شهادات عن الترحيل القسري من عدن: إنذار للأسوأ

شهادات عن الترحيل القسري من عدن: إنذار للأسوأ

تعز

وجدي السالمي

avata
وجدي السالمي
16 مايو 2016
+ الخط -
تتسارع الأحداث في المحافظات اليمنية الجنوبية بشكل دراماتيكي ومربك، منذ تحرير مدينة المكلا، أواخر شهر أبريل/نيسان الماضي، من سيطرة تنظيم "القاعدة"، وهو ما شكّل نقطة متقدمة نحو مطلب "استعادة الدولة". لكن، في مكان آخر من الجنوب، كانت ولا تزال تدور فصول مأساوية لناحية شعار بناء الدولة نفسه، تمثلت باعتقال اللجنة الأمنية العليا في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، حتى يوم الخميس 13 مايو/أيار الحالي، 1207 مواطنين يمنيين من أبناء المحافظات الشمالية، وقامت بتهجير جماعي لـ841 مواطناً إلى محافظة تعز (158 كيلومتراً شمال مدينة عدن)، في حين ما يزال 388 مواطناً في معتقلات متعددة. ورغم ما تناقلته وسائل الإعلام نقلاً عن مسؤولي عدن لناحية التوقف عن تنفيذ تلك الحملة، فإنّها لا تزال مستمرة وبالوتيرة نفسها، لتصبح ترحيلاً جماعياً عرقياً.
ويفيد الناشط أحمد الوافي، وهو من المتابعين لقضية الترحيل، بأنه تم اعتقال 109 طلاب من أبناء تعز يومي الجمعة والسبت الماضيين. ويلفت إلى أن 70 منهم من طلاب المعاهد المهنية، فيما 39 من الطلاب ينتمون لكلية المجتمع للعلوم التقنية. وبينما يؤكد الوافي أن الحملة لا تزال مستمرة، يلفت إلى أنها تأخذ أشكالاً جديدة نتيجة مداهمات تهدف إلى بثّ حالة الرعب بين البسطاء من أجل إجبارهم على الرحيل. ويشير إلى أن العديد من أبناء محافظة تعز اضطروا بالفعل للمغادرة نتيجة هذا الضغط.

في السابع من مايو/أيار الحالي، نفّذت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة المحلية في محافظة عدن اليمنية، وبدعم من التحالف العربي، حملة اعتقال واسعة طاولت مواطنين يمنيين من محافظات شمالية. واجهت الحملة، انتقادات من هيئات حقوقية عدة، وشخصيات سياسية ومثقفين، واعتبر عدد من منظمات حقوق الإنسان أن ما تقوم به السلطات المحلية في عدن من تهجير للسكان يُشكّل "انتهاكاً واضحاً" لحقوق الإنسان.

من جهتها، دعت معظم القوى السياسية اليمنية الموالية للشرعية، إلى احترام حقوق المُرحّلين من منازلهم، مع "التفهّم" لمخاوف عدن أمنياً. وطالبت الحكومة بالتحقيق في جريمة انتهاك حقوق المواطنة، في الوقت الذي خرجت فيه تظاهرات في تعز تستنكر تهجير سكان المدينة. كما رفض رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، تهجير المواطنين اليمنيين من أبناء تعز، بينما طالب رئيس الحكومة، أحمد بن دغر، المسؤولين عن ذلك بالاعتذار الرسمي. وتحت هذا الضغط أعلنت اللجنة الأمنية العليا في محافظة عدن، يوم الثلاثاء، توقّف الإجراءات التعسفية، لكنها لم تتوقف.

في السياق نفسه، ذكر مدير المكتب الإعلامي في جامعة تعز، رضوان فارع، لـ"العربي الجديد"، يوم الأربعاء، أن "سوق الخضار المركزي، الذي يقع في مديرية المنصورة في محافظة عدن بات خالياً من الباعة، وارتفعت أسعار الخضروات والفواكه". وكشف عن أن "بعض شركات مجموعة هائل سعيد أنعم، علقت نشاطها، منذ الثلاثاء، وأغلقت الإدارة العامة الواقعة في عدن مكاتبها بفعل ضغط الظرف الأمني الذي تشهده المحافظة". وأضاف أن "مصانع الصوامع التابعة للمجموعة تم إغلاقها من قبل أحد قياديي المقاومة الجنوبية، الذي يطلب من إدارة المصانع توظيف 50 شخصاً من أبناء محافظة الضالع الجنوبية"، مع العلم بأنه تمّ إلقاء القبض على فارع في عدن، يوم الخميس.

حالة أخرى، سُجّلت يوم السبت 7 مايو/أيار، فقد فُرض على محمد سعيد (35 عاماً)، الذي يسكن مع أسرته منذ سنوات في منطقة المنصورة في محافظة عدن، تهجير قسري، كحال الآلاف من قاطني مناطق المنصورة والشيخ والممدارة والمعلا، من أبناء محافظات يمنية شمالية، الذين تركوا خلفهم بيوتاً وأرزاقاً على أمل العودة إليها بعد معالجة قضية التهجير من قبل الحكومة اليمنية.

يروي سعيد قصته، لـ "العربي الجديد"، قائلاً: "كنت عائداً من عملي في منطقة المعلا، حيث أعمل في ورشة لحام مشهورة تابعة لوالدي، ومعي اثنان من أطفالي. وعند وصولنا إلى أحد شوارع مديرية المنصورة، اعترضت طريقي جماعة مسلحة تلبس البزة العسكرية التي يرتديها الجيش اليمني في العادة، بوجه مغطى بقطعة قماش سوداء اللوان، وبطريقة عنيفة ووحشية أمام أطفالي تم ضربي بأعقاب البنادق، وبعد صراخ الأطفال توقف الجنود عن ضربي وقاموا بتفتيشي وأخذ هاتفي ومبلغ مالي قدره 47 ألف ريال يمني (190 دولاراً) كان بحوزتي، ومن ثم أخذوني فوق طقم عسكري، إلى السجن في المنصورة، فيما تركوا الأطفال في الشارع والذين واصلوا مسيرتهم إلى البيت في ظلام الليل".

ويضيف: "تعرضت للتعذيب النفسي والجسدي، داخل سجن المنصورة، كان الليل وحشاً بالنسبة لي، وبعد منتصف الليل أخذوني إلى حوش الترحيل في المنصورة لأفاجأ بمئات المواطنين جميعهم من أبناء تعز، من الذين تم ترحيلهم على متن عربات تابعة للجيش إلى منطقة طور الباحة شمال لحج، وهناك تم فرض مبلغ مالي على كل شخص مقابل السماح له بالسفر إلى تعز، ومن ليس لديه مال يتعرض للضرب من قبل جنود آخرين غير الذين اعتقلونا".

إلى مبنى قديم يتواجد في مدينة الراهدة، جنوبي مدينة تعز، يوجد ممر صغير يؤدي إلى بدروم (بمثابة قبو تحت الأرض)، لا تزيد مساحته عن 20 متراً مربعاً. الغرفة تنخفض متراً عن مستوى الشارع. وتشكل نافذة صغيرة مصدراً وحيداً للنور والهواء. إلى هذه الغرفة لجأت عائلة مصطفى، بعد تهجيرها من عدن يوم الأحد 8 مايو/أيار، وذلك فور تلقّي ربّ الأسرة، مصطفى محمد أحمد، إنذاراً من "عاقل الحارة" (حكيم المنطقة أو الحيّ) يتضمن مغادرة مسكنه في منطقة المنصورة خلال 24 ساعة. أحمد أب لشابين وفتاة: محمد (19 عاماً)، وسعاد (17 عاماً)، المولودة في عدن، ورياض (عامان).

يقول مصطفى، في حديثه مع "العربي الجديد"، إن "وضعنا الآن لا يُقَارَن بالسابق، إذ كنت أسكن في شقة إيجار في منطقة المنصورة، ولدي بقالة في الشيخ عثمان (مغلقة حالياً)، ومن دون مقدمات طلبت قوات الأمن، وعبر عاقل الحارة أن أغادر المنزل، كان ذلك يوم السبت 7 مايو/أيار، فحزمت القليل من أمتعتي وغادرت صباح الأحد، حتى استقر بي الحال في هذا المكان في مدينة الراهدة".

في معتقل السلطات الأمنية في عدن، يتعرّض عشرات المعتقلين لتعذيب يتوزع بين التكبيل، والضرب بقضبان من الخشب، وفقاً لرواية بعض المرحلين، ومنهم فهد عبدالله عبدالولي، الذي يعمل في البناء، لكن الحرب أوقفت كل شيء، مما جعله يبحث عن عمل آخر، يوفّر من خلاله ما يسد جوع أطفاله الستة. لجأ فهد إلى العمل في محل لبيع الخضروات في سوق الخضار المركزي بعدن، مع أحد أقربائه. يقول عبدالولي إنه "في أثناء عودتي، السبت 7 مايو/أيار، تم اعتقالي بحجة أن بطاقتي الشخصية صادرة في شهر مارس/آذار الماضي، من العام الحالي".

ويتابع "توقفت حافلة الركاب عند نقطة تفتيش في منطقة خور مكسر. كنت في طريقي إلى منزلي الكائن في منطقة المعلا، وطلب مني رجال الأمن، إبراز بطاقة الهوية، وقد اتضح للجنود من خلال بيانات بطاقة الهوية أننّي من محافظة تعز. وبناء عليه قبض أحد رجال الأمن على رقبتي وسحبني من الحافلة. غادرت الحافلة، وبقيت بينهم أتعرّض للشتم بعبارات عنصرية".

صادر رجال الأمن كما يصفهم عبدالولي، كل شيء، الجوالَ والبطاقةَ ومبلغاً من المال، و"ما كان بحوزتي من الخضروات والتي كنت قد جلبتها معي طعاماً لأولادي. وتمّ نقلي على متن طقم عسكري إلى السجن العام في منطقة المنصورة. وداخل السجن، تعرضت للتعذيب من قبل السجناء وبعد يومين من التعذيب، حقق السجناء أنفسهم معي، قبل أن يتمّ الإفراج عني في اليوم الثالث، بواسطة أحد جيراني من أبناء محافظة عدن".

في نشوة الموقف وضرورة الاحتفاء بالحرية، رفع عبدالله، إصبعي السبابة والوسطى وصدح بصوت مرتفع "من تعز الحرية والمجد". "عامل، هذه هي مهنتي"، يقول عبدالله، ويروي لـ "العربي الجديد"، أنه "عند منتصف ليل السبت 7 مايو/أيار، جاء طقم، وقام باجتياح اللوكندة (استراحة للنوم). وقام الجنود بإيقاظ العمال من النوم، وطلب بطاقات الهوية، فأحضرنا الأوراق الثبوتية. وبعد أن دفع لهم صاحب اللوكندة مبلغاً من المال تم جمعه من العمال، غادر الجنود المكان".

أما في اليوم التالي، فيروي عبدالله تفاصيل اعتقال العمال قائلاً: "في اليوم الثاني كان الوقت فجراً، خرجنا إلى العمل، وعند نقطة تفتيش جوار سجن المنصورة، تم إيقاف الحافلة التي كنا على متنها، وطلبوا منا بطاقات الهوية. أبرزنا بطاقاتنا، لكن ذلك لم يشفع لنا. قال الجنود: سنقوم بالتحقيق معكم في إدارة سجن المنصورة. أخذونا إلى التحقيق في السجن، لكن مسؤول السجن رفض أن يتم التحقيق معنا هناك. ثم تمّ نقلنا إلى معسكر الدفاع الجوي في عدن، واحتُجزنا حتى الساعة الثانية بعد ظهر يوم الأحد ومنعوا عنا الطعام والماء".

يقول عبدالله إنهم تعرّضوا لشتائم تمسّ حريتهم وكرامتهم، موضحاً أن قوات الأمن لم تسمح له ولرفاقه بالعودة لأخذ معداتهم وملابسهم. ويشير إلى أنه تم ترحيلهم إلى بعد نقطة الحديد في محافظة لحج وهي منطقة غير سكنية، وتم رميهم هناك. ويختم عبدالله حديثه غاضباً: "أنا خريج جامعي عام 2004 وأعمل في النجارة، لأني من دون وظيفة".

عبدالرقيب الهدياني، نائب رئيس تحرير صحيفة "14 أكتوبر" الحكومية، التي تصدر من عدن، يكشف لـ "العربي الجديد"، عن أن "رجال الأمن في نقطة رباط العيدروس في عدن، أوقفت الناشط الحقوقي البارز، عبدالولي هزاع مقبل، وذلك عند عودته من كلية الزراعة في عدن، إلى منزله ظهر يوم الأربعاء، قبل أن يتم ترحيله إلى تعز".

ويلفت إلى أن "هزاع، يعيش في مدينة عدن، منذ عقدين من الزمن، وهو من ضمن فريق مبادرة: نحن نراكم لمكافحة الفساد، ومتزوج من ممثلة اليونيسيف بمدينة عدن، جميلة رحمة الله". ويشير الهدياني، إلى أنه "تم اعتقال عبدالولي، لأن بطاقة الهوية الشخصية، تفيد أنه من مواليد تعز".

إحصائيات
لا توجد إحصائيات رسمية من قبل الجهات الأمنية في عدن، فيما حصلت "العربي الجديد" من نشطاء ومنظمات على إحصائيات متطابقة، تفيد بأنه "خلال يومين فقط من الحملة الأمنية، وصل إلى محافظة تعز 841 مواطناً يمنياً. غالبيتهم من أبنائها. وهي أعلى نسبة تدفق منذ بدء تنفيذ اللجنة الأمنية لحملة الاعتقالات في محافظة عدن، فيما ارتفع عدد المعتقلين حتى يوم الخميس، إلى 1207 مواطنين من الذين ينتمون إلى محافظات شمالية. وقد تم ترحيل 521 منهم إلى منطقة التربة، جنوبي تعز، و220 إلى مدينة الراهدة (38 كيلومتراً جنوب تعز). كما استقبلت مديرية حيفان 120 شخصاً حتى يوم الخميس. وما يزال أكثر من 366 مواطناً في المعتقلات الخاصة بالسلطات الأمنية التابعة للسلطة المحلية في المدينة، من بينهم رجال أعمال وحرفيون وعمال وتجار. كما أُغلق أكثر من 350 محلاً تجارياً، بينهم 240 محلاً لتصنيع تحويلي للأخشاب والحديد والألمنيوم".

وبلغ عدد القتلى ثلاثة، منذ بدء الحملة، وينوّه الناشط، عارف السوري، لـ "العربي الجديد"، في هذا السياق، إلى أن "منظمات حقوقية، عثرت يومي الأربعاء والخميس على جثث ثلاثة مواطنين يمنيين في مناطق مختلفة في العاصمة المؤقتة عدن". ويضيف أنه "عُثر على جثة المواطن، محمد بجاش، وهو من أبناء محافظة تعز، ملقاة بجانب سور سجن مديرية المنصورة وعليها آثار تعذيب. كما عُثر على جثة شخص آخر من تعز أيضاً، في منطقة خور مكسر، ويدعى ابراهيم محمد حسن، وهو موظف في مخازن ميناء عدن. أما في منطقة الممدارة، فقد عُثر على جثمان مواطن مجهول الهوية من محافظة البيضاء".

مبادرة
في اليوم الأول من حملة التهجير، أطلق نشوان نعمان الذبحاني، وهو ناشط حقوقي يعمل ضمن فريق مركز القانون الدولي الإنساني في تعز، مبادرة تهدف إلى مساعدة المرحلين ورصد الانتهاكات التي يتعرضون لها.
يقول الذبحاني، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إنه "صباح الأربعاء توجه برفقة الشيخ سيف عبدالرحمن نعمان، وأمين عام نقابة النقل في مديرية الشمايتين جنوب تعز، مراد قشنون، إلى منطقة الرجاع، من أجل تخفيف معاناة المرحلين من قبل الحملة الأمنية بمدينة عدن من مواطني المحافظات الشمالية. هناك يتم تجميع المعتقلين ونقلهم إلى سجون متعددة في محافظة عدن، ثم ترحيلهم إلى منطقة الرجاع في محافظة لحج، ومنها إلى محافظة تعز".

يوضح الذبحاني أنه "التقى مع الجهات المختصة بمديرية طور الباحة شمالي لحج، والتقى مع علوان العطري (مدير عام مديرية طور الباحة) والعميد مثنى زليط (مدير أمن المديرية)، وعدد من قيادات الحراك الجنوبي في مديرية طور الباحة، ومعهم عدد من الشخصيات الاجتماعية في مديريتي طور الباحة والصبيحة. وتمّ الاتفاق على حسن معاملة الواصلين إلى المنطقة من المرحلين، وتقديم المساعدة لمن يحتاجها وتسهيل عملية نقلهم من مديرية طور الباحة، التابعة لمحافظة لحج، إلى ثلاثة مراكز في الأطراف الجنوبية من تعز، والتي خُصصت لاستقبال المرحلين، وهي: مركز رقم (1) ويقع في مدينة التربة، المركز رقم (2) في مدينة الراهدة والمركز رقم (3) ويقع في مديرية حيفان جنوب تعز". ويلفت إلى أن "الجهات المعنية في محافظة لحج وعدت أن يتم التواصل معهم فور وصول حالات جديدة لعمل اللازم بما يكفل لهم الكرامة الإنسانية".

وفي السياق نفسه، قدمت نقابة النقل في مديرية الشمايتين، والتي تعد مدينة التربة مركزاً لها، على تخفيض أجرة النقل بنسبة 50 في المائة من منطقة الرجاع في طور الباحة، إلى مركز مدينة التربة مراعاة للظرف الإنساني للمرحلين.

وتواصل اللجنة الأمنية العليا في محافظة عدن الحملة الأمنية، في ظل غموض في موقف الرجل الأول والثاني في محافظة عدن، عيدروس الزبيدي، الذي يشغل منصب محافظ المحافظة، ويعد وفقاً لقانون السلطة المحلية، رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة، واللواء شلال شائع هادي، مدير أمن المحافظة.

وثائق
كما حصلت "العربي الجديد"، على وثيقة نصت على "أنه في يوم السبت 7 مايو/أيار، اجتمع اللواء الرابع للحزام الأمني، في محافظة عدن، مع القيادات الأمنية التابعة للحزام الأمني والنقاط وقد خرج الاجتماع بالتالي: (1) إصدار تعميم لجميع النقاط في مداخل محافظة عدن بعدم دخول أي مواطن إلا بالوثائق الرسمية، التي تثبت هوية الشخص أنه من أبناء محافظة عدن، أو بما يثبت سبب دخوله إلى المحافظة. (2) تعميم لجميع عقال الحارات في المحافظة لجمع البيانات الثابتة للساكنين في الأحياء، لا سيما أصحاب المنازل المستأجرة، وأصحاب اللوكندات (الاستراحات)، والورش الحرفية. (3) توجيه مدراء المديريات بعد إصدار تراخيص جديدة للوكندات حتى إشعار آخر. (4) إصدار تعميم لجميع النقاط بعدم عبور السلاح إلا بتوجيهات رسمية من الجهات المختصة وإزالة اللواصق العاكسة من السيارات. (5) تفعيل قرار منع حركة الدرجات النارية واتخاذ اللازم ضد سائقي الدرجات النارية".

وقد تمّ التوقيع على الوثيقة بختم "لواء أمن حماية عدن ـ إدارة النقاط"، على أن يتم تسليم نسخة إلى كل من قيادة التحالف العربي، ومحافظ المحافظة، ومدير الأمن، وقائد الحزام الأمني، ومدراء الشرطة. وتضمنت وثيقة أخرى، صادرة من القيادة العامة لـ"المقاومة" في عدن، وهي جهة غير رسمية، طالبت مجموعة من السكان طلاباً في جامعة عدن من أبناء محافظة تعز ويقيمون في منطقة خور مكسر، بإخلاء السكن الذي يقيمون فيه بعدن. ويؤكد أحد الطلاب لـ"العربي الجديد"، أنه تمّت مغادرة السكن يوم السبت الماضي وتمّ ترحيلهم قسرياً.

في القانون
تُعرّف المراجع القانونية جريمة التطهير العرقي بأنها "كل الأعمال المنظمة التي تقوم بها سلطات رسمية أو غير رسمية (قوى متمردة) أو أفراد وتستهدف إجبار مجموعة سكانية محددة، بشكل مباشر أو غير مباشر، على الرحيل من مناطق سكناها".

وفقاً للتعريف السابق، يقول الخبير القانوني والمحلل السياسي اليمني، عبدالناصر المودع، إن "ما قامت به السلطات الأمنية في عدن في 7 مايو/أيار من ترحيل قسري لمواطنين من المحافظات الشمالية، وسجن آخرين بغرض الترحيل، ومنح آخرين مهلة لمغادرة المحافظات الجنوبية؛ جريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان".

ويضيف أن "توافر العناصر المتمثلة، باستهداف مجموعة سكانية محددة (شماليين)، وترحيلهم عن طريق استخدام القوة القاهرة إلى خارج المحافظات الجنوبية، وحجز مجموعة سكانية محددة (شماليين) بغرض ترحيلهم القسري، ومنح مجموعة سكانية محددة (شماليين) مهلة لمغادرة المحافظات الجنوبية، بالشكل الذي ذكر، فإن العدالة تقتضي محاسبة المسؤولين عنها، من المنفذين، والمقررين، والمحرضين، وكذلك المسؤولين الذين لم يبادروا إلى منعها، ومعاقبة مرتكبيها".

ويوضح المودع، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "تبرير المسؤولين في عدن جريمة التطهير العرقي بأنها أتت لمخالفة المرحلين نظام الإقامة في عدن، وبأن المرحلين لا يحملون هويات شخصية، ليست له أية حجة قانونية، فمحافظة عدن هي جزء من الجمهورية اليمنية، وليس هناك من نظام إقامة في عدن أو أية مدينة يمنية أخرى تشترط على المقيمين من اليمنيين، الحصول على إقامة فيها، وكأنهم أجانب". وينوّه إلى أن "قيام السلطات في عدن بابتداع مثل نظام كهذا يعد جريمة إضافية، لأنه يتعارض مع دستور الجمهورية اليمنية وقوانينها النافذة، والتي تنصّ على أن جميع المواطنين لهم نفس الحقوق والواجبات، وفرض إقامة على الشماليين في محافظة عدن يعتبر نوعاً من التمييز الواجب معاقبة مرتكبيه".

وعن تحجج السلطات في عدن بأنها "لا تعترف بدستور الجمهورية اليمنية"، فيراه المودع "احتجاجاً باطلاً، لأن محافظ عدن ومدير أمنها يستمدان شرعية ممارساتهما لوظائفهما من تعيينهما من قبل رئيس الجمهورية اليمنية، والتي هي الدولة صاحبة الولاية في محافظة عدن وفقا للقانون الدولي".

ويردف أنه "كما أن محافظ عدن قد أدى القسم الدستوري الخاص بهذه الجمهورية، وفي ما يتعلق بالحجة الأخرى التي أعلنتها سلطات عدن لتبرير الترحيل الجماعي على أساس مناطقي، والمتعلقة بعدم وجود هويات شخصية للضحايا؛ فإنها حجة غير قانونية".

ويلفت إلى أنه "ليس هناك من قانون في الجمهورية اليمنية يمنح السلطات الأمنية الحق بمعاقبة أي شخص لا يحمل هوية شخصية، ناهيك عن طرده". ويضيف أن "خطورة جريمة التطهير العرقي التي حدثت في عدن، تكمن في أنها لن تكون الأخيرة، فهذه الجريمة قد تفتح الباب لعمليات جديدة من التطهير العرقي، قد تطاول مئات الآلاف من المواطنين في المحافظات الجنوبية، الذين تعود أصولهم بشكل أو بآخر إلى المحافظات الشمالية، في ظلّ وقوع عمليات انتقامية لمئات الآلاف من المواطنين في المحافظات الشمالية التي ترجع أصولهم للمحافظات الجنوبية". ويعتبر المودع، أن "جميع هؤلاء معرّضون لجرائم تطهير عرقي في حال مرت هذه الجريمة، من دون إدانة مجتمعية كاملة وعقوبات قانونية أقلها عزل المسؤولين عنها من مناصبهم الرسمية". ويرى أن "تعيين شخصيات لا تؤمن بالجمهورية اليمنية، ولا بدستورها وقوانينها، في مناصب قيادية، هي قرارات خاطئة لا تنسجم مع الدستور، الذي يُجرّم كل من يدعو إلى تقسيم الدولة". ويتابع إن "تعيين هؤلاء في مناصب قيادية عمل غير قانوني وغير مسؤول، وليست له جدوى سياسية".

دلالات

ذات صلة

الصورة
11 فبراير

سياسة

تحيي مدينة تعز وسط اليمن، منذ مساء أمس السبت، الذكرى الثالثة عشرة لثورة 11 فبراير بمظاهر احتفالية متعددة تضمنت مهرجانات كرنفالية واحتفالات شعبية.
الصورة
عيدروس الزبيدي (فرانس برس)

سياسة

أفادت قناة كان 11 العبرية التابعة لهيئة البث الإسرائيلي، مساء الأحد، بأن الانفصاليين في جنوب اليمن أبدوا استعدادهم "للتعاون مع إسرائيل في وجه تهديد الحوثيين".
الصورة

سياسة

خرج آلاف اليمنيين يوم الجمعة في مسيرات حاشدة في عدد من المحافظات نصرة للشعب الفلسطيني وتنديداً بالقصف والجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق سكان قطاع غزة المحاصر.
الصورة
أطفال يمنيون في مركز صحي في اليمن (محمد الوافي/ الأناضول)

مجتمع

في قطاع صحي منهك من جرّاء تداعيات حرب اندلعت قبل نحو تسعة أعوام، يواصل اليمن مواجهة مرض الحصبة الذي أودى بحياة مئات الأطفال في خلال أشهر فقط.

المساهمون