العراق: تمرير البرلمان حزمة الإصلاحات يعيد معركة تطبيقها للعبادي

العراق: تمرير البرلمان حزمة الإصلاحات يعيد معركة تطبيقها للعبادي

12 اغسطس 2015
نصّت ورقة الإصلاح التي قدّمها الجبوري على 16 فقرة(الأناضول)
+ الخط -

حسم البرلمان العراقي، أمس الثلاثاء، موقفه من حزمة الإصلاحات التي أصدرها رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بعد تصويت النواب بالإجماع عليها، مقابل تحديد مهلة شهر للعبادي لتنفيذها وضمّ ورقة إصلاحات مكملة قدمها رئيس البرلمان سليم الجبوري إليها. وتسمح موافقة البرلمان على الإصلاحات للجبوري بالنأي بنفسه وبالبرلمان عن تحمل مسؤولية أي تأخير في تنفيذ الإصلاحات أو عن الخلافات التي قد تنشأ بين المحكمة الاتحاديّة والحكومة حول دستورية القرارات.

وخلال أقلّ من ساعة، عرض رئيس البرلمان، أمس الثلاثاء، ورقتي الإصلاح الحكومية والبرلمانية على التصويت، ليصوت أعضاء البرلمان بالإجماع عليهما من دون التطرق لأيّ تفاصيل. وعقب التصويت، أصدر العبادي، بياناً تعهد فيه بـ"مواصلة طريق الإصلاح وإن كلفني ذلك حياتي"، على حد قوله.

اقرأ أيضاً: البرلمان العراقي يقرّ قرارات العبادي الإصلاحية

ووفقا لمصادر خاصة داخل البرلمان، تواصلت معها "العربي الجديد"، فإن الجبوري عقد اجتماعاً مع رؤساء الكتل قبيل الدخول إلى قاعة البرلمان، وهددهم بأن التصويت سيكون علنياً وأنّ البث سيكون مباشراً أمام العراقيين وسيتم استبعاد التصويت الإلكتروني وتغييره إلى رفع اليد، لكي يتاح للعراقيين أن يشاهدوا أي حزب أو كتلة يعارض الإصلاحات.

وبحسب مصدر برلماني، فإن رؤساء الكتل الشيعية كانت لديهم توجيهات مسبقة من المرجعية الدينية في النجف بقبول القرارات والتصويت عليها من دون إثارة أي شروط أخرى، فيما حصل السنة على مكسب تمرير قانون الحرس الوطني ودعم العشائر في مواجهة تنظيم "داعش"، بينما نال الأكراد وعوداً لحسم قضية النفط والخلاف بشأن تصديره من الإقليم بمعزل عن بغداد.

ونصّت ورقة الإصلاح التي قدّمها الجبوري، وحظيت بتصويت أعضاء البرلمان، على 16 فقرة، أهمها إنجاز عمليّة ترشيق الوزارات والهيئات التي أقرها العبادي خلال مهلة لا تتجاوز 30 يوماً فقط، وإنهاء ملف التعيينات بالوكالة وتقديم المرشحين للتعيين في المناصب العليا من رؤساء الهيئات ووكلاء الوزارات والمستشارين خلال المدة ذاتها. ويُضاف إلى ذلك إنهاء ملف التعيينات بالوكالة في المناصب العسكرية والأمنية وتقديم المرشحين لرئاسة أركان الجيش ومعاونيه، ودعوة رئيس البرلمان الى إقالة كل من وزراء الكهرباء والموارد المائية ومن يثبت تقصيره في إدارة وزارته.

وتضمّنت الوثيقة أيضاً تقليل أعداد حماية المسؤولين، بدون استثناء، إلى النصف خلال 15 يوماً فقط، وتشريع القوانين التي نصّ عليها الدستور كالمصالحة الوطنية وقوانين الأحزاب والمحكمة الاتحادية والحرس الوطني. ويضاف إلى ذلك دعوة مجلس القضاء الأعلى الى تقديم ورقة إصلاح قضائي، تضمن عدم تأثر القضاء بالضغوط السياسية، والمباشرة باستجواب الوزراء ورؤساء الهيئات المستقلة ممن استكملت إجراءات استجوابهم، ومحاسبة وملاحقة الفاسدين ومن سرقوا المال العام، وإحالة ملفات الفساد وخصوصاً عقود التسليح إلى القضاء.

ويبدو أنّ الجبوري، من خلال سرعة تمرير الإصلاحات في البرلمان، استطاع التخلص من أي تبعات لتأخير التصويت على "حزمة الإصلاحات" التي أقرّها العبادي وحاول إلقاء مسؤوليّة تمريرها في ملعب البرلمان لينأى بنفسه عن تحمل أيّ مسؤولية تنتج من تأخير تطبيقها.

واعتبر مراقبون أنّ رئيس البرلمان تصرّف بحنكة إزاء محاولة العبادي إلقاء المسؤولية عليه. واستطاع الجبوري أن يضع العبادي في زاوية ضيقة جدّاً من خلال منحه مهلة شهر واحد لتنفيذ ورقة الإصلاح التي تقدّم بها كاملة.

ورأى المحلل السياسي، عبد الغني النعيمي، أنّ "رئيس البرلمان استطاع أن يقلب الطاولة على رئيس الوزراء حيدر العبادي". وقال النعيمي لـ"العربي الجديد"، إنّ "ورقة الإصلاح المقدّمة من قبل العبادي كانت مجرّد لعبة سياسيّة لامتصاص غضب الشارع العراقي، وإخلاء مسؤولية العبادي عن كل الملفات وإلقائها في ساحة البرلمان"، مستدركاً بالقول "لكن اليوم وبعد التصويت عليها، مقترنة بورقة الإصلاح البرلماني، استطاع الجبوري أن يجعل منها ورقة إصلاح حقيقية ملزمة التطبيق ولا يمكن التملص منها".

وأوضح النعيمي أنّ "ورقة العبادي تضمّنت مخالفات دستوريّة لا يمكن تمريرها إلّا من خلال تعديل الدستور، وأنّ العبادي يعلم ذلك"، مشيراً إلى أنّ "الجبوري اليوم استطاع أن يحصل على دعم كامل من الكتل البرلمانية، وتخلّص من مسؤوليّة إقرار الإصلاحات وألقاها في ساحة المحكمة الاتحادية ليخرج البرلمان منها، وتكون الخلافات بين المحكمة الاتحاديّة والحكومة، والتي ألزمت بتطبيق الإصلاحات خلال شهر واحد فقط".

وأشار النعيمي إلى أنّ "إلزام العبادي مهلة شهر واحد لتطبيق ورقته، سيفتح عليه أبواب خلافات سياسية مع أغلب الكتل، قد تنتهي بما لم يضعه العبادي في الحسبان، وسيكون البرلمان بمنأى عن كل تلك الخلافات وينتظر ما ستؤول إليه الأمور".

من جهته، قال القيادي في تحالف القوى العراقيّة، محمد العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العبادي لن يستطيع تمرير ورقة الإصلاح التي ألقيت على كاهله، وأن المهلة التي منحها البرلمان له غير كافية للتغلب على الصراعات السياسية". وأشار العبيدي إلى أنّ "العبادي حاول التملّص من مسؤولية كل فقرات ورقة الإصلاح وإلقاءها في ساحة المرجعية (الدينية في النجف) من خلال حديثه أنّ الورقة هي مطابقة لما دعت له المرجعية"، مبيناً أنّ "المرجعيّة تنصّلت من العبادي، وأكّدت أنّ ورقة الإصلاح جاءت طبقاً لمطالب المتظاهرين ولا علاقة لها بها، لتضع العبادي في مأزق جديد".

في غضون ذلك، أعلن مجلس القضاء الأعلى أنّ "أبواب القضاء والادعاء العام مفتوحة لتلقّي الشكاوى بما فيها المتعلقة بالفساد". وأوضح المتحدث باسم المجلس، عبد الستار البيرقدار، في بيان صحافي، أنه سيتم "التعامل مع هذه الشكاوى مهما كان منصب المتهم فيها وعنوانه، وفق القانون والأدلة والقرائن المتوفرة".

اقرأ أيضاً رسائل العبادي: التغيير على مراحل ونفوذ المرجعية الدينية الأقوى