندا الشمالية

وفي الوقت ذاته يلتقي جونسون قادة الأحزاب الأيرلندية في بلفاست، اليوم الأربعاء، في إطار جولة شملت أيضاً كلاً من اسكتلندا وويلز.

وأصرّ جونسون في زيارته على تبنيه لأهمية اتفاق "الجمعة العظيمة"، وأنّ حمايته أولوية لحكومته.

ومما يزيد من تعقيد الوضع في أيرلندا الشمالية، انهيار حكومتها الائتلافية المحلية منذ بداية عام 2017، وعدم تمكّن الأطراف المختلفة من التوصل إلى تسوية تضمن عمل السلطة التنفيذية في الإقليم.

وتحظى حكومة جونسون بدعم نواب "الحزب الاتحادي الديمقراطي" الموالي للتاج البريطاني في برلمان ويستمنستر، بينما يمتنع نواب حزب "شين فين" المؤيد للجمهورية الأيرلندية عن حضور الجلسات البرلمانية في لندن.

واستغلت زعيمة "شين فين" ماري ماكدونالد، زيارة جونسون الحالية لبلفاست، وأزمة الحدود الأيرلندية، للمطالبة بالتحضير لاستفتاء في أيرلندا الشمالية على الانضمام إلى الجمهورية الأيرلندية، والذي تضمنه فقرات اتفاق "الجمعة العظيمة".



وكانت أول مكالمة بين جونسون ونظيره الأيرلندي ليو فارادكار، قد فاقمت الخلاف بين الجانبين، حيث أصرّ كل منهما على موقف بلاده من خطة المساندة.

وأصرّ فارادكار على أنها جزء أساسي من اتفاق "بريكست" وأنّ الترتيبات البديلة التي يريدها جونسون "غير محددة وغير واضحة بعد."

أما جونسون فيصرّ على أنّ الكرة في ملعب بروكسل في الوقت الراهن، وأنّ الخطوة الأولى للتوصل إلى اتفاق يقبله البرلمان البريطاني تكون في إلغاء خطة المساندة، وهو ما يرفضه الاتحاد الأوروبي.

وفي ظل الجمود الحالي، وتعهد جونسون بالخروج من الاتحاد الأوروبي يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول "مهما كان الثمن"، فإنّ "بريكست" من دون اتفاق، يبدو خياراً أقرب من أي وقت مضى في لندن.