الصدر يدخل على خط التظاهرات: تأهب استعداداً لـ25 أكتوبر

الصدر يدخل على خط تظاهرات العراق: تأهب استعداداً لـ25 أكتوبر

21 أكتوبر 2019
أدخلت الحكومة قوات أمنية جديدة حيّز العمل(أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -
قطع العراقيون موعداً نهائياً لاستئناف التظاهرات يوم الجمعة المقبل، وسط بدء تحضيرات واسعة من قبل الحكومة العراقية تحسباً لسيناريو تظاهرات طويلة الأمد هذه المرة. وأعلنت الحكومة، يوم الخميس الماضي، عن دخول القوات الجديدة (حفظ القانون) التي كانت أعلنت عنها أخيراً ضمن حزمة قرارات ما بعد تظاهرات الأول من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، حيز العمل فعلاً، وأكدت في بيان لها أنّ القوة الجديدة ستكون مختصة في التعامل مع التظاهرات والحفاظ على سلميتها وحماية الممتلكات العامة والخاصة. في هذه الأثناء، وفي بيان لم يبد مفاجئاً للعراقيين، أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، دعمه المباشر للتظاهرات، وهو ما يعني دخول أنصاره على خط التحركات المرتقبة واتساع رقعتها بشكل أكبر مما كانت عليه بين الأول والثامن من أكتوبر الحالي.
الحكومة العراقية، التي لم تقدم إلى الآن سوى الوعود والقرارات التي باتت تطلق عليها اسم "الحزم الإصلاحية"، من دون أن يلمس المواطنون أي تغيير، من المقرر أن تبقي على الكثافة الأمنية والعسكرية بمدن الجنوب، حتى بعد انتهاء مراسم زيارة أربعينية الإمام الحسين في كربلاء، وذلك تحسباً للتظاهرات المرتقبة، وفقاً لمسؤول عراقي رفيع تحدّث لـ"العربي الجديد". وقال المسؤول نفسه إنّ "فراغ الزائرين من كربلاء وعودتهم إلى بلدانهم بالنسبة لغير العراقيين، وعودة الأخيرين لمدنهم، لن يكون إيذاناً بإنهاء الخطة الأمنية بسبب تصاعد الدعوات للتظاهر".
وأشار إلى أنه "من المرجح أن تنضم أطراف أخرى إلى التظاهرات غير التيار الصدري، مثل تيار الحكمة لعمار الحكيم وجمهور ائتلاف النصر التابع لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي".

ويتوقع أن تكون التظاهرات يوم الجمعة المقبل في بغداد وذي قار والقادسية وبابل والمثنى والنجف وكربلاء وواسط وميسان، في وقت ما زال الوضع مشوشاً في البصرة جنوبي العراق، بسبب استمرار عمليات الاعتقال بصفوف الناشطين، والترهيب الذي تعرّض له المتظاهرون في الأيام الماضية، أغلبه من قبل جماعات مجهولة. وكان عبارة عن رسائل هاتفية أو مكالمات تحذرهم من مغبة تحشيد الشارع للتظاهرات.
وجاء موقف الصدر، الداعم للتظاهرات، بعد سلسلةٍ من البيانات والمواقف التي صدرت عنه، والتي حملت انتقادات لاذعة لحكومة عادل عبد المهدي، كان آخرها الدعوة لإقالة الحكومة (شلع قلع)، والذي يعني استقالة الرئاسات الثلاثة والنواب، وإجراء انتخابات مبكرة برعاية وإشراف الأمم المتحدة.
وقال الصدر في بيان له مساء أول من أمس السبت، مخاطباً المتظاهرين "لعلكم عزمتم أمركم على أن تتظاهروا في الخامس والعشرين من الشهر، وهذا حق من حقوقكم، لكني أريد أن أطلعكم على ما يجري خلف الستار، كل السياسيين والحكوميين يعيشون في حال رعب وهستيريا من المد الشعبي، وكلهم يحاولون تدارك أمرهم، لكن لم ولن يستطيعوا، فقد فات الأوان".
وأكد زعيم التيار الصدري أنّ "كلهم علموا أنهم سلموا أنفسهم لمن هم خارج الحدود، وأنهم لن يستطيعوا إصدار أي قرار من دون موافقاتهم، وكل حسب توجهاته. وكلهم أيقن أنّ العراق صار ساحة لتصفية الحسابات الداخلية والخارجية، وكلهم أذعنوا أن أغلبية الشعب لا تريدهم".
وخاطب الصدر المتظاهرين بالقول: "أيها الثوار الأحرار، يا عشاق الإصلاح لا يُصلح العراق من حيث يَفْسُد، ولتتحدوا كشعب واحد، ولمطلب واحد، ولهدف واحد، وبشعار واحد، وإياكم أن تتفرقوا فقوتكم بوحدتكم، ولتعلموا أنكم أمام أنظار العالم كله، بل البعض تأثر بكم، فقد دب الحماس في قلوب الشعوب العربية وأولها لبنان".


في السياق، أكّد مقرب من مقتدى الصدر في منطقة الحنّانة بمدينة النجف، حيث مقر أغلب رجال الدين والمراجع، أنّ بيان الصدر "إعلان رسمي بمشاركة الصدريين في تظاهرات 25 أكتوبر، بل هو دعوة لهم للمشاركة الفاعلة". وأوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "حضور أنصار التيار الصدري الجمعة المقبل، سيكون للمشاركة كمتظاهرين، وليس قيادة أو تمثيل رسمي للاحتجاجات الشعبية، فالصدر هذه المرة يريد أن يقرر الشعب ما يريد، من دون وجود قيادة للتظاهرات".
من جانبه، قال القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "جماهير التيار من الفئة المحرومة، ولهذا سيكون لهم حضور فاعل وقوي في تظاهرات 25 أكتوبر، وهذا الأمر في صالح التظاهرات والاحتجاجات، وليس ركوباً للموجة، كما يروج البعض".
أما الخبير في الشأن السياسي، هشام الهاشمي، فاعتبر في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "مشاركة التيار الصدري في تظاهرات 25 أكتوبر، سوف تمنع قمعها وتحجب القناصة ومطلقي النار عن المتظاهرين"، مضيفاً "مشاركة التيار ستوفر الحماية والزخم، كما أنّ اشتراك الصدريين بهذه الاحتجاجات، قد يعجّل من استقالة حكومة عادل عبد المهدي".
بدوره، رأى النائب عبد الله الخربيط، القيادي في تحالف "القوى العراقية"، بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أنّ مشاركة الصدريين في التظاهرات "تعني أنها قد تحمل تغييراً في المشهد العراقي ككل". وقال في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "التيار الصدري هو من وافق على رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، والآن مشاركته في التظاهرة ضدّ الحكومة، يمكن أن تكون من باب تصليح خطأ ارتكبه".

من ناحيته، قال أحمد الحلو، وهو أحد قادة تنسيقيات تظاهرات 1 أكتوبر، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "إذا كانت مشاركة التيار الصدري في تظاهرات 25 أكتوبر حزبية، فهي غير مرحب بها، أما إذا كان نزولهم كعراقيين متضررين وكثوار من أجل بلدهم، فأهلاً بهم كثوار خرجوا للقصاص من الفاسدين، بما في ذلك نوابهم، ومن يمثلهم في الحكومة العراقية".
وأوضح أنّ "هناك طبقة كبيرة جداً من التيار الصدري متضررة من العملية السياسية في العراق، كما لا يمكن قياس جماهير هذا التيار على أنهم حكومة أو مع الحكومة، فهم الأكثر ضرراً منها"، مؤكداً "نرحب بمشاركة التيار الصدري، كجزء مهم من الشعب العراقي في الاحتجاجات، بل هذا واجب عليهم، كمواطنين عراقيين". ولفت إلى أنّ "التظاهرات الشعبية العراقية ليس لها أي قائد، ولن نقبل بأن يكون لها قائد أو متحكم بها، لا التيار الصدري ولا غيره، فهذه التظاهرات يقودها الشعب".
وشدد الحلو على أنه "نرفض قيادة التيار الصدري للتظاهرات خصوصاً أنه سبق له أن قام بذلك ودخل إلى البرلمان، لكن الأمر انتهى بصفقة سياسية، وخسرنا الكثير من السنوات والأرواح بسبب قيادة التيار الصدري للتظاهرات". وأضاف أنه "إذا كانت نوايا التيار الصدري حقيقة من أجل التغيير، فهذا سيعطي الاحتجاجات الشعبية قوة ودعما وينجحها، لكن إذا كانت من أجل الاستعراضات وعقد صفقات سياسية جديدة، فهذ الأمر بكل تأكيد سيفشل من خرج من أجل الشعب العراقي، وهذا ما نخشى منه".

المساهمون